شكرا لقرائتكم خبر عن الدولار الأسترالي يتراجع عقب صدور بيانات توظيف ضعيفة والان مع بالتفاصيل
دبي - بسام راشد - أخبار الفوركس اليوم كما شددت عليه استراتيجية الأمن القومي التي نُشرت مؤخرًا، تركّز إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجديدة على الحفاظ على النفوذ والسيطرة في أميركا اللاتينية. ويُعدّ الضغط المتزايد الذي تمارسه واشنطن على فنزويلا مثالًا واضحًا على هذه السياسة الخارجية الجديدة، إذ شكّل احتجاز ناقلة نفط قبالة السواحل الفنزويلية أحدث تطور في هذا السياق. وفي ضوء ذلك، يصبح من المهم فهم الكيفية التي أصبح بها قطاع النفط في البلاد جزءًا من لعبة القوة الجيوسياسية.
منذ أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على النفط الفنزويلي في عام 2015، تراجع إنتاج الخام في البلاد بشكل كبير. فقد أدت سنوات من انخفاض عائدات النفط إلى تراجع هائل في الاستثمارات في البنية التحتية لقطاع الطاقة، ما يعني أنه حتى لو رفعت الولايات المتحدة العقوبات، فسيكون من الصعب للغاية زيادة الإنتاج ليقترب من مستويات “سنوات المجد”. ومع ذلك، فإن تخفيف العقوبات في السنوات الأخيرة أتاح لفنزويلا زيادة إنتاجها النفطي بصورة ملحوظة. غير أن التصعيد الأخير من جانب البيت الأبيض ضد فنزويلا، بما يشمل ضرب ما يشتبه بأنها قوارب تهريب مخدرات، واحتجاز ناقلة نفط، زاد من حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الإنتاج في البلاد.
تمتلك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية في العالم، لكن مساهمتها في الإمدادات العالمية لا تتجاوز 1% فقط. فالبلد يضم نحو 17% من احتياطيات النفط العالمية، بأكثر من 300 مليار برميل. وبالمقارنة، تمتلك الولايات المتحدة نحو 81 مليار برميل من الاحتياطيات المؤكدة. وفي منتصف التسعينيات، كانت فنزويلا تنتج نحو 5% من إجمالي إنتاج النفط العالمي.
لكن سنوات من سوء الإدارة، وضعف الاستثمارات، والعقوبات الأميركية أدت إلى تراجع كبير في الإنتاج. كما أن الطبيعة الثقيلة جدًا للنفط الفنزويلي تجعل استخراجه عملية معقدة ومكلفة. وفي الوقت الحالي، وبسبب استمرار العقوبات الأميركية على النفط الفنزويلي، يتجه معظم الخام إلى الصين عبر “أساطيل الظل”، بما يمكّن البلدين من الالتفاف على العقوبات.
وفي الأشهر الأخيرة، عززت إدارة ترامب انتشارها العسكري بالقرب من فنزويلا. فقد أمر ترامب بتدمير عدد من القوارب الصغيرة في المنطقة، متهمًا من كانوا على متنها بتهريب المخدرات لحساب كارتلات المخدرات. وذكرت الإدارة أن الجيش الأميركي قتل ما لا يقل عن 87 شخصًا في 22 ضربة معروفة في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي منذ أوائل سبتمبر. ويُعدّ هذا الوجود العسكري الأكبر للولايات المتحدة في أميركا اللاتينية منذ عقود، ما دفع كثيرين للتساؤل عما إذا كانت الهجمات البرية ستكون الخطوة التالية.
وفي ديسمبر، قال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إن الدافع الحقيقي وراء التحركات العسكرية الأميركية هو النفط، وهو ما سارعت وزارة الخارجية الأميركية إلى نفيه. ووافقه الرأي رئيس كولومبيا، غوستافو بيترو، الذي قال إن الحملة العسكرية الممتدة لثلاثة أشهر ضد كاراكاس ليست سوى “مفاوضات بشأن النفط”. وأضاف بيترو أن ترامب “لا يفكر في ديمقراطية فنزويلا، ولا حتى في مكافحة تهريب المخدرات”.
وقد أوضح الرئيس الأميركي موقفه تجاه مادورو مرارًا، عبر الدفع باتجاه تغيير النظام. ففي أواخر نوفمبر، أفادت تقارير بأن ترامب منح مادورو مهلة للتنحي. وفي المقابل، طالب مادورو بـ“عفو عالمي” له ولحلفائه. وعلى الرغم من عدم صدور بيان رسمي من أي من الجانبين، نقلت مصادر لصحيفة ميامي هيرالد أن ترامب قال لمادورو: “يمكنك إنقاذ نفسك وأقرب الناس إليك، لكن عليك مغادرة البلاد الآن”. وبحسب التقارير نفسها، عرض ترامب تأمين خروج آمن لمادورو وزوجته وابنه “فقط إذا وافق على الاستقالة فورًا”.
ورغم وضوح رغبة ترامب في إبعاد مادورو عن السلطة، تبقى مسألة ما إذا كان يسعى فعليًا للسيطرة على نفط فنزويلا غير محسومة. فبالنظر إلى صعوبة استخراج النفط الفنزويلي الثقيل، وتهالك البنية التحتية للطاقة في البلاد، فإن إحياء صناعة النفط لن يكون مهمة سهلة. ويقدر فرانسيسكو ج. مونالدي، مدير برنامج الطاقة لأميركا اللاتينية في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس، إنتاج فنزويلا الحالي من الخام بأقل بقليل من مليون برميل يوميًا، مع إمكانية رفعه إلى ما بين 4 و5 ملايين برميل يوميًا إذا استُثمر 100 مليار دولار على مدى عشر سنوات.
من جهته، قال الخبير القانوني والباحث في صناعة النفط الفنزويلية خوسيه إغناسيو هيرنانديز: “إن قطاع النفط في فنزويلا مدمر… إنه ليس سوقًا جذابة على المدى القصير، وخاصة بالنسبة لدولة مثل الولايات المتحدة، التي تمتلك بالفعل أكبر إنتاج نفطي في العالم”. وأوضح هيرنانديز أن مادورو عرض بالفعل منح الشركات الأميركية حق الوصول إلى مشاريع النفط والذهب في فنزويلا. وأضاف: “لو كان ترامب يريد إبرام صفقة احتكارية للسيطرة على نفط فنزويلا، لكان قبل عرض مادورو”.
ويُعتقد أن عمليات النفط الفنزويلي موزعة على النحو التالي: شركة النفط الوطنية الفنزويلية PDVSA بنحو 50% من العمليات؛ شيفرون بنسبة 25%؛ مشاريع مشتركة تقودها الصين بنسبة 10%؛ وروسيا بنسبة 10%؛ والشركات الأوروبية بنسبة 5%. ومنذ أن خفف ترامب القيود على عمليات شيفرون في فنزويلا، تستورد الشركة الأميركية ما بين 150,000 و160,000 برميل يوميًا إلى الولايات المتحدة.
كما يرى الخبراء أنه حتى في حال حدوث تغيير في النظام، فمن غير المرجح أن تسلّم فنزويلا أصولها النفطية بسهولة إلى الولايات المتحدة. فالحكومة الجديدة لن ترغب في الظهور بمظهر من يقدم موارد البلاد الثمينة للخارج، مما قد يعرضها لمعارضة وطنية. ومع ذلك، قد تسمح لشركات النفط العالمية بالحصول على فرصة أكبر لدخول السوق الفنزويلية مقابل استثمارات ضخمة لإعادة تطوير البنية التحتية المتهالكة للطاقة في البلاد.
ومع خروج زعيمة المعارضة من مخبئها لتسلّم جائزة نوبل للسلام، وقيام الولايات المتحدة باحتجاز ناقلة نفط قبالة السواحل الفنزويلية، يبدو أن الدفع نحو إزاحة مادورو عن السلطة لا يزال بعيدًا عن نهايته.
أخبار متعلقة :