روح المصريين

فينا عيوب كثيرة إلا روح العبيد. نحن المصريين لغز قديم، قليلًا ما نفهم أنفسنا، ومن باب أولى يقل أن يفهمنا الآخرون على وجهنا الصحيح، نصبر على جار السوء حتى يرحل، لا نتعجل خطى الزمن، ولا تضغطنا عصبية الأيام، نصبر على الألم حتى ينقضى، نصلب قامتنا فى وجه الزمان حتى يثوب إلى رشده، ونُمهل المغرور حتى يؤوب إلى عقله، ونتفرج على الجائز من قريب أو بعيد، نرقبُ التاريخ مثلما يرقُبُنا ونكتبه مثلما يكتُبنا، نتكيف معه كلما تغير، نتحمل القهر دون أن ننكسر، ونصبر على الفقر دون أن ننفجر، نغضب بمقدار، ونثور حين يثور الصبر ذاته، الصبر مصرى مثلما المصرى صابر وصبور، يتسرع من يصفنا أو يصمنا بالسلبية، وربما يكون على صواب من يصفنا بالسلبية الحكيمة أو يصمنا بالحكمة السلبية، نناور، نداور، نلف من بعيد، ونرصد من قريب، نختزن إضاءات روحية كامنة فى أعماقنا من قديم الزمن، نستمد من طينة مصر صلابةً مع لين ولينًا مع صلابة، نتغير بمرور الزمن مثلما تتغير كل الكائنات لكن دون أن نفقد ملامحنا الروحية العميقة. نتفوق على أنفسنا حتى ونحن فى أصعب ظروفنا الخاصة والعامة، وبالبداهة نتفوق على الوافدين الذين حكمونا ألفين وخمسمائة عام، نحن محتوى التاريخ ومادته بما نحن محتوى مصر ومادتها، نطقنا

وننطق بأصالة الطينة المصرية، ومن خلالنا تحدثت الطينة المصرية ونطقت رغم حكم الغرباء وظلم ذوى القربى الذى وصفه شاعر الجاهلية العبقرى طرفة ابن العبد بأنه أشد مضاضةً على النفس من وقع الحسام المهند، وعندما كتب الدكتور محمد فهمى لهيطة عام ١٩٣٨ كتابه «التاريخ الاقتصادى لمصر»، زين صفحته الأولى بصورة حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق، ثم كتب الإهداء إلى أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد وقال فيه: «إلى حضرة صاحب المعالى أحمد لطفى السيد باشا، عنوان التقدير والاعتراف بفضله للعلم والتعليم وتفانيه فى الإخلاص للسدة الملكية».

أنور الهواري – المصري اليوم

اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.