اتصالات مكثفة لتنفيذ المرحلة الأولى من «خطة غزة»

ابوظبي - سيف اليزيد - شعبان بلال وأحمد عاطف (القاهرة)

يجري الوسطاء مشاورات واتصالات مكثفة لبدء تنفيذ المرحلة الأولى في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، حسبما أفادت تقارير إعلامية أمس. 
وأوضحت التقارير أن المشاورات تهدف إلى تحديد ساعة بدء تأمين الظروف الميدانية بوقف كافة العمليات العسكرية، وحركة الطيران الإسرائيلي بأشكاله الحربي والاستطلاعي، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من داخل التجمعات السكنية، حتى تتمكن الفصائل الفلسطينية من تنفيذ المرحلة الأولى لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين. 
وتستضيف العاصمة المصرية القاهرة، اليوم، مفاوضات رباعية دولية، لبحث تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، حسبما أكدت مصادر مطلعة.
ويضم الاجتماع ممثلين عن الوسطاء في مفاوضات غزة، مصر وقطر والولايات المتحدة، بالإضافة إلى إسرائيل، لوضع «أسس واضحة للبدء في تنفيذ» خطة ترامب، مستهدفاً البدء في تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة التي تتضمن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين بالتزامن مع الإفراج عن 250 أسيراً فلسطينياً من ذوي الأحكام المؤبدة، و1700 من أسرى قطاع غزة المعتقلين بعد اندلاع الحرب في أكتوبر 2023. 
ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، عن مسؤول في البيت الأبيض، أن المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي ترامب، جاريد كوشنر، سيحضران اجتماع القاهرة، لوضع اللمسات النهائية على التفاصيل الفنية المتعلقة بإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، ومناقشة اتفاق السلام الدائم، مضيفاً أن الوسطاء المصريين والقطريين سيتولون تسهيل المحادثات غير المباشرة بين المفاوضين الإسرائيليين وممثلي حركة «حماس».
في غضون ذلك، قتل الجيش الإسرائيلي، منذ فجر أمس، عشرات الفلسطينيين بهجمات متواصلة على القطاع. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن المنطقة الواقعة شمال وادي غزة ما زالت تعتبر منطقة قتال خطيرة، إن البقاء فيها يشكّل خطراً كبيراً، مضيفاً لا نزال نطوّق المدينة، محذراً السكان من العودة شمالاً أو الاقتراب من مناطق عمل قوات جيش الدفاع في أي مكان في القطاع - حتى في جنوبه.
ووصف خبراء ومحللون قبول حركة حماس لمبادرة الرئيس الأميركي بالمنعطف السياسي المهم، لكنهم في الوقت ذاته أكدوا أنه لا يعني بالضرورة بداية مرحلة جديدة من التسوية، بقدر ما يعكس حسابات ميدانية وسياسية معقدة لدى جميع الأطراف. 
واعتبر المحلل الاستراتيجي الأردني الدكتور عامر السبايلة أن الرئيس ترامب يرى من زاويته التي يريدها في هذه المرحلة وهي إخراج الرهائن ووقف الحرب، مضيفاً أنه رغم ذلك  لم تقدم حماس توافقاً على ما طرحه الرئيس ترامب سابقاً، ولذلك ستبدأ المشاكل التقنية بالظهور لاحقاً. 
وأوضح السبايلة لـ «الاتحاد» أن ترامب الآن يعول على الرد الإيجابي فيما يتعلق بالرهائن من حماس، وعبور هذه المرحلة لتأكيد فكرة أنه فارض السلام وبالتالي تصبح مسألة الرهائن ووقف الحرب في هذه الأيام مهمة بالنسبة له.
من جانبه، قال الدكتور تيسير أبو جمعة، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، إن أهم ما يمكن تحقيقه الآن من خطة ترامب هو وقف إطلاق النار وتخفيف المعاناة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة.
وأضاف أبو جمعة لـ«الاتحاد» أنه قد تكون هناك بعض المطبات في تنفيذ المبادرة بعد الخطوة الأولى، سواء في موضوع الانسحاب أو غيره، ومن الممكن أن تكون هناك بعض المناوشات من خلال طلب إسرائيل سحب سلاح حماس أو خروج قياداتها، فتكون هناك تحديات أمام التنفيذ.

بيئة مستقرة
ومن واشنطن، قالت الباحثة في الشؤون الدولية، إيرينا تسوكرمان، إن قبول الرئيس ترامب لبيان حماس كإشارة على ضرورة انتهاء الحرب، يعكس حساباً سياسياً ومغامرة استراتيجية في آنٍ واحد، مضيفة أنه من خلال التعامل السريع مع البيان على أنه التزامٌ ذو مصداقية، يهدف ترامب إلى إبراز صورة صانع سلام حاسم، قادر على إجبار الخصوم على التنازل من خلال الضغط وعقد الصفقات. وأوضحت لـ«الاتحاد» أن الهدوء خلال مرحلة التفاوض يظل أمراً بالغ الأهمية، حيث يحتاج الوسطاء إلى بيئة مستقرة لدفع المحادثات بشأن تبادل الأسرى والممرات الإنسانية وأطر إعادة الإعمار بعد الحرب. في نفس السياق، اعتبرت المحللة السياسية، نورهان شرارة، موافقة حركة حماس على مقترح ترامب بالخطوة الاضطرارية التي فرضتها الظروف الإنسانية والسياسية، مؤكدة أنه لا يمكن قراءة الموافقة باعتبارها تحوّلاً استراتيجياً في موقف الحركة.
وأضافت شرارة لـ«الاتحاد» أنه وبعد حوالي عامين من الحرب، وسقوط آلاف الضحايا ودمار البنية التحتية، لم يعد أمام الحركة سوى أن تُظهر قدراً من المرونة، حتى لا تتحمل وحدها مسؤولية استمرار النزيف الإنساني.

خطوة محسوبة
ويرى أستاذ العلوم السياسية المصري، الدكتور هيثم عمران، أن قبول ترامب لبيان حماس لا يمكن النظر إليه على أنه مبادرة عاطفية أو استجابة إنسانية، بل هو خطوة براغماتية محسوبة تعكس إدراكاً أميركياً متأخراً بأن الحل العسكري الكامل بات مستحيلاً في غزة. 
وأضاف أن غزة تحولت إلى ملف استنزاف سياسي وأخلاقي، في وقت يتصاعد فيه الغضب الدولي من المشاهد المروعة للدمار والضحايا المدنيين، لذلك أراد ترامب أن يعيد تقديم نفسه كقائد قادر على صناعة السلام وأن يثبت أن واشنطن لا تزال قادرة على الإمساك بخيوط اللعبة في الشرق الأوسط.

أخبار متعلقة :