الرياص - اسماء السيد - نبدأ جولتنا في الصحف من الغارديان البريطانية التي حذرت في افتتاحيتها من أن روسيا لا تكتفي بانتهاك المجال الجوي لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو) فقط، بل تسعى من خلال هذه التحركات إلى اختبار مدى صلابة الإرادة السياسية والعسكرية لكل من أوروبا والولايات المتحدة.
ويصف المقال هذه الانتهاكات بأنها "ليست مجرد استفزازات عسكرية، بل اختبارات استراتيجية تهدف إلى كشف نقاط الضعف في الردع الغربي".
وأضاف مقال الصحيفة البريطانية: "روسيا لا تختبر فقط حدود المجال الجوي، بل تختبر أيضاً حدود التماسك السياسي داخل الحلف".
وتلفت الصحيفة إلى أن الردود الغربية حتى الآن كانت مترددة أو غير حاسمة، ما يعزز من جرأة موسكو لمواصلة هذه الانتهاكات. قائلةً: "الردود الأولية غالباً ما تكون متأخرة أو غير متناسقة، ما يمنح الكرملين مساحة للمناورة ويضعف من مصداقية الردع الجماعي".
وذكرت الصحيفة تحذيراً ضمنياً مفاده أن "السكوت عن هذه الانتهاكات سيؤدي إلى مزيد منها"، مشيرة إلى أن روسيا لن تتوقف عند هذا الحد ما لم تواجه بردع حقيقي.
كما تنتقد الصحيفة التباين في المواقف بين الولايات المتحدة وأوروبا، مشيرةً إلى أن "الانقسامات داخل الناتو، سواء في الرؤية أو في مستوى الاستعداد، تمنح روسيا فرصة لتفكيك التحالف من الداخل".
وأضافت: "الكرملين يستفيد من كل تردد أو انقسام، ويحوّله إلى أداة ضغط استراتيجية".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الردع لا يعني فقط الاستعداد العسكري، بل يتطلب أيضاً وضوحاً سياسياً وحسماً في القرار".
وختمت الصحيفة افتتاحيتها بأن "صعوبة إيجاد استجابة موحدة للأحداث خلال الأسبوعين الماضيين، ينبه إلى ضرورة تنسيق استجابة شاملة ومتماسكة".
الناتو في عيد ميلاده الـ 75: مشروع لدعم الإمبريالية أم لإبعاد النفوذ الروسي عن أوروبا؟
ترتيبات لعقد اجتماع بين بوتين وزيلينسكي، وضمانات أمنية "سيقدمها الأوروبيون" لأوكرانيا بالتنسيق مع واشنطن
ساركوزي واستقلال القضاء
ننتقل إلى مقال نشرته صحيفة التلغراف البريطانية تناول فيه الجدل واسع النطاق في الأوساط السياسية الفرنسية، بعد أن وجّهت شخصيات يمينية بارزة انتقادات حادة لما وصفته بـ"هيمنة القضاة اليساريين على النظام القضائي" في فرنسا بعد حكم بسجن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.
واندلع هذا الجدل بعد الحكم بالسجن لخمس سنوات على الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لإدانته "بالتآمر" من أجل توفير تمويل غير قانوني لحملته الانتخابية لانتخابات الرئاسة الفرنسية في 2007، وذلك اعتماداً على أموال الرئيس الليبي المخلوع العقيد معمر القذافي.
وأشارت التلغراف إلى أن الحكم غير مسبوق في تاريخ فرنسا، إذ أن "ساركوزي اول رئيس فرنسي سابق يدخل إلى السجن"، وهو ما اعتبره الفرنسيون صدمة كبيرة، وفقاً للصحيفة.
ونقلت التلغراف في مقالها، الذي كتبه غافين مورتايمر، تصريحات من شخصيات يمينية تقول إن السلطة القضائية في فرنسا أصبحت خاضعة لتوجهات أيديولوجية يسارية.
وأضافت الأصوات المعارضة أن بعض القضاة يستخدمون مناصبهم لتوجيه السياسة العامة، وليس فقط لتطبيق القانون.
وأضافوا أن هذه الاتهامات تأتي في سياق أوسع من التوترات بين الحكومة والنظام القضائي، خاصةً فيما يتعلق بقضايا الهجرة، والأمن، والهوية الوطنية.
وأكد فرانسوا-زافييه بيلامي، أحد أبرز وجوه حزب الجمهوريين اليميني الوسطي الذي كان يقوده الرئيس الفرنسي السابق، أنه ساركوزي بُرئ من تهم الفساد وتمويل الحملات الانتخابية بشكل غير قانوني، ومع ذلك حُكم عليه بالسجن خمس سنوات وغرامة قدرها 100,000 يورو بتهمة التآمر. وقال: "هذا التعامل الاستثنائي، الذي لا مبرر له، يعبّر بوضوح عن طبيعة هذا الحكم السياسي".
وقالت مارين لوبان، رئيسة حزب التجمع الوطني اليميني، إن نيكولا ساركوزي كان ضحية لـ"نظام قضائي مزدوج"، مؤكدة أن هذا النظام "يمثل خطراً كبيراً على المبادئ الأساسية لقانوننا".
وفي مارس/ آذار من هذا العام، تم استبعاد مارين لوبان من الحياة السياسية لمدة خمس سنوات، وذلك بعد أن أدانتها محكمة في باريس بتهمة اختلاس مبلغ يُقدر بحوالي 2.5 جنيه إسترليني من أموال الاتحاد الأوروبي على مدى فترة طويلة.
وأشار المقال إلى أن هذه الانتقادات ليست جديدة، لكنها تصاعدت في الفترة الأخيرة بعد سلسلة من الأحكام القضائية التي اعتبرها اليمين الفرنسي "منحازة سياسياً"، خصوصاً تلك المتعلقة بملاحقات قانونية ضد مسؤولين يمينيين.
في المقابل، يشير كاتب المقال إلى أن القضاة الفرنسيين يرفضون هذه الاتهامات، ويؤكدون أن قراراتهم تستند إلى القانون والدستور، وليس إلى توجهات سياسية.
نيكولا ساركوزي: محكمة فرنسية تدين الرئيس الفرنسي السابق بالسجن في قضية فساد
محاكمة نيكولا ساركوزي: الرئيس الفرنسي السابق يمثل أمام القضاء بتهم فساد واستغلال للنفوذ
دعم "لفظي" فقط من ترامب لأوكرانيا
رصدت صحيفة التايمز البريطانية تحولاً مفاجئاً أثار جدلًا على نطاق واسع بعد أن غير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقفه من الحرب الروسية الأوكرانية، منتقلاً من التشكيك في قدرة أوكرانيا على الصمود إلى الإشادة بها، ومن التودد إلى موسكو إلى التلويح بدعم حلف الناتو في مواجهة الانتهاكات الجوية الروسية.
ورغم هذا الدعم، يرى كاتب المقال جيرارد بيكر أن هذا التحول يحمل بين طياته "رسائل يوجهها ترامب إلى الأوروبيين توحي بأن هذه الحرب ليست حرب أمريكا، بل مسؤولية أوروبا وحدها".
وقبل سبعة أشهر فقط، كان ترامب ونائبه قد وجها إهانة علنية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي داخل المكتب البيضاوي، قائلين له إنه لا "يمتلك أي أوراق" في مواجهة فلاديمير بوتين.
لكن هذا الأسبوع، أصبح ترامب من أبرز المؤيدين لأوكرانيا، حيث كتب على منصته "تروث سوشيال": "بعد أن تعرفت وفهمت تماماً الوضع العسكري والاقتصادي بين أوكرانيا وروسيا، وبعد أن رأيت المشاكل الاقتصادية التي تسببها أوكرانيا لروسيا، أعتقد أن أوكرانيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، في وضع يمكنها من القتال واستعادة كل أراضيها الأصلية، وربما حتى الذهاب إلى أبعد من ذلك!"
وفي لقاء جانبي مع زيلينسكي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سُئل ترامب عما إذا كان ينبغي لدول الناتو إسقاط الطائرات الروسية التي تنتهك مجالها الجوي، فأجاب باختصار: "نعم، أوافق".
وجاءت ردود الأفعال في أوروبا بسرعة، إذ كتب وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي على منصة "إكس" تعليقاً على تصريح ترامب: "فهمنا ذلك".
لكن رغم هذا التحول الظاهري، فإن قراءة دقيقة لتصريحات ترامب الأخيرة تكشف أنه لا يعتزم إعادة الولايات المتحدة إلى موقع القيادة في دعم أوكرانيا.
فموقفه الجديد لا يعكس انتقالاً من دعم روسيا إلى دعم أوكرانيا، بل من محاولة لعب دور الوسيط إلى الوقوف على الهامش.
وكما قال هذا الأسبوع: "أنا سعيد ببيع الأسلحة الأمريكية لدول الناتو لتفعل بها ما تشاء".
في البداية، كان ترامب يدعي أنه قادر على إنهاء الحرب خلال 24 ساعة من توليه منصبه، لكنه اصطدم بواقع يتمثل في إصرار روسيا على مواصلة عدوانها، وعزيمة أوكرانيا على المقاومة، وفقاً لجيرارد بيكر.
وكانت هناك ثلاثة أحداث في الفترة الأخيرة يرجح أنها هي التي مهدت للموقف الحالي للرئيس ترامب.
أولها كان لقاء ترامب مع بوتين في ألاسكا يوم 15 أغسطس/آب، والذي بدا في ظاهره انتصاراً دبلوماسياً للرئيس الروسي بوتين، الذي وصفه المقال بأنه "يفهم السياسة الغربية أكثر من معظم الغربيين"، لكن الإطراء المتبادل من الجانبين لم يدم طويلاً، فسرعان ما أعلن ترامب أنه لم يحرز أي تقدم مع بوتين فيما يتعلق باتفاق سلام محتمل.
الحدث الثاني كان زيارة بوتين إلى بكين، حيث ظهر إلى جانب الرئيس الصيني شي جين بينغ والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، في عرض عسكري صيني. هذا المشهد كان له أثر واضح داخل البيت الأبيض.
أما الحدث الثالث فكان تقريراً نشرته شبكة بلومبرغ، بعنوان: "بوتين يقرر تصعيد الهجمات على كييف وترامب لن يتدخل"، وهو ما اعتبره البيت الأبيض إشارة إلى أن موسكو لم تعد تأخذ واشنطن على محمل الجد.
أخبار متعلقة :