ترامب يفتح خزائن "السلاح المحرم" للسعودية ومحمد بن سلمان يرد باستثمار "تريليوني"

الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من لندن: في قمة تاريخية أعادت رسم موازين القوى في الشرق الأوسط، ودشنت مرحلة جديدة من "التكافؤ الاستراتيجي"، استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، الأمير في البيت الأبيض، في لقاء تُوج بإعلانين استراتيجيين من العيار الثقيل: موافقة واشنطن رسمياً على تزويد الرياض بمقاتلات "إف-35" الأكثر تطوراً في العالم، وتعهد المملكة برفع سقف استثماراتها في الولايات المتحدة إلى تريليون دولار.

الزيارة الرسمية، التي جاءت استجابة لدعوة الرئيس الأميركي وبناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بدأت بمراسم استقبال استثنائية في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، تخللتها عروض جوية لمقاتلات أمريكية، قبل أن ينتقل الضيف السعودي إلى الرواق الجنوبي حيث استقبله ترامب واصطحبه إلى المكتب البيضاوي لعقد اجتماع ثنائي، بحضور كبار المسؤولين الأميركيين، بينهم نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الخزانة سكوت بيسنت.

صفقة "إف-35": الرياض في مستوى تل أبيب

وفي تصريح لافت يعكس عمق التحول في العلاقات، أكد ترامب خلال الاجتماع أن "الرياض ستستلم طائرات مقاتلة من طراز إف-35 مشابهة لتلك الموجودة في الخدمة لدى إسرائيل". وأضاف مشدداً على التكافؤ الاستراتيجي: "من وجهة نظري، أعتقد أنهما ( وإسرائيل) في مستوى يفترض أن يحصلا فيه على طائرات إف-35 المتطورة... لدينا اتفاقية تخول المملكة بالحصول على طائرات إف-35، وأعتقد أنها تشابه إلى حد كبير تلك الموجودة في الخدمة لدى إسرائيل... المملكة ستحظى بأفضل الأسلحة والمعدات العسكرية الدفاعية في العالم".

وكان ترامب قد مهد لهذا الإعلان عشية الزيارة، واصفاً السعودية بـ"الحليف العظيم"، في خطوة تنقل الرياض رسمياً إلى نادي الدول المالكة للمقاتلة الشبحية، إلى جانب 20 دولة أخرى بينها بريطانيا وإيطاليا واليابان، مما يمثل تحولاً في نوعية القوة الجوية للمملكة.

تريليون دولار: استثمار في المستقبل

وعلى الصعيد الاقتصادي، كشفت القمة عن أرقام فلكية. فبينما أشار ترامب بتقدير إلى أن السعودية وافقت سابقاً على استثمار 600 مليار دولار، فاجأ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحضور بتأكيده أن المملكة "سترفع التزاماتها بالاستثمار إلى تريليون دولار". وهو ما قابله الرئيس الأمريكي بتأكيد أن هذا التعاون سيفتح آفاقاً واسعة لخلق فرص عمل جديدة في بلاده.

تحول في البنية الدفاعية: من المبيعات إلى الشراكة العملياتية

هذه القمة لم تأتِ من فراغ، بل هي تتويج لمرحلة جديدة في العلاقات الدفاعية، انتقلت من نمط "المبيعات العسكرية" إلى "تعاون دفاعي تقني – عملياتي موسع". وبحسب تقارير وزارة الدفاع السعودية، بلغ عدد التمارين والمناورات المشتركة مع القوات الأمريكية خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من 13 تمريناً، شملت القطاعات الجوية والبحرية والدفاع الصاروخي، أبرزها التمرين المختلط "كوينسي-1" الذي نُفّذ في قاعدة "فورت إيروين" مطلع الشهر الجاري لتعزيز التكامل العملياتي.

كما دشنت السعودية، منتصف هذا العام، أول سرية من نظام "ثاد" الصاروخي الأميركي المتقدم، بعد استكمال اختبارات التشغيل والتدريب الميداني على أراضيها، في خطوة مفصلية لتطوير منظومة الدفاع الجوي بعيدة المدى.


جانب من تدشين منظومة ثاد الصاروخية في السعودية

صفقات نوعية ومرحلة غير تقليدية

وخلال عام 2025 وحده، شهدت العلاقات الدفاعية السعودية – الأميركية أربع صفقات نوعية، أبرزها:

  1. كانون الثاني (يناير): صفقة شراء طوربيدات خفيفة الوزن بقيمة 78.5 مليون دولار لتعزيز قدرات الحرب المضادة للغواصات.

  2. آذار (مارس): صفقة منظومات APKWS الموجهة بالليزر بقيمة 100 مليون دولار، لدعم الدقة وتقليل الأضرار الجانبية.

  3. أيار (مايو): صفقة صواريخ جو – جو بقيمة 3.5 مليار دولار.

  4. أيار (مايو): اتفاقية دفاعية شاملة أُعلن عنها خلال زيارة الرئيس ترمب إلى الرياض، تتضمن مبيعات دفاعية بقيمة 142 مليار دولار من أكثر من 12 شركة أميركية.

تحالفات تاريخية ومستقبل استراتيجي

تستند هذه العلاقة إلى إرث من التحالفات التاريخية، بدءاً من التحالف الدولي لتحرير الكويت في 1991، مروراً بقيادة الجهود المشتركة ضد "داعش" منذ 2014، ووصولاً إلى "التحالف الدولي لأمن الملاحة" الذي انضمت إليه المملكة في أيلول (سبتمبر) 2019.

ويشير "المعهد الأطلسي" في تحليله الحديث إلى أن "الشراكة الدفاعية بين الرياض وواشنطن لم تعد علاقة تبعية، بل نموذجاً عملياً للمصالح المتبادلة"، يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية ودعم القدرات الدفاعية الذاتية للسعودية.

وفي هذا السياق، يقول اللواء المتقاعد عبد اللطيف الملحم، ضابط الارتباط السعودي السابق في قاعدة بنسكولا الأمريكية، إن "الرياض لم يسبق أن رُفض لها طلب تسليح من أميركا"، وأنها "تتمتع بسيادة القرار في اختيار تقنيات التسليح وتوقيتاتها"، معتبراً أن الصفقة تؤكد انتقال المملكة إلى مصاف الشركاء التقنيين القادرين على إدارة الأنظمة المعقدة.

ترحيب رسمي

وعلى الصعيد الرسمي، أكد مجلس الوزراء السعودي أن الزيارة تهدف إلى "تعزيز الشراكة الاستراتيجية والسعي لتحقيق رؤية مشتركة لشرق أوسط آمن"، بينما وصفت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، سفيرة السعودية لدى واشنطن، الزيارة بأنها "فصل جديد" سيساهم في الاستقرار العالمي ويحقق تطلعات القيادتين.

أخبار متعلقة :