كيف يكون الأدب حقيقياً؟

أمضيت أياماً طويلة أقرأ حول نجيب محفوظ، سيرته وأدبه، ما كتبه عن نفسه وما كتبه عنه نقاده وتلاميذه ومجايلوه، أعداؤه ومنافسوه، الفترة التي عاش خلالها، والسنوات الطوال التي عبر عن أحداثها الجسام وتقلباتها وأحوالها، في مصر المحروسة وما جاورها وارتبط بها من دول العرب والغرب، فتوصلت بعد القراءة الطويلة إلى أن محفوظ كأديب وروائي هو في الحقيقة حقبة زمنية بحد ذاته، وأنه سجل وذاكرة جمعيّة حافلة وجامعة ومعبرة.

قرأت مرة أنه عندما كان يتجهز لكتابة روايته (أولاد حارتنا) المثيرة للجدل والنقاشات، وقبل أن يباشر في كتابتها، لم يكتب حرفاً واحداً ولمدة خمس سنوات كاملة، قضاها في القراءة والتأمل والدراسة فقط، فأعاد قراءة كتب الأديان كافة، وأولها القرآن الكريم، كما قرأ كتب الفلسفة اليونانية، والفكر العالمي، والأفكار والمعتقدات المعروفة كالبوذية والهندوسية وغيرها، وبعد مضي تلك السنوات الخمس، قرر في لحظة حاسمة أن يباشر كتابة الرواية الفارقة التي شكلت المنعطف الأهم، وربما الأخطر، في حياة محفوظ وتاريخ الرواية العربية، فهي الرواية التي اتُخذ بسببها قرار اغتياله من قبل الجماعات المتطرفة!

أتذكر هذه الواقعة عندما أتابع بعض حوارات المثقفين التي يطلقون فيها تصريحات ومقولات غاية في الاستهانة بالأدب واستسهال التعامل معه، فينظرون إلى حرفة الكتابة والأدب باعتبارهما طريقاً سهلاً للشهرة والتواجد في عمق الحياة الثقافية، بينما هم لا يكونون سوى على سطحها فقط دون أن ينتبهوا أو يقتنعوا أن الأدب لم يكن يوماً ولن يكون مهنة من لا مهنة له، وأن المعرفة والثقافة والوعي وطبقات لا حصر لها من التجارب والمشاعر والفلسفة والرؤى، ضرورية ليصير الكاتب كاتباً حقيقياً!

أما القارئ الحقيقي، فسيبتسم ملء قلبه وهو يتذكر أوقات المتعة الخالصة التي كان يقرض فيها كفأر دؤوب صفحات رواية مائة عام من العزلة، أو الثلاثية العظيمة لمحفوظ، أو مدن الملح لعبدالرحمن منيف، أو الجريمة والعقاب لتولستوي، أو قصص تشيخوف، أو…، بينما تسطع في خياله وجوه الأبطال الخالدين في هذه الروايات: سيد عبدالجواد والست أمينة، وعاشور الناجي، ومتعب الهذال، والكولونيل أورليانو، وراسكولنيكوف.

عائشة سلطان – صحيفة البيان

اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.

كانت هذه تفاصيل خبر كيف يكون الأدب حقيقياً؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :