مشاهد غرق مئات الأفدنة فى قرى بمحافظتى المنوفية والبحيرة، «بروفة» لما يمكن أن يحدث لكن على نطاق واسع ليس لأراضى دلتا نهر النيل ولكن لمناطق فى الصعيد، إذا ما استمرت إثيوبيا فى الانفراد بعمليات تخزين وتصريف مليارات الأمتار المكعبة من المياه بلا تنسيق مع دولتى المصب، مصر والسودان، وتلك معركة سيطول أمدها على ما يبدو قبل أن تجبر أديس أبابا على توقيع اتفاق ملزم بشأن سد النهضة.لا يجب أن نقف مكتوفى الأيدى أو إلقاء مسئولية ما جرى فى قرى أشمون ومنوف، وتحميل البسطاء ممن «تعدوا» فى نظر بعض الجهات على أراضى طرح النهر، والتى ظهر أن غالبيتها يتم تأجيرها بعلاقة تعاقدية بين الرى ومستأجرين، ربما يتصرف الطرف الأخير بطريقة غير منضبطة، غير أن ذلك لا ينفى وجود تلك العلاقة وبما لا تجعل من البسطاء مذنبين!
تعاملت الحكومة فى بداية أزمة غرق الأراضى والبيوت المقامة منذ سنوات باعتبارها أمرا عرضيا لعملية تصريف كميات من المياه من فائض النهر تتم كل عام فى مثل هذا الوقت بشكل «طبيعى»، لكنها أمام انكشاف الحقائق التى أظهرت أن منسوب المياه كان أكثر بكثير من المعتاد التعامل معه سنويا، تراجعت حدة اللهجة التى ألقت باللوم على الأهالى «المعتدين» على النهر!
وقبل أن يتساءل البعض عن أين كانت الحكومة طوال سنوات من إزالة التعديات؟ والجدل حول المسئول عما جرى، سارعت الأجهزة التنفيذية إلى مد يد العون للمتضررين، ونزلت فرق من الهلال الأحمر والمحليات. وتحدث محافظ المنوفية عن حصر أعداد المتضررين وإعفائهم من الإيجار السنوى للأراضى التى ينتفعون بها، فيما شهدت محافظة البحيرة تحركات مماثلة، وأعلنت وزارة التضامن تقديم تعويضات، وهى جهود مطلوبة فى مثل هذه الأزمات، وأجدى وأكثر نفعا من إلقاء اللوم على من فقدوا زراعاتهم وغرقت بيوتهم.يدرك المزارعون أن مواسم الفيضان تحمل الخير والضرر فى آن واحد، الخير حين تروى الأرض لتجود بعطائها، والضرر حين تتلف محاصيل أو تحاصر البيوت بالمياه، غير أن العلاقة الممتدة بين النيل والمصريين عبر آلاف السنين تقول إن ضبط تدفق مياه النهر تقع بالأساس على عاتق الحكومة ممثلة فى وزارة الرى، التى تعلم أن القضية لم تعد مجرد شأن زراعى أو فيضانى، بل أصبحت ورقة ضغط إقليمية بعد تعثر مفاوضات سد النهضة.
وزارة الرى ومن دون مواربة اتهمت، فى بيان رسمى، التصرفات الأحادية الإثيوبية المتهورة فى إدارة سدها غير الشرعى المخالف للقانون الدولى، والتى تسببت فى تغيير مواعيد الفيضان الطبيعى، الذى تحدث ذروته عادة فى أغسطس، وإحداث «فيضان صناعى مفتعل» أكثر حدة وقوة فى وقت متأخر من العام (جزء من شهر سبتمبر).البيان اعتبر «ما حدث على النيل الأزرق من إسراع فى الملء غير القانونى للسد الإثيوبى، ثم تصريف كميات هائلة من المياه مباشرة بعد ما سُمّى باحتفال افتتاح السد، لم يكن إجراءً اضطراريًا، وإنما يعكس إدارة غير منضبطة وغير مسئولة لسد بهذا الحجم».
النقطة الأهم فى تقديرى فى بيان وزارة الرى هى الإشارة بوضوح إلى أن الرعونة فى إدارة أديس أبابا لسدها «تكشف بما لا يدع مجالاً للشك زيف الادعاءات الإثيوبية المتكررة بعدم الإضرار بالغير، وتؤكد أنها لا تعدو كونها استغلالاً سياسيا للمياه على حساب الأرواح والأمن الإقليمى».
مشاهد المناطق المتضررة من الفيضان فى السودان وقرى المنوفية والبحيرة أكبر سند ودليل يمكن أن نحاصر به إثيوبيا على المستويين الإقليمى والدولى، ومطالبتها بتعويض المتضررين من مياه الفيضانات التى يتم تصريفها بلا إخطار مسبق.
وفى الأخير وإن كان السد العالى قد أثبت مجددا أنه ما زال الضمانة الكبرى لحماية مصر من الكوارث، لكنه لا يكفى وحده، فالتغيرات المناخية والضغوط السياسية تفرض علينا البحث عن طرق ومسارات متنوعة لإجبار إثيوبيا على توقيع اتفاق قانونى ملزم لا مجال فيه للاجتهاد الفردى.. فتداعيات مياه «طرح السد الإثيوبى» قرع أجراس لا يمكن صم الآذان عنها.
طلعت اسماعيل – بوابة الشروق
اسماء عثمان
محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
كانت هذه تفاصيل خبر طرح النهر الإثيوبي لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :