كيف يساعد الاعتناء بالنباتات في تنمية شخصية طفلك؟ جرِّبي والنتائج مُبهرة!

كتبت: ياسمين عمرو في الاثنين 29 سبتمبر 2025 06:59 صباحاً - حدث أنه في صباح يوم ربيعي مشمس، قررت الأمٌّ أن تأخذ طفلها ذا السنوات السبع إلى متجر النباتات القريب؛ لشراء بعض الزهور لتزيين شرفة حجرته، لكن الأمر تحوّل من عملية شراء صغيرة إلى مغامرة تركت أثراً كبيراً في قلب طفلها. يومها دخلنا المتجر وظل طفلي يحدّق بانبهار في صفوف النباتات الخضراء والزهور الملونة، ثم اقترب من أصيص صغير يحمل نباتاً ذا أوراق لامعة، وسألني بحماس: هل هذا يعيش في بيتنا يا أمي؟ أجابته الأم مبتسمة: بالطبع يا حبيبي، لكن علينا أن نعتني به جيداً، تماماً كما نهتم بأنفسنا. في النهاية ما حدث من شراء وحوار لم يكن مجرد أمر عابر، بل بداية رحلة تعليمية عميقة رافقت طفلي لوقت طويل.
حول هذه القصة الناعمة، وللتعرف إلى: كيف يساعد الاعتناء بالنباتات في تنمية شخصية الطفل؟، كان اللقاء وخبيرة التربية وطب نفس الطفل الدكتورة سلمى الدريني؛ للتعرف إلى الآثار الإيجابية المبهرة، التي تلحق بالطفل بعد تربيته للنبات.

شراء نبتة وبداية قصة حب

طفل يسقي الزرع


بعد جولة الأم وابنها في متجر النباتات، عاد الصغير إلى البيت وهو يحتضن أصيصه الجديد بحذر، كأنه يحمل كنزاً، وضع النبتة قرب نافذته، وقال بحزم يشبه كلام الكبار: سأعتني بك كل يوم، لن تدبلي أبداً.
ابتسمت الأم وهي تراقبه، وبداخلها أدركت أن هذه النبتة الصغيرة لن تكون مجرد إضافة للمنزل، بل ستكون وسيلة لغرس قيم كبيرة في قلب صغيرها. وهذا ما سنتعرف إليه.
فالنباتات تزرع في الأطفال دروساً في الصبر، المسؤولية، الفضول، والتعاطف، إنها مدرسة طبيعية لا تحتاج إلى كتب، بل إلى قليل من التراب والماء والكثير من الحب والاهتمام والرعاية المستمرة.

طفلك من 1-8 سنوات يكبر مع النبتة!

أبٌ وولده يزرعان


الزرع مرآة للنمو الداخلي للطفل، عندما يُعطى نبتة صغيرة ليهتم بها، يبدأ بالتعرف إلى معنى الصبر؛ فالأوراق لا تنمو بين ليلة وضُحاها، والجذور تحتاج وقتاً لتترسخ.
هذه العملية التي تبدو بسيطة وهادئة تُعلم الطفل أن النتائج الجميلة لا تأتي بسرعة، بل تحتاج متابعة وانتظاراً، والسنوات الأولى حتى سن الثامنة هي المرحلة الذهبية لتشكيل المشاعر والعادات.
والنبات هنا يصبح أداة تعليمية طبيعية؛ فحين يرى الطفل ورقة خضراء جديدة تظهر بعد أيام من الانتظار، يشعر بالفخر وكأن إنجازه الشخصي قد ازدهر أمام عينيه.

مسؤولية رعاية النبتة الصغيرة تصنع قلباً كبيراً!

الأطفال في هذه المرحلة العمرية يحبون أن يكون لديهم مهمة خاصة، مسؤولية بسيطة؛ كأن يسكب قليلاً من الماء في أصيصه كل صباح، أو أن يتذكر فتح الستارة؛ ليتعرض النبات لأشعة الشمس.
هذه المهام الصغيرة تبدو عابرة، لكنها في الواقع تمهّد لتكوين عادة المسؤولية، الطفل يتعلم أن هناك كائناً حياً يعتمد عليه، وأن إهماله قد يؤذي النبتة.
وبهذا يدرك الطفل مبكراً أن أفعاله لها عواقب، -لكل فعل رد فعل- وأن الاعتناء والاهتمام وبذل الجهد مهما كان صغيراً هو قيمة أساسية، ودائماً ما يدفع إلى مزيد من النجاح في الحياة.
الأم: هل سقيت نبتتك اليوم؟ الطفل: نعم! لم أنسَ، لقد أعطيتها ماءً، فابتسمت لي بأوراقها. الحوار البسيط يكشف كيف يشعر الطفل بارتباط عاطفي بالنبتة، كأنه يرى فيها صديقاً صغيراً يحتاج إليه!

زراعة النبتة يُحفز طفلك على الفضول

طفل يهتم بزرعه


الفضول المستمر نافذة على العلم، ويعد من أجمل ما يميز الأطفال حتى سن الثامنة، ووجود نبتة في البيت يفتح أمامهم أبواباً لا تنتهي من الأسئلة.
لماذا لم تظهر الأوراق الخضراء بعد؟ لماذا بعض الأوراق خضراء فاتحة وأخرى داكنة؟ كيف تشرب الجذور الماء وهي مدفونة في التراب؟ لماذا تحتاج النباتات إلى الشمس؟
هذه الأسئلة تمهيد للمعرفة العلمية، والأم أو الأب لا يحتاجان أن يكونا عالمي نبات، يكفي أن يجيبا ببساطة، أو أن يقترحا معاً تجربة صغيرة مثل وضع نبات في مكان مظلم وآخر في مكان مضاء، ومراقبة الفرق.
وهكذا يصبح المنزل مختبراً صغيراً للعلم، ومعه يتعلم الطفل أن الاكتشاف متعة، لا مجرد درس في كتاب.

رعاية النبتة تساعد على تقوية الروابط العائلية

أمٌّ تعلم طفلها.. كيف يزرع؟


الاعتناء بالنباتات لا يقتصر على الطفل وحده، من الممكن ان يجتمع أفراد الأسرة حول أصص النباتات ليتبادلوا الحديث، وهم يزيلون الأوراق اليابسة أو يضيفون قليلاً من الماء.
هذه اللحظات البسيطة تقوي العلاقة بين الطفل ووالديه، وفيها يشعر بأنه ليس وحده في هذه المهمة، بل إن الأسرة كلها تسانده، ما يعزز الإحساس بالانتماء والتعاون، وهي قيم يحتاجها الطفل ليبني شخصية اجتماعية متوازنة.

النبات يعطي الطفل دروساً في العطاء

أحد أجمل الجوانب التي يتعلمها الطفل من رعاية النباتات هو قيمة العطاء دون انتظار مقابل مباشر، النبتة لا تتحدث، ولا تشكر، ولا تعانق، لكنها تكبر وتنمو بصمت، وهذه هي طريقتها في التعبير عن الامتنان.
حين يرى الطفل أن اهتمامه الصغير - كوب ماء أو لمسة حنان - جعل النبتة تبدو أكثر صحة، فإنه يتعلم أن العطاء بذاته مكافأة، وأن أثره يظهر بطرق غير مباشرة، ما يغرس التعاطف والرحمة في قلبه الصغير.

تهذيب سلوك الطفل عبر روتين الرعاية

الأطفال في سن مبكرة يحتاجون إلى الروتين ليشعروا بالأمان، والنبات يوفر فرصة طبيعية لبناء عادة يومية، فالمهام المتكررة مثل ريّ النبات أو ملاحظة نموّه تساعد الطفل على تنظيم وقته، وتجعل مفهوم "الالتزام" جزءاً من يومه.
وبمرور الأيام، يبدأ الطفل في ملاحظة التغيرات الصغيرة: ورقة جديدة، زهرة صغيرة، أو حتى تغيّر في حجم الأصيص. هذه التفاصيل تعلّمه الانتباه والتقدير لما هو بسيط، بدلاً من السعي وراء الأمور الكبيرة فقط.

مراعاة الطفل للنبتة فرّقت له بين الخيال والواقع

تسمية


النباتات أيضاً تفتح المجال لخيال واسع، بمعنى أن كثيراً من الأطفال يعطون نباتاتهم أسماء خاصة، أو يتحدثون إليها كأنها أصدقاء، الأمر قد يبدو لطيفاً، لكنه في الحقيقة يساعد الطفل على تنمية مهارات التعبير واللغة، ويقوي خياله الإبداعي
الخليج 365: إذا كنتِ تبحثين عن طريقة بسيطة لتطوير مهارات طفلك وتعزيز مشاعره، ففكري في شراء نبتة صغيرة.
اجعليها مشروعه الخاص، وراقبي كيف سينمو معها يوماً بعد يوم، وستكتشفين أن الأمر ليس مجرد هواية، بل استثمار في قلبه وعقله وروحه.

أخبار متعلقة :