انت الان تتابع خبر من فودافون إلى التشويش على GPS.. سلسلة إخفاقات تربك وزارة الاتصالات وتضعها في دائرة الاتهام والان مع التفاصيل
بغداد - ياسين صفوان - فبين اتهامات بغياب الشفافية في التعاقد مع شركة “فودافون” الأجنبية، وفضيحة بيع خدمة الإنترنت لشركات الهاتف النقال بخصومات غير قانونية، وصولاً إلى التناقض العلني في ملف التشويش على أنظمة الملاحة العالمية (GPS)، يبدو أن الوزارة باتت عنواناً لأزمات متكررة تضرب ثقة الرأي العام وتثير تساؤلات حول كفاءة إدارتها وشفافية قراراتها.
*عقد فودافون.. شركة أجنبية بغطاء وطني
القضية الأبرز التي فجرت الجدل كانت في 11 كانون الأول 2024، حين كشف عضو لجنة الاتصالات النيابية كاروان علي يارويس عن توقيع وزارة الاتصالات عقداً مع شركة “فودافون” لتشغيل الرخصة الوطنية للهاتف النقال من الجيل الخامس، من دون علم البرلمان أو هيئة الإعلام والاتصالات.
يارويس قال في بيان رسمي إن “العقد تم توقيعه دون إعلان مناقصة أو فتح باب المنافسة، وبطريقة تخالف السياقات القانونية والأصول المتبعة”، مبيناً أن “الحكومة أعلنت في البداية نيتها التعاقد مع شركة وطنية، لكن ما حدث فعلياً هو منح المشروع لشركة أجنبية تحت مسمى وطني”.
ووفقاً ليارويس، فإن “إجراء المفاوضات خارج العراق وتوقيع العقد خلال جلسة واحدة فقط يثيران الشكوك حول النوايا الحقيقية والجهات المستفيدة”.
الانتقادات لم تتوقف عند اللجنة النيابية، إذ انضمت إليها عضو لجنة النزاهة سروة عبد الواحد، التي وصفت الخطوة بأنها “مخالفة صريحة للقانون وأصول التعاقد الحكومي”، مشيرة في تدوينة لها إلى أن “ذهاب الوزيرة إلى الإمارات لتوقيع العقد مع فودافون دون إعلان مناقصة وبدون تنافس يفتح باباً جديداً من ملفات الفساد داخل الوزارة”.
“شركة وطنية بهوية أجنبية”.. طمس الهوية العراقية
من جانبه، أكد الخبير في مجال الاتصالات علي أنور، في وقت سابق، أن “فكرة إنشاء شركة وطنية بتمويل حكومي أمر إيجابي، لكن التعاقد مع فودافون ينسف المفهوم الوطني بالكامل”.
وأشار أنور إلى أن “جزءاً من تمويل العقد سيؤخذ من صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي، أي من أموال المواطنين، ما يستوجب الشفافية الكاملة حول مصير تلك الأموال وطبيعة الاستثمار”.
وزاد من حدة الأزمة نفي شركة “فودافون” نفسها توقيع أي عقد رسمي مع الجانب العراقي في تلك المرحلة، وهو ما عده مراقبون دليلاً على ارتباك الوزارة وسوء التنسيق.
خصومات غير قانونية لشركات الهاتف النقال
وبعد أقل من عام على أزمة “فودافون”، فجر النائب كاروان يارويس مجدداً ملفاً جديداً في أيلول 2025، بعد كشفه وثيقة رسمية أرسلها إلى هيئة النزاهة الاتحادية، بشأن قيام وزارة الاتصالات ببيع خدمة الإنترنت لشركتي “زين العراق” و”آسياسيل” بخصم يصل إلى 45% خلافاً للسياقات القانونية.
وقال يارويس في مخاطبته الرسمية إن “القضية تمسّ المال العام بشكل مباشر وتستدعي تحقيقاً عاجلاً من هيئة النزاهة”، مضيفاً أن “مثل هذه التخفيضات تمثل تجاوزاً على حقوق الدولة وإضراراً بالخزينة العامة، خاصة في ظل غياب المبررات الاقتصادية أو التنافسية التي تبررها”.
وأعادت هذه الفضيحة فتح النقاش مجدداً حول العلاقة بين الوزارة وشركات الهاتف النقال، التي تواجه انتقادات واسعة بسبب سوء الخدمة وارتفاع الأسعار وتراكم الديون المستحقة عليها لصالح الحكومة.
تشويش GPS.. تضارب وتخبط داخل الوزارة
ولم تتوقف إخفاقات وزارة الاتصالات عند الجانب المالي، بل امتدت إلى المجال التقني والأمني. ففي الشهر الحالي، تصاعد الجدل حول حالات التشويش التي طالت أنظمة الملاحة (GPS) في العاصمة بغداد، بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.
إذ أصدرت الوزارة بياناً نفت فيه “نفياً قاطعاً” قيامها بأي عمليات تشويش، مؤكدة أن “الأنباء عن تعطيل نظام الملاحة حتى انتهاء الانتخابات عارية عن الصحة”، ودعت وسائل الإعلام إلى “توخي الدقة”.
لكن مسؤول وحدة الحوسبة السحابية في الوزارة تحسين هاني العامري، خرج بتصريح لوسيلة إعلام إماراتية، أكد فيه أن “التشويش على أنظمة الملاحة مثل GPS وGLONASS وGALILEO قد ازداد لأسباب أمنية تتعلق بحماية مراكز العد والفرز وقواعد بيانات الناخبين”.
هذا التناقض الفاضح بين البيان الرسمي وتصريحات أحد كوادر الوزارة أثار موجة من التساؤلات حول الجهة الحقيقية التي تدير هذا الملف الحساس، وما إذا كانت قرارات الوزارة تصدر من مركز موحد أو تتأثر بضغوط خارجية.
الارتباك في الموقف الرسمي انعكس سلباً على الشارع، إذ اشتكى المواطنون وسائقو الأجرة وعمال التوصيل من صعوبة استخدام تطبيقات الملاحة خلال تلك الفترة، ما تسبب بخسائر وأرباك واسع في الحركة داخل العاصمة.
وزارة بلا بوصلة واضحة
وبين صفقة فودافون الغامضة، والخصومات المشبوهة لشركات الهاتف النقال، وتضارب التصريحات بشأن التشويش على GPS، تبدو وزارة الاتصالات غارقة في دوامة من الملفات التي تفتقر للشفافية والتخطيط السليم.
ويرى مراقبون أن هذه السلسلة من الإخفاقات المتراكمة تعكس ضعفاً هيكلياً في إدارة الوزارة، وانفصالها عن الأطر القانونية والرقابية، ما جعلها ساحة مفتوحة لتضارب المصالح والنفوذ السياسي والاقتصادي.
أخبار متعلقة :