مركز الشيخ زايد لعلوم الصحراء.. إرث بيئي حي في قلب الإمارات

Advertisements

ابوظبي - سيف اليزيد - وسط طبيعة العين الهادئة وتاريخها العريق، يقف مركز الشيخ زايد لعلوم الصحراء كأحد أبرز الشواهد على العلاقة العميقة بين الإنسان والبيئة في دولة الإمارات، فهو ليس مجرد مبنى أو معلم ثقافي، بل استمرار لرؤية مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان" طيب الله ثراه"، الذي آمن أن الحفاظ على البيئة جزء من هوية الوطن ومسؤولية مستمرة عبر الأجيال.

ومن خلال منظومة تعليمية وتفاعلية تستند إلى العلم والتجربة الشخصية، يقدّم المركز رسالة واضحة مفادها أن حماية الطبيعة تبدأ بالمعرفة، وأن المستقبل الأكثر استدامة يبدأ من وعي كل فرد.

ويتناغم تصميم المبنى مع طبيعة البيئة الصحراوية المحيطة به، حيث اعتمد المعماريون على سبعة مستويات يمتد ثلاثة منها تحت الأرض وأربعة فوقها، ما يسمح بانسياب الهواء وتخفيف الحرارة دون الحاجة إلى استهلاك كبير للطاقة.

فاختيار الحجارة فاتحة اللون، وتصميم النوافذ التي تسمح بدخول الضوء وتحد من الحرارة، إلى جانب الإضاءة الموفّرة وعزل الصوت، كلها عناصر جعلت من المبنى مثالاً واقعياً لعمارة تتصالح مع البيئة بدلا من أن تتعارض معها.

وكان المركز أول مبنى في دولة الإمارات يحصل على الشهادة البلاتينية لنظام "لييد"، إضافة إلى تصنيف خمس لآلئ ، ليصبح أحد أبرز النماذج العالمية في التصميم المستدام.

وتساهم الألواح الشمسية المثبتة على السطح وفي الحديقة المجاورة بتوفير قرابة 10% من احتياجات الكهرباء، بينما تعمل أنظمة الهواء تحت الأرض على تبريد الهواء قبل دخوله المبنى دون استهلاك إضافي للطاقة، وهي تقنية تطبَّق لأول مرة في الدولة.

ويعتمد المركز على نظام تفريغ المياه المستخدم في الطائرات، والذي يقلل الاستهلاك إلى لتر واحد فقط لكل عملية صرف، مع إعادة استخدام المياه الرمادية في أبراج التبريد والعمليات الداخلية.

وفي أرجاء المركز، تعرض الشاشات بيانات آنية حول إنتاج الطاقة النظيفة وتخفيض الانبعاثات، ما يجعل الاستدامة تجربة ملموسة ومرئية وسهلة الفهم لجميع الزوار.

وعبر خمسة معارض رئيسية وتجارب بصرية ووسائط تفاعلية، ينتقل الزوار بين الصحراء والبحر والواحة للتعرّف على أساليب العيش المستدامة لدى الأجداد، وكيف استطاعت المجتمعات القديمة الحفاظ على مواردها الطبيعية قبل ظهور التقنيات الحديثة.

كما يضم المركز قاعة مخصصة لتكريم الشيخ زايد، إلى جانب معرض "نظرة نحو المستقبل" الذي يعرض رؤى مبتكرة للتعامل مع التحديات البيئية في العقود المقبلة.

وتكتمل التجربة بمسرح يقدم واحداً من أكبر العروض البصرية في الدولة عبر فيلم "رؤية الصحراء العربية"، الذي يأخذ المشاهد في رحلة فنية وعاطفية داخل تفاصيل البيئة الصحراوية.

ويضم مركز الأبحاث التابع للمركز مكتبة متخصصة تحتوي على أكثر من 10,000 كتاب مطبوع، إلى جانب ملايين الكتب الرقمية، ما يجعله مرجعاً علمياً رئيسياً للباحثين والطلبة المهتمين بالبيئة واستدامة الطبيعة.

مركز الشيخ زايد لعلوم الصحراء ليس مكاناً للزيارة بقدر ما هو مساحة للتأمل في علاقة الإنسان ببيئته، ورسالة مستمرة تؤكد أن ما بدأه "زايد الخير" لا يزال ينبض اليوم عبر مبانٍ ومعرفة وجهود تشكل مستقبلاً أكثر انسجاماً مع الطبيعة.

أخبار متعلقة :