خبراء: وضع استراتيجيات تُحدّد معالم العمل العالمي للبيئة والتنوع البيولوجي حتى 2030

ابوظبي - سيف اليزيد - هالة الخياط (أبوظبي)

شهد اليوم الخامس من أعمال المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025، المنعقد في أبوظبي، استمرار الجمعية العامة للأعضاء في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في مناقشة والتصويت على القرارات التي ستُحدّد أولويات حماية الطبيعة عالمياً حتى عام 2030 وما بعده. 
وجاءت فعاليات أمس، بالتزامن مع ختام المعرض المصاحب للمؤتمر بعد خمسة أيام من الفعاليات التفاعلية، التي جمعت أكثر من 10 آلاف مشارك من أعضاء الاتحاد، خبراء، وممثلي مؤسسات محلية ودولية.
واستضافت دولة الإمارات المؤتمر بتنظيم وزارة التغير المناخي والبيئة، بالتعاون مع هيئة البيئة – أبوظبي، مُقدّمة منصة دولية لعرض التجارب المحلية والابتكارات العالمية في صون الطبيعة. وركّزت فعاليات اليوم الخامس على موضوعات شاملة شملت الشمولية في العمل البيئي، المدن المستدامة، استخدام الذكاء الاصطناعي في الحفظ، والمشاركة المجتمعية. 

الجهات المحلية توثق التراث 
وتميز جناح الإمارات بحضور فعّال للجهات المحلية، حيث سلّطت جلسة «جذور ثقافية، مستقبل طبيعي: الحفاظ على التراث الإماراتي للأجيال القادمة» الضوء على جهود دائرة الثقافة والسياحة في توثيق التراث الإماراتي وحفظه.
وفي إطار تعزيز التعليم البيئي، نظّمت وزارة التغير المناخي والبيئة، جلسة «المدرسة في الطبيعة»، والتي قدّمت استراتيجيات دمج الوعي البيئي في التعليم على جميع المستويات. وشملت المبادرة تحويل المدارس والجامعات إلى مساحات تعليمية خضراء، وتوظيف أساليب مبتكرة مثل الكتب المصورة لتثقيف العاملين الميدانيين، بالإضافة إلى تقديم برامج عملية في مختلف النظم البيئية الإماراتية من الصحاري والجبال إلى السواحل والمناطق الرطبة. 

الشباب والابتكار 
وشهد أمس تفاعلاً واسعاً من الشباب عبر ورش عمل «الطبيعة ونحن» و«الشباب يقود الاستدامة»، بالإضافة إلى حوارات بين الأجيال حول دور الشباب في حماية الطبيعة. وقد قدّم مجموعة من القادة الشباب الإماراتيين تجارب مبتكرة في تحفيز المجتمع، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتعزيز ريادة الأعمال البيئية لتغيير السلوكيات الصغيرة التي تؤدي إلى تأثيرات بيئية كبيرة.

التقنيات الحديثة 
وجاءت الابتكارات التكنولوجية في صُلب فعاليات أمس، مع إطلاق منصة OlmoEarth التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والبيانات الفضائية والمناخية لدعم اتخاذ قرارات سريعة وفعّالة في مجال حماية الطبيعة. كما تم تكريم الفائزين بجائزة Tech4Nature، وعُرضت مبادرات لإقامة ممرات بيولوجية عبر أوروبا وأميركا اللاتينية، إلى جانب تقديم التجارب الرائدة لدعم الحلول الطبيعية الإيجابية. 

الحلول الحضرية  
وركّز المؤتمر على أهمية دمج الطبيعة في التخطيط الحضري، عبر جلسة «تحويل المدن المستقبلية: مسارات الطبيعة الإيجابية للمدن المستدامة»، حيث ناقش المشاركون سياسات ومشاريع تعزز البنية التحتية الخضراء، التكيف مع التغير المناخي، الصحة العامة، والعدالة الاجتماعية. كما تم استعراض التجارب الإقليمية، من تعزيز المرونة في الأراضي الجافة بأفريقيا، إلى برامج الاقتصاد الأزرق في خليج البنغال، وجهود المجتمع المحلي في إعادة تأهيل الشعاب المرجانية في هندوراس واستعادة غابات المانغروف.

تمويل وحوكمة الطبيعة 
شهد المؤتمر، أمس، جلسات مهمة حول تمويل المبادرات البيئية، بما في ذلك استكشاف حلول الدين مقابل الطبيعة، وتشجيع التمويل الخاص لمشاريع الطبيعة عالية النزاهة، إلى جانب أدوات لمواءمة التدفقات المالية مع أهداف حماية الطبيعة. كما تم عرض إرشادات إعادة تأهيل النظم البيئية، وجلسات توحيد قوائم الاتحاد الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض لتقوية تأثيرها، وتدريب الموجهين ضمن قائمة Green List لتعزيز الحفظ العادل والفعال للمناطق المحمية.
ومع ختام المعرض واستمرار الجمعية العامة، يُركّز المؤتمر خلال اليوم وغداً على التصويت على القرارات النهائية، ووضع استراتيجيات الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، بما يُحدّد معالم العمل العالمي في مجال البيئة والتنوع البيولوجي حتى 2030 وما بعده.

مشاركات خليجية بارزة 
شهد المعرض المُرافق للمؤتمر العالمي للاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، مشاركة واسعة من قبل ممثلي المحميات الخليجية، من المملكة العربية ودولة قطر والبحرين، والتي جاءت ضمن جهود تعزيز الحضور الخليجي في المنصات الدولية المتخصصة بصون الطبيعة والحفاظ على التنوع الإحيائي.
وقال المهندس محمد الشعلان، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية: «تأتي مشاركتنا في هذا المؤتمر ضمن جهودنا لتعزيز الحضور الخليجي في المنصات الدولية المتخصصة بصون الطبيعة والحفاظ على التنوع الأحيائي. ونسعى من خلالها إلى عرض تجربة محمية الإمام تركي كنموذج وطني في إدارة المحميات الملكية، وتسليط الضوء على قصص النجاح التي حققناها في مجالات إعادة التوطين، استدامة الموارد، وتمكين المجتمع المحلي».
وأكد الشعلان لـ «الاتحاد»، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمثّل نموذجاً رائداً في حماية البيئة وصون التنوع الأحيائي على مستوى المنطقة.
وقال: «الإمارات شريك إقليمي متميز في مجال حماية الطبيعة، وقد نجحت في بناء منظومة متكاملة تعزّز مفاهيم الاستدامة والتنوع الأحيائي، سواء على مستوى المحميات الطبيعية، أو في مجال العمل المناخي والابتكار البيئي. ونحن نثمّن تنظيمها لهذا المؤتمر الدولي المهم، الذي يوفر منصة لتبادل الخبرات والأفكار حول إعادة التوازن البيئي وإدارة المحميات». 

«نبات» والنظم البيئية
استعرضت شركة «نبات»، التابعة لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، خلال مشاركتها في المؤتمر العالمي لحماية الطبيعة، تجربتها في توظيف التقنيات المتقدمة لإعادة تأهيل غابات القرم، بالتعاون مع هيئة البيئة – أبوظبي، ضمن مبادرة القرم – أبوظبي الهادفة إلى تحقيق هدف زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030. وأكد جورج إبراهيم، نائب رئيس العمليات في شركة «نبات»، أن المشروع الوطني لإحياء النظام البيئي لأشجار القرم يمثّل نموذجاً ملهماً في تسخير الذكاء الاصطناعي والروبوتات والطائرات من دون طيار لخدمة البيئة، موضحاً أن هذه التقنيات تتيح فهماً دقيقاً لطبيعة المناطق البيئية المستهدفة، وتساهم في تسريع عمليات نثر البذور ومتابعة نموها وتحليل صحة النباتات.
وأضاف إبراهيم لـ «الاتحاد»: «إن (نبات) تعتمد على صور الأقمار الصناعية والدرونز عالية الدقة لرصد التغيرات البيئية وتحديد المناطق التي تحتاج إلى تدخل بيئي، بينما تُستخدم الروبوتات المستقلة في نثر كميات كبيرة من البذور خلال موسم الزراعة الممتد من سبتمبر حتى منتصف أكتوبر، بما يضمن كفاءة العمليات وسرعتها». 
وأشار إلى أن حصيلة الجهود المنفذة خلال العامين الماضي والحالي بلغت 500 هكتار تمت زراعتها بما يقارب مليون ونصف المليون بذرة قرم في مناطق متعددة بأبوظبي.

أخبار متعلقة :