عقارب التوقيتات الدستورية "تلدغ" القوى السياسية

انت الان تتابع خبر عقارب التوقيتات الدستورية "تلدغ" القوى السياسية والان مع التفاصيل

بغداد - ياسين صفوان - طوالَ خمسِ دوراتٍ انتخابيةٍ سابقةٍ، لم تكن مراحلُ انعقادِ مجلسِ النوابِ الفائزِ وانتخابِ الرئاساتِ الثلاثِ، تسيرُ ببساطةٍ، لذلك كانت التوقيتاتُ الدستورية ُ ُتنتهكُ باستمرارٍ، حتى تحوّل الدستورُ إلى حاجز ٍ مهدّمٍ تعبرُ فوقه الإرادة ُ السياسية ُ بلا خشيةٍ من أيِ شيء، وكثيرا ما دخل العراقُ بـ"فراغ ٍ دستوري"َ، لكن لم تترتبْ على هذا الفراغِ تبعات ٌ، لذلك كانت عملية ُ اختراقِ الدستورِ في كلِ مرةٍ تضعُ العمليةَ السياسيةَ بحرجٍ تستشعرُه السلطةُ القضائيةُ التي تقفُ منزعجة ً لكنها عاجزة ٌ عن التدخلِ بسببِ غيابِ النصوصِ القانونيةِ الجزائيةِ التي تحددُ الأثرَ الجزائي لعمليةِ خرقِ الدستور، فالدستورُ حدد التوقيتاتِ لكنه لم يضعْ الأثرَ الجزائي او العقوبة َ المطلوبة َ لمن يخرقُ او يتجاوزُ هذه التوقيتات.

عقرب التوقيتات.. القوى تلدغ من جحر 5 مرات وفي طريقها للسادسة
لكن هذه المرةَ، يبدو ان هناك شيئا مختلفا، جعل من السلطةِ القضائيةِ تكررُ التحذيرَ وتذكرُ القوى السياسيةَ بعقربِ التوقيتاتِ الدستورية، الذي قد يلدغُها للمرةِ السادسة، بالرغمِ من ان المؤمنَ لا يلدغُ من جحرٍ مرتين، الا ان القوى السياسيةَ يبدو انها اعتادت أو ادمنت عملياتِ اللدغِ الدستوري هذه، فرئيسُ مجلسِ القضاءِ الأعلى كرر بمناسباتٍ مختلفةٍ ولثلاثِ مراتٍ حتى الان منذ الانتخاباتِ وبغضونِ شهرٍ واحدٍ، بضرورةِ مراعاةِ التوقيتاتِ الدستورية، لكن هذا الإصرارَ من القضاءِ يفتحُ بابَ التساؤلاتِ عن سرِ هذا التكرارِ، ولماذا يجبُ ان تكونَ هذه الدورة ُ مختلفة ً ولا تبدأُ رحلتُها بانتهاكٍ دستوري كما كانت الدوراتُ السابقة.

اصرار القضاء.. 3 دعوات لاحترام التوقيتات بغضون شهر
قبل موعدِ الانتخاباتِ بيومين، نشر رئيسُ مجلسِ القضاءِ الأعلى القاضي فائق زيدان مقالا اثار الجدلَ في الأوساطِ السياسيةِ والشعبيةِ، عندما وصف موعدَ الانتخاباتِ في الحادي عشر من تشرينِ الثاني بانه خرق ٌ في التوقيتِ الدستوري، وبعد تجاوزِ الحديثِ عن هذا الموعدِ وتحولِه الى امرٍ واقع، شدد القاضي زيدان على ضرورةِ احترامِ بقيةِ التوقيتاتِ الدستوريةِ المتمثلةِ بمراحلِ انعقادِ البرلمانِ الجديدِ وانتخابِ رئيسِ البرلمانِ ورئيسِ الجمهوريةِ ورئيسِ الوزراءِ وتشكيلِ الحكومةِ الجديدةِ بالترتيبِ، بعد ذلك بنحوِ ثلاثةِ أسابيعَ وخلال جلسةِ مجلسِ القضاءِ الأعلى، عاد القاضي زيدان ليذكرَ القوى السياسية َ بضرورةِ احترامِ التوقيتاتِ الدستوريةِ في تشكيلِ السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعقب ذلك بعشرةِ أيامٍ، عاد القاضي زيدان وللمرةِ الثالثةِ بغضونِ شهرٍ ليدعو القوى والشخصياتِ السياسيةَ إلى الالتزامِ بالتوقيتاتِ الدستوريةِ في حسمِ مناصبِ الرئاساتِ الثلاثِ، بل ووصفها بانها "احتكام ٌ إلى الإرادةِ الوطنية الخالصة".

سر القضاء.. احترام التوقيتات سيذيق العراق حكومة بلا تدخلات خارجية "لأول مرة"
تكرارُ القاضي زيدان التأكيدَ على الالتزامِ بالتوقيتاتِ الدستوريةِ فتح البابَ امام التساؤلاتِ الملحةِ حول سببِ الإصرارِ، لكن المقالَ الأخيرَ للقاضي زيدان ربما يكشفُ بالضبطِ ما هو المتغيرُ هذه المرةَ عن الدوراتِ الانتخابيةِ السابقةِ التي تلزمُ بضرورةِ احترامِ التوقيتاتِ الدستوريةِ في حسمِ المناصبِ هذه المرة، ففي مقالِه الذي جاء بمناسبةِ يومِ النصرِ على تنظيمِ داعش، اكد القاضي زيدان ان النصرَ لن يكونَ كاملا دون تحقيقِ السيادةِ، كما انه ربط بين تحقيقِ السيادةِ الوطنيةِ التامةِ والظروفِ الدقيقةِ التي تمرُ فيها المنطقةُ وضرورةِ احترامِ التوقيتاتِ الدستوريةِ، لكنه خصص شيئا محددا اعتبره عاملا مشجعا على احترامِ التوقيتاتِ والمتمثلةِ بتأكيدِ الدولِ الإقليميةِ والدوليةِ التزامَها بعدمِ التدخلِ في شأنِ مناصبِ الرئاسات، وعلى ما يبدو فان "عدمَ التدخلِ" هذا من قبلِ الخارج، نادرُ الحدوثِ مقارنة ً بالدوراتِ الانتخابيةِ الماضية، لذلك كان خرقُ الدستور وتأخيرُ حسمِ المناصبِ مرتبطا بعواملَ خارجيةٍ تفوقُ إرادةَ القوى السياسيةِ، لكن عدمَ تدخلِ الدولِ الأخرى هذه المرةَ يعني ان الامرَ بالكاملِ محصورٌ بيدِ القوى السياسية، ويُفهم من هذا، ان فرصةَ عدمِ التدخلِ الخارجي ربما ستضيعُ اذا لم تحسمْ القوى السياسيةُ تشكيلَ الرئاساتِ ضمن التوقيتاتِ الدستورية، وان خرقَ التوقيتاتِ قد يقودُ الى عودةِ التدخلِ من جديدٍ، وهذا ما لاتريدُه السلطةُ القضائيةُ في العراق.

رحلة الـ120 يوما.. انتهى الربع الأول من التوقيتات الدستورية وبقي 90 يوما
وبينما انتهت المرحلةُ الأولى من المددِ الدستوريةِ المتمثلةِ بالطعنِ بالنتائجِ واجابةِ المفوضيةِ وإنجازِ اعمالِ الهيئةِ القضائيةِ ووصولِ الامرِ الى مصادقةِ المحكمةِ الاتحاديةِ على النتائج، يكونُ الربعُ الأولُ من التوقيتاتِ الدستوريةِ قد سار بانتظام ٍ وهذا الجزءُ من الاعمالِ من مسؤوليةِ الجهاتِ القضائيةِ والمفوضية، لذلك، تبقى هناك ثلاثةُ ارباعٍ من عمرِ التوقيتاتِ الدستوريةِ وهذه من مهمةِ القوى السياسيةِ حصرا، حيث تبدأ بعد مصادقةِ المحكمةِ الاتحاديةِ على النتائج، ومقدمتُها ان يدعو رئيسُ الجمهورية البرلمانَ الجديدَ للانعقادِ خلال خمسةَ عشرَ يوما من المصادقةِ على النتائج، ثم يتم انتخابُ رئيسِ البرلمان في الجلسةِ الأولى، وبعد ذلك يتمُ فتحُ بابِ الترشيحِ لانتخابِ رئيسِ الجمهوريةِ خلال ثلاثين يوما، بعدها يكلفُ رئيسُ الجمهوريةِ الجديدُ مرشحَ الكتلةِ الأكبرِ لرئاسةِ الوزراء خلال خمسةَ عشرَ يوما، وبعد ذلك يكونُ امام رئيسِ الحكومةِ الجديدِ ثلاثون يوما لتقديمِ وزرائِه، أي ان هناك تسعين يوما فقط امام القوى السياسيةِ لمنعِ خرقِ المددِ الدستورية.

أخبار متعلقة :