حدث مؤخَّرًا، أنْ وقف أحدُهم بعد أنْ فرغت الجموع الحاشدة من صلاة الجنازة، والدَّفن، والدُّعاء للمرحومة، لينبِّه المشيِّعِين إلى أنَّ: «العزاء لأُمِّي فوق المقبرة، أو عبر الجوَّال، ولن يتم عمل مأتم؛ لأنَّ ذلك بدعة»، كما حدث مؤخَّرًا، أنْ صرَّح طبيبٌ نفسيٌّ شهير قائلًا: «نقصان درجة في الامتحان تهزُّنِي أكثر من وفاة أُمِّي وأَبِي»، مضيفًا: «ماتتْ أُمِّي يوم الخميس، وفي نفس اليوم داومت، ومات أبي، وفي اليوم التالي اشتريتُ أرضًا»، وحدث مؤخَّرًا: أنْ غرَّد أحدُهم بحادثة سير مأساويَّة لأُمٍّ وبناتها، ومع ذلك كان كلُّ همِّه التَّنويه على الاكتفاء بالاتِّصال دون الحضور للتَّعزية!!لا شكَّ أنَّ من أعلى درجات الوحشيَّة، التي يمكن أنْ يصلها الإنسانُ، حين يتنكَّر لوالديهِ اللذَينِ كانَا سببًا -بعدَ اللهِ سبحانَهُ- فِي وجوده واستمرارِه بالحياة، فيستخسر فيهم إقامة «صيوان عزاء»، بعد رحيلهم، مكتفيًا بتلقِّي الاتِّصالات والرسائل النصيَّة، وهو يتسكَّع بين مشاويرهِ الفاضيةِ ومصالحه الفانيةِ، وينظر على العالم بهرطقاته الفارغةِ، في حين أنَّه أقلُّ ما يمكنُ أنْ يُقال عنه: (اللِّي مَا فيهِ خير «لوالديهِ» مَا فيهِ خير للنَّاس)!!كلُّنا نعرفُ أنَّه ليس من السُّنَّة، الإسراف في تكاليف مراسم العَزَاء، وذبح ولائم كثيرة؛ ممَّا يصبغ على الأحزان المخيمة، طابعًا من الأفراح المبهجة، إلَّا أنَّ العزاء في الأصل مستحبٌّ ومشروعٌ، لما فيه من مواساةٍ وتخفيفٍ لمصاب ذوي الميِّت، سواء بالدُّعاء الصَّادق له، أو ذكر محاسنِهِ الطَّيبة، خاصَّةً أنَّ ما نراه غالبًا، وما تعارفَ عليه النَّاس، هو الوقوف بجانب أهل الميِّت بمنزلِهِم أو بصيوانِ العزاء مدَّة ثلاثة أيام لاستقبال الأفواج الغفيرة، الذِينَ تكبَّد بعضُهم مشقَّة السفر مسافات طويلة -لِمَا للمرحوم من مكانةٍ ومنزلةٍ-؛ ممَّا يضطر أقاربه الأوفياء لجدولةِ الإيلام لأهلِ الميِّت والمُعزِّين.
في اعتقادي أنَّ الشخص الذي يفقدُ أُمَّهُ أو أبَاهُ، ثمَّ يرفض استقبال المعزِّين بمنزلهِ أو بصيوانِ عزاء، هو في الغالب شخصٌ انطوائيٌّ يفضِّل العزلة، أو شخصٌ بخيلٌ عمره ما أولم لمعارفهِ أو زملائهِ، أو شخصٌ حاقدٌ كاره ٌلأبويهِ ولديه تجربةٌ قاسيةٌ يستحيي البوحَ بها فيفتضح سره، أمَّا تحجُّجه بالسُّنَّة، فمع تقديرنا لها طبعًا، إلَّا أنَّه قد لا يكون هذا أكبر همِّه، ولو عدت بالذاكرة أو انتظرت الأيام المقبلة، ربما تجدهُ من بين المتوافدِينَ على عزاء قريبه، وربما تجده يتوسَّط الحاضرِين، أو يشاركهم الوليمة، ولو أنَّه أخذ بالعُرف السَّائد الذي تعارف عليه النَّاس بإقامة العزاء، لكان أكرم لوالديهِ ولوجههِ.في المقابل، نرى النَّاس تشيدُ وتُثنِي على من فتح صدره قبل بيته، وقلبه قبل صيوان عزائهِ، ليستقبل المعزِّين الذين تركُوا أشغالهم، وتفرَّغوا لمواساته، كما يشيد النَّاس بالأنظمة واللوائح العماليَّة التي تمنح إجازة وفاة أحد الأُصول أو الفروع (خمسة أيَّام)، ويشيد النَّاس بمَن تكبَّد عناء السَّفر ليؤدِّي واجبه تجاه مَن شكَّل يومًا من الأيام جزءًا مهمًّا من حياته، في حين تذم الناس كلَّ مَن يرفض إقامةَ العزاء مردِّدةً: (اللِّي مَا فيهِ خيرٌ «لوالديهِ» مَا فيهِ خيرٌ للنَّاسِ)!!
أحمد عجب – جريدة المدينة
اسماء عثمان
محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
كانت هذه تفاصيل خبر اللي ما فيه خير لوالديه!! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :