كيف تؤثّر طريقة الولادة على صحة المولود؟ وفقاً لدراسات

كتبت: ياسمين عمرو في الأحد 12 أكتوبر 2025 09:58 صباحاً - اللحظة التي يولد فيها الطفل وينتقل من رحم الأم الدافئ إلى عالم مليء بالأصوات والأضواء والروائح، تعَد أهم نقطة تحوُّل في حياته. لكن السؤال الذي يشغل أذهان الكثير من الأمهات، هو: هل طريقة الولادة طبيعيةً كانت أم قيصرية، تترك أثراً طويل الأمد على صحة المولود؟
في هذا التقرير، يؤكّد الدكتور عصام متولي، أستاذ طب النساء والتوليد، أن: طريقة الولادة ليست مجرد إجراء طبي؛ بل هي تجرِبة إنسانية وعلمية، تؤثّر على جهاز المناعة وصحة الأمعاء والنموّ العقلي، وحتى الحالة النفسية للأم والطفل معاً. ومعه نتعرّف كذلك من خلال عدة دراسات وأرقام، إلى تفاصيل علمية وتجارِب واقعية، عن تأثير نوع الولادة على صحة المولود، مع نصائح عملية للأمهات.

الولادة الطبيعية

الولادة الطبيعية تمنح الطفل فوائد صحية ونفسية


الولادة الطبيعية هي الطريقة التي عرفها البشر منذ بداية التاريخ؛ حيث يخرج الطفل عبْر قناة الولادة بعد انقباضات رحِمية منتظمة. هذه الطريقة تمنح الطفل فوائد صحية ونفسية لا يمكن إنكارها.

أولى هذه الفوائد: أن الطفل يحصل على الجرعة الأولى من البكتيريا النافعة عند المرور عبْر قناة الولادة، هذه البكتيريا تستقر في أمعائه وتساعد على بناء جهازه المناعي.

وقد أثبتت الدراسات أن الأطفال المولودين طبيعياً، أقل عُرضة للإصابة بالحساسية والربو والسِمنة؛ مقارنةً بالمولودين قيصرياً.
الفائدة الثانية: هي تنشيط الرئتين؛ فضغط الرحم أثناء الولادة، يساعد على إخراج السوائل من رئة الطفل؛ مما يجهّزها للتنفُّس بشكل طبيعي بعد الولادة. لهذا السبب، يواجه الأطفال المولودون طبيعياً مشاكل تنفسية أقل.
الفائدة الثالثة: الولادة الطبيعية تعزز الترابط العاطفي بين الأم وطفلها؛ إذ يُعطى الطفل مباشرة إلى صدر الأم لتحدث ملامسة الجلد بالجلد، هذا الترابط المبكّر يعزز الرضاعة الطبيعية ويمنح الطفل إحساساً بالأمان.
كما أن مرور الطفل من قناة الولادة، يساعد على تشكيل رأسه بشكل طبيعي؛ حيث تضغط الانقباضات على عظام الجمجمة؛ مما يجعلها أكثر مرونة.

تأثُّر نموّ الطفل وحركته ومزاجه بشهر ولادته: هل تودين التعرُّف إلى تفاصيل أكثر؟

الولادة القيصرية

الولادة القيصرية


الولادة القيصرية هي عملية جراحية يتم فيها فتح بطن الأم ورحمها لإخراج الطفل. في كثير من الحالات، تكون هذه الطريقة خياراً منقذاً لحياة الأم أو الطفل من مشاكل مثل: ضيق الحوض، أو التفاف الحبل السُري، أو مشاكل في المشيمة، أو هيئة غير طبيعية للجنين.
لكن لهذه الطريقة تأثيرات مختلفة على صحة المولود؛ فالأطفال المولودون قيصرياً أكثر عُرضة لمشاكل في التنفس، مثل: متلازمة ضيق التنفس، أو الحاجة إلى دخول الحضّانة لفترة قصيرة.
كما أن جهازهم المناعي قد يكون أضعف نسبياً، بسبب غياب التعرُّض للبكتيريا من الأم؛ مما يؤدي إلى تأخُّر تكوين الميكروبيوم في الأمعاء. بعض الدراسات ربطت بين الولادة القيصرية وزيادة معدلات الإصابة بالحساسية والإكزيما.
كذلك، قد يحدث تأخُّر في الرضاعة الطبيعية؛ إذ إن آلام العملية أو تأثير التخدير، قد يمنع الأم من حمل طفلها فوراً، وهذا يحرم المولود من اللبأ الذي يحتوي على أعلى تركيز من الأجسام المضادة.
ومن الناحية النفسية، بعض الأمهات يشعرن بالانفصال عن أطفالهن في البداية؛ خاصة إذا لم يحدث تلامُس مباشر بعد الولادة.

الفرق بين الولادتين في تأثيرهما على المولود

الأطفال المولودون طبيعياً يحصلون على دعم مناعي أكبر، ويبدأون التنفس بسلاسة، ويميلون إلى الرضاعة المبكرة. بينما الأطفال المولودون قيصرياً، قد يحتاجون إلى دعم طبي إضافي في التنفس أو في الرضاعة. ومع ذلك؛ فإن القيصرية غالباً ما تكون المنقذ الحقيقي لحياة المولود والأم، ولا يمكن اعتبارها مجرد اختيار على الإطلاق.

هل يمكن تعويض الفارق بين الولادتين؟

مولود حديث الولادة
  • نعم، الأطباء اليوم يحاولون تقليل الفرق بين الولادتين بطرق مختلفة، من أهمها: تشجيع الرضاعة الطبيعية المبكرة حتى بعد القيصرية؛ حيث يُنصح بوضع الطفل على صدر الأم في أقرب وقت ممكن.
  • هناك أيضاً تجارِب على ما يسمى المسحة الميكروبية؛ حيث تُؤخذ مسحة من رحم الأم وتوضع على جسم المولود؛ لتعويض نقص البكتيريا النافعة. كما أن إدخال أطعمة غنية بالبروبيوتيك لاحقاً مثل الزبادي، يساعد على بناء جهاز مناعي صحي للطفل.

في أسبوع الرضاعة الطبيعية: تجربتي مع طفلي هل تودين الاستفادة منها؟

الجانب النفسي والاجتماعي للأم

الولادة الطبيعية تمنح الأم شعوراً بالقوة والإنجاز، بينما الولادة القيصرية قد تترك بعض الأمهات في حالة من الحزن أو الشعور بأنهن فقدن تجرِبة الولادة الكاملة، وهنا يظهر دور الدعم بالمستشفى أو من ناحية الزوج المرافق، في التأكيد على أن قيمة الأمومة لا تُقاس بطريقة الولادة؛ بل بالحب والرعاية.

الرأي العلمي

مولود جديد


دراسة نُشرت في مجلة نيتشر ميد يسين أثبتت: أن الأطفال المولودين قيصرياً لديهم تنوُّع بكتيري أقل في أمعائهم خلال الأشهر الأولى.
وأشار بحثٌ من جامعة ستانفورد، إلى أن الولادة الطبيعية قد تساهم في تقليل فرص الإصابة بالسكري من النوع الثاني لاحقاً.
منظمة الصحة العالمية أكدت: أن المعدل المثالي للولادات القيصرية لا ينبغي أن يتجاوز خمسة عشر بالمئة من إجمالي الولادات، لكن في بعض الدول العربية وصلت النسبة إلى خمسين بالمئة، وهو رقم يدق ناقوس الخطر.

نصائح ذهبية للأمهات

  1. الولادة الطبيعية أفضل إذا لم توجد موانع طبية، بينما القيصرية تصبح الخيار الأمثل إذا كان هناك خطر على حياة الأم أو الجنين.
  2. لا تختاري القيصرية لمجرد الخوف من الألم أو للراحة فقط؛ فلكلّ طريقة تبعات، استشيري طبيبك مبكراً وحددي خطة الولادة الأنسب لحالتكِ.
  3. احرصي على الرضاعة الطبيعية فور الولادة أياً كانت الطريقة، وراقبي صحة طفلك ونموّه. الأهم أن تتذكري أن الأمومة لا تُقاس بطريقة الولادة؛ بل بالحب والرعاية.

* ملاحظة من «الخليج 365»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب متخصص.

أخبار متعلقة :