ابوظبي - سيف اليزيد - خالد عبدالرحمن، شعبان بلال (أبوظبي، القاهرة)
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة، جهودها في تقديم المساعدات الإغاثية للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، في إطار عملية «الفارس الشهم 3»، التي أمر بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لدعم الأشقاء الفلسطينيين.
وأطلقت عملية «الفارس الشهم 3» أكبر حملة إغاثية في قطاع غزة، لتقديم الدعم لآلاف العائلات الفلسطينية، انطلاقاً من قيم التضامن والعطاء التي تميز سياسة الدولة الإنسانية عالمياً.
ووزع متطوعو «الفارس الشهم 3» طروداً غذائية للعائلات المقيمة في مدينة دير البلح والبالغ عددهم أكثر من 17 ألف أسرة، لتلبية احتياجاتهم ومساندتهم في ظل الأزمات والظروف الصعبة التي يعيشها القطاع.
كما وزع متطوعو عملية «الفارس الشهم 3» طروداً غذائية على 2100 أسرة نازحة في منطقة «الزوايدة» وسط القطاع، لتخفف عنهم قسوة النزوح.
تواصل دولة الإمارات جهودها المكثفة لدعم قطاع غزة، مؤكدة التزامها الثابت بموقفها العربي والإنساني الداعم للشعب الفلسطيني، عبر إرسال المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية، إضافة إلى الجهود الدبلوماسية التي تقودها في المحافل الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار.
وأوضح محللون فلسطينيون، تحدثوا لـ «الاتحاد»، أن الدور الإماراتي الداعم لأهالي القطاع يعكس سياسة ثابتة ورؤية متوازنة تسعى إلى تخفيف معاناة الفلسطينيين، ودعم الجهود الدولية الرامية لتحقيق سلام عادل وشامل، بما يعزز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، من خلال حلول سياسية وإنسانية مستدامة.
في هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة فلسطين، الدكتور تيسير أبو جمعة: إن الحديث عن دولة الإمارات يطول؛ نظراً لدورها العربي والإنساني الكبير في دعم القضية الفلسطينية على مختلف المستويات، حيث أثبتت حضورها القوي في المحافل الدولية كصوت داعم للحق الفلسطيني ومناصر للسلام العادل.
وأضاف أبو جمعة، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن موقف الإمارات تجلى بوضوح خلال الحرب على غزة، حيث قادت جهوداً دبلوماسية حثيثة لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، إلى جانب التحرك لتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الذي يعاني أوضاعاً مأساوية جراء العدوان الإسرائيلي.
وأشار إلى أن هذا الحراك الدبلوماسي الإماراتي الفاعل أثمر نتائج ملموسة، من بينها تزايد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، موضحاً أن الدولة أسهمت بدور بارز داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة للدفع باتجاه اتخاذ قرارات توقف الحرب، وتخفف معاناة المدنيين.
وأفاد أبو جمعة بأن الإمارات لم تتوقف عند الجانب الإنساني فقط، بل تواصل اليوم تحركاتها السياسية والدبلوماسية من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وضمان استمرار دخول المساعدات، إضافة إلى دعم جهود إعادة هيكلة النظام السياسي في القطاع، بما يرسخ الاستقرار، ويمنع تكرار التصعيد مستقبلاً.
وأكد أن الموقف الإماراتي ثابت، ويستند إلى رؤية عربية أصيلة تهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في الحرية والكرامة وإقامة دولته المستقلة، موضحاً أن الدولة اليوم تمثل نموذجاً للدبلوماسية المسؤولة التي توظف علاقاتها الدولية لخدمة القضايا العربية والإنسانية.
من جانبه، أوضح أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، الدكتور هيثم عمران، أنه منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب في غزة، اتخذت دولة الإمارات موقفاً واضحاً يعبر عن ثوابتها السياسية والإنسانية في آن واحد، ولم يكن موقفها رد فعل مؤقتاً أو خطوة عاطفية، بل امتداداً لنهج راسخ في سياستها الخارجية يقوم على دعم الاستقرار الإقليمي، ونصرة الإنسان في كل مكان، بعيداً عن المزايدات والشعارات.
وقال عمران في تصريح لـ «الاتحاد»: إن الإمارات قدمت نموذجاً للدبلوماسية الفاعلة التي توازن بين المبدأ والواقعية، فمن خلال عضويتها ومشاركاتها الفاعلة في المنظمات الدولية، حرصت على إيصال صوت الحق والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وضمان دخول المساعدات الإنسانية من دون قيود، كما دعت إلى تحرك دولي موحد يمنع تكرار المأساة، ويعيد إحياء الأمل في عملية سلام عادلة وشاملة.
وأضاف، أن الجهود الإماراتية لم تقتصر على المواقف الإنسانية فحسب، بل شملت سلسلة اتصالات دبلوماسية متواصلة مع القوى الكبرى والمنظمات الإقليمية، سعياً لتخفيف التصعيد وتهيئة مناخ يمكن أن يعيد الثقة إلى المسار السياسي الفلسطيني الإسرائيلي بعد سنوات من الجمود.
وشدد عمران على أن الإمارات تؤمن بأن دعم غزة لا يكون فقط عبر البيانات السياسية، بل عبر أفعال ملموسة تمس حياة الناس مباشرة؛ لذا سارعت إلى إطلاق جسر جوي لنقل المساعدات الإغاثية، وإقامة مستشفيات ميدانية لعلاج الجرحى، واستقبال المصابين والأطفال للعلاج داخل أراضيها، إلى جانب استمرار عمل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في تقديم الغذاء والدواء والمأوى للنازحين والمتضررين.
وأشار إلى أن الإمارات من خلال هذه التحركات أكدت أن الإنسان هو جوهر سياستها، وأن نصرة المظلوم وإغاثة المتضرر لا تخضع لحسابات سياسية أو اصطفافات آنية، بل تنبع من قيم إنسانية أصيلة راسخة في وجدان قيادتها وشعبها.
دبلوماسية الضمير الإنساني
وذكر أستاذ العلوم السياسية أنه «في عالمٍ يزداد انقساماً وصخباً، تبرز الإمارات كصوتٍ للعقل والحكمة، فهي تدرك أن القوة الحقيقية للدول لا تقاس فقط بما تملكه من إمكانات اقتصادية أو عسكرية، بل بقدرتها على بناء الجسور، وتغليب لغة الحوار، وتحويل المواقف الأخلاقية إلى مبادرات عملية تترك أثراً على الأرض، ومن هذا المنطلق، تواصل الدولة دورها كجسر تواصل بين الأطراف المتنازعة، وسندٍ إنساني للشعوب التي تعاني ويلات الحروب».
ونوه عمران بأن جهود الإمارات في دعم غزة ليست مجرد مبادرات ظرفية، بل هي تعبير عن رؤية متكاملة لدور الدولة في محيطها العربي والعالمي، فهي تمارس «دبلوماسية الضمير الإنساني» التي تضع الإنسان في قلب السياسة، وتقدم المبدأ على المصلحة، وتثبت للعالم أن العمل الإنساني والسياسي يمكن أن يتكاملا في خدمة القيم العليا للسلام والكرامة الإنسانية.
أخبار متعلقة :