أطباء: الإفراط في تناول «المكملات الغذائية» يهدد الصحة

Advertisements

ابوظبي - سيف اليزيد - مريم بوخطامين (أبوظبي)

في ظل تسارع وتيرة الحياة وازدياد الوعي الصحي، اتجه عدد متزايد من أفراد المجتمع إلى استخدام المكملات الغذائية، باعتبارها وسيلة سهلة لتعويض النقص الغذائي، وتعزيز الصحة العامة، إلا أن هذا الانتشار الواسع يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى أمان هذه المكملات وفعاليتها، لا سيما في ظل انتشار مفاهيم خاطئة حول دورها الصحي.
وتعرف المكملات الغذائية بأنها منتجات تهدف إلى دعم النظام الغذائي، وتزويد الجسم بعناصر غذائية، مثل الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية والأعشاب، وتتوافر بأشكال متعددة، تشمل الكبسولات والمساحيق والسوائل. ويؤكد المختصون أن هذه المنتجات لا تستخدم لعلاج الأمراض، بل لدعم الصحة العامة أو تعويض نقص غذائي محدد، وهو ما يميزها عن الأدوية التي تخضع لتجارب سريرية ورقابة صحية صارمة.

وسائل التواصل
 أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز انتشار المكملات الغذائية، حيث تعتمد العديد من الشركات على المؤثرين لتسويق منتجاتها بأسلوب جذاب وسريع الوصول، مستخدمة تجارب شخصية وشهادات غير موثقة علمياً، هذا النوع من الترويج يمنح المستهلك شعوراً زائفاً بالأمان، وقد يدفعه إلى استخدام مكملات دون استشارة طبية، ما يرفع من احتمالية سوء الاستخدام أو الإفراط.

هل كل ما يُباع آمن وفعال؟
 يؤكد الدكتور عمر الحمادي، استشاري أمراض باطنية وطب نمط الحياة في شركة أدنوك، أن وجود المكمل الغذائي في الأسواق لا يعني بالضرورة فعاليته أو ملاءمته لجميع الحالات الصحية، ويشير إلى أن العديد من المكملات لا تخضع لتجارب سريرية كافية، وقد تكون آمنة فقط ضمن جرعات محددة دون أن تثبت فعاليتها في علاج مشكلات صحية معينة، مشدداً على ضرورة التأكد من اعتماد المنتج من جهات صحية رسمية، وتجنب الشراء من مصادر مجهولة أو عبر «الإنترنت» دون تحقق، وكون المنتج موجوداً على الأرفف لا يعني بالضرورة أنه فعال في علاج المشاكل المرضية المختلفة، واسأل طبيبك عن المنتجات الموثوقة.

الجمع العشوائي 
يحذر الدكتور الحمادي من استخدام أكثر من مكمل غذائي في الوقت ذاته دون استشارة طبية، إذ قد يؤدي ذلك إلى جرعات زائدة من العنصر نفسه، مثل فيتامين D أو الكالسيوم، وما يترتب على ذلك من مضاعفات صحية. كما تختلف طريقة وتوقيت تناول المكملات، فبعضها يُؤخذ مع الطعام، بينما يحتاج بعضها الآخر إلى معدة فارغة، إضافة إلى أهمية تحديد مدة الاستخدام وتقييم الحاجة الفعلية بشكل دوري.

فئة حساسة
وأشار الدكتور الحمادي إلى أهمية الإرشادات الطبية خلال استخدام المكملات الغذائية، خاصة خلال فترتي الحمل والرضاعة، التي يجب أن تكون تحت إشراف طبي دقيق، والتي يجب أن تكون هناك توصية من قبل الطبيب بخصوص بعض المكملات، مثل حمض الفوليك أو الحديد أو الكالسيوم وفقاً للحالة الصحية، إلا أن بعض الأعشاب أو الفيتامينات عالية التركيز قد تشكل خطراً على الأم أو الجنين، وينطبق الأمر ذاته على الأطفال وكبار السن، حيث تتطلب هذه الفئات عناية خاصة عند استخدام أي مكمل غذائي.

هل المكملات آمنة 
من جهته، يوضح البروفيسور الدكتور حميد بن حرمل الشامسي، استشاري الأورام، المدير التنفيذي لمعهد برجيل للأورام، أن سلامة المكملات الغذائية تعتمد على عدة عوامل، أبرزها نوع المكمل، والجرعة، والعمر، والحالة الصحية، إضافة إلى الأدوية التي يتناولها الشخص. ويؤكد أن الإنسان السليم يستطيع الحصول على احتياجاته الغذائية من خلال نظام غذائي متوازن دون الحاجة إلى مكملات، إلا في حالات النقص الحاد أو بعض الظروف الصحية الخاصة.
ويحذر الدكتور الشامسي من أن الاستخدام العشوائي للمكملات الغذائية قد يؤدي إلى تفاعلات دوائية خطيرة، مثل تعارض بعض الأعشاب مع أدوية الكوليسترول أو مميعات الدم، كما أن الإفراط في تناول بعض الفيتامينات قد يسبب أعراضاً جانبية، تشمل الصداع واضطرابات الجهاز الهضمي، أو تأثيرات سلبية على الكبد والكلى.
الأمراض المزمنة تحت المجهر
وأوضح الدكتور الشامسي أن المكملات الغذائية تشكل تحدياً خاصاً لمرضى الأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض القلب والسرطان، إذ قد تؤثر بعض المكملات على مستويات السكر في الدم أو ضغط الدم.

الغذاء أولاً
من جانبها، تؤكد اختصاصية التغذية نورة الحمادي في مستشفى صقر التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، أن المكملات الغذائية تُستخدم لدعم الصحة العامة أو تعويض نقص غذائي محدد، لكنها لا تُعد بديلاً عن الغذاء الطبيعي المتوازن.

مفاهيم مغلوطة

وتحذر نورة الحمادي من أخطاء شائعة في استخدام المكملات، أبرزها تناولها دون حاجة فعلية، أو تجاوز الجرعات الموصى بها، أو استبدال الوجبات الغذائية بها، مؤكدة أن الاعتقاد بأن المكملات بديل آمن للأدوية يُعد من أخطر المفاهيم الخاطئة، لما قد يسببه من تأخير في العلاج أو تفاقم للحالة الصحية.
وشددت على أن معظم العناصر الغذائية يمكن الحصول عليها من مصادر طبيعية عبر نظام غذائي متوازن يشمل البروتينات، والخضراوات، والفواكه، والحبوب الكاملة، والأسماك، والمكسرات. فالتغذية السليمة تبقى الخيار الأفضل والأكثر أماناً للحفاظ على الصحة العامة، مع اللجوء إلى المكملات الغذائية فقط عند الحاجة وتحت إشراف طبي.
وأضافت الحمادي: «عند الحديث عن بدائل المكملات، ومنها الحديد، فإنه يتوفر بكثرة في الكبد، واللحوم الحمراء، والبقوليات، والعدس، والخضراوات الورقية، مثل السبانخ، ويُنصح بتناول مصادر غنية بفيتامين C بجانبها، مثل البرتقال أو الفلفل، لتعزيز امتصاص الحديد في الجسم. أما الكالسيوم، فيمكن تعويضه من خلال شرب الحليب وتناول مشتقاته، وتضمين السردين والبروكلي واللوز في النظام الغذائي، إلى جانب التين المجفف والخضراوات الورقية كالكرنب».

«الأوميجا 3» 

قالت الحمادي: «يعتبر (الأوميجا 3) من العناصر المهمة التي يمكن الاستغناء عن مكملاتها بتناول الأسماك الدهنية، مثل السلمون والماكريل، أو من مصادر نباتية، مثل بذور الكتان والشيا والجوز وبالنسبة للمغنيسيوم، فهو يتوافر في المكسرات، والحبوب الكاملة، والسبانخ، والشوكولاتة الداكنة، والبقوليات، وهو ضروري لصحة العضلات والأعصاب. أما الزنك، فيمكن الحصول عليه من اللحوم، والمأكولات البحرية كالمحار، والحبوب الكاملة، والمكسرات، والبقوليات. وبالنسبة لفيتامين B12، فإنه يوجد في الكبد، واللحوم الحمراء، والأسماك، والبيض، ومنتجات الألبان، ويعد ضرورياً لتكوين الدم ووظائف الأعصاب، إلا أن مصادره النباتية نادرة، مما يجعل النباتيين بحاجة غالباً إلى مكملات خاصة لتعويضه».
وأكدت الحمادي إلى أنه ما بين الفائدة الوقتية والمخاطر المستقبلية، تبقى المكملات الغذائية سلاحاً ذا حدين، فالاستخدام الواعي وتحت إشراف مختص قد يسهم في تحسين الصحة، بينما يؤدي الإفراط أو الاستخدام العشوائي إلى مضاعفات صحية غير محسوبة. ويبقى الغذاء المتوازن، إلى جانب الاستشارة الطبية، الأساس الحقيقي للحفاظ على صحة الإنسان.

أخبار متعلقة :