توثيق جرائم السودان ينتقل لمرحلة حاسمة.. والفظائع ترصد من الفضاء

تدخل الحرب الأهلية في السودان مرحلة جديدة مع تزايد الاعتماد على الأدلة الرقمية وصور الأقمار الصناعية لكشف الفظائع ضد المدنيين، خاصة بعد سقوط الفاشر في يد قوات الدعم السريع.
وتشير التطورات الحالية إلى انتقال العدالة من الاعتماد على شهادات الناجين والمعاينات الميدانية البطيئة، إلى واقع تصبح فيه الجرائم مرئية فورًا من الجو ومؤرشفة رقميًا قبل وصول أي محقق إلى الموقع، وفقًا لتحليل مجلة “فورين بوليسي”.
توضح جانين دي جيوفاني، الرئيس التنفيذي لمشروع “الحساب” والزميلة الأقدم في مدرسة ييل جاكسون، هذا التحول. دي جيوفاني عايشت في التسعينيات فشل المجتمع الدولي في منع مجازر البوسنة ورواندا، وصعوبات المحاكم الدولية في جمع الأدلة.
وترى دي جيوفاني أن السودان يقدم اليوم نموذجًا مختلفًا بفضل أدوات التكنولوجيا الحديثة. ففي سريبرينيتسا ورواندا، اعتمدت الأدلة على مقاطع فيديو نادرة وشهادات فردية وتقارير صحافية. بينما تبدو الأدوات الحالية، مثل صور الأقمار الصناعية وبيانات تحديد الموقع وتحليل المصادر المفتوحة، أسرع وأكثر دقة وقدرة على كشف مسارات الجرائم فور وقوعها.
وبعد حصار طويل للفاشر، تدهورت الظروف الإنسانية وتوالت التقارير عن إعدامات ميدانية وعمليات اغتصاب ودفن ضحايا في مقابر جماعية. ونشر مختبر ييل للبحوث الإنسانية صورًا تُظهر اضطرابات في التربة بالقرب من مستشفى أطفال سابق تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وتشير هذه الصور، وفقًا للتحليل، إلى وجود مقابر جماعية مرتبطة بأعمال قتل واسعة. ووصف مسؤول أممي زار المنطقة المدينة بأنها “مسرح جريمة”، بينما اعتبرت الخارجية الأميركية ما حدث في دارفور بمثابة “إبادة جماعية”.
داخل السودان، تتزايد الشهادات التي تشير إلى أن “المجزرة توثق نفسها”. في مؤتمر بجامعة ييل حول تقنيات مساءلة مجرمي الحرب، قال قسكوندي عبد الشافي من “فريدم هاوس” إن الأقمار الصناعية تظهر بوضوح مناطق محيت عمدًا من الخريطة، بينما يظل العالم غائبًا عن صرخات الضحايا.
وترى جيهان هنري، المحللة السودانية التي تقود أعمال مشروع “الحساب” في دارفور، أن الجناة يسهمون في بناء الأدلة عبر تصوير ونشر عمليات قتل المدنيين. هذه المواد جرى التحقق منها وربطها جغرافيًا بصور الأقمار الصناعية، بل تم تحديد قادة ميدانيين ظهروا فيها. هذا التداخل بين الشهادات البشرية والتحليل الرقمي يجعل طمس الأدلة أصعب، ويتيح متابعة الجرائم أثناء حدوثها في بعض الحالات.
خلال العقد الأخير، توسع استخدام الاستخبارات مفتوحة المصدر في التحقيقات المتعلقة بسوريا وأوكرانيا وميانمار. وطورت مؤسسات مثل “بيلينغكات” و”فورنسيك أركيتكتشر” نماذج لإعادة بناء مشاهد القصف والمسارات الميدانية اعتمادًا على بيانات متاحة علنًا.
كما أصبحت مؤسسات صحافية كبرى تنتج تحقيقات تقنية تُستخدم لاحقًا كأدلة في المسارات القضائية. يدمج مشروع “الحساب” هذه الأدوات مع التحقيق التقليدي، ويعمل على تدريب صحافيين ومحامين على بناء ملفات قابلة للاستخدام أمام المحاكم.
لكن فجوة العدالة لا تزال واسعة. وبحسب دي جيوفاني، التكنولوجيا تكشف الجرائم لكنها لا تستطيع محاكمة مرتكبيها. لا تزال العديد من الفظائع في العالم بلا مساءلة حقيقية رغم توافر الأدلة. يشير المحامي السوداني معتصم علي إلى أن الأدلة الفضائية وبيانات المصادر المفتوحة ليست مجرد مواد توثيق، بل أدوات قد تنقذ الأرواح عندما يتخلى العالم عن مسؤوليته.
قضية الفاشر تمثل لحظة مفصلية في الحرب السودانية. وباتت الفظائع موثقة بصور عالية الدقة، ومشاهد العنف تُسجّل وتُنشَر من قبل مرتكبيها. تجمع المنظمات الدولية الأدلة لحظة بلحظة، فيما تصف الأمم المتحدة ما يحدث بالإبادة.
بعد سؤال: هل تنتقل هذه الأدلة إلى مسار عدالة فعلية، أم تظل، كما في تجارب التسعينيات، ملفات معلّقة في الرفوف الدولية؟ تختتم دي جيوفاني بقولها إن التكنولوجيا أصبحت الشاهد الذي لا يمكن إسكاته، ولا يزال العالم مطالبًا بأن يقرر كيف سيستجيب له.
العربية نت

هبة علي

محررة بكوش نيوز تهتم بشتى جوانب الحياة في السودان والاقليم، تكتب في المجال الثقافي والفني، معروفة بأسلوبها السلس والجاذب للقارئ.

كانت هذه تفاصيل خبر توثيق جرائم السودان ينتقل لمرحلة حاسمة.. والفظائع ترصد من الفضاء لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :