تقرير: قطر موّلت جامعات أميركية لنشر أيديولوجيا الإخوان المسلمين

الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من نيويورك: تزعم صحيفة "نيويورك بوست" الأميركية أن قطر ضخت أكثر من 20 مليار دولار في الجامعات الأميركية وغيرها من المؤسسات المرموقة، كجزء من خطة جماعة الإخوان المسلمين المستمرة منذ عقود للتسلل إلى الولايات المتحدة و"تدمير الديمقراطية من الداخل"، بحسب ما أورده تقرير صادر عن معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسة (ISGAP).

ووفق التقرير، فإن مؤسسة قطر، التي تموَّل من قبل الأسرة الحاكمة في الدولة الخليجية، ضخت عشرات المليارات من الدولارات في مؤسسات أكاديمية وثقافية، بهدف تعزيز تأثير جماعة تُوصَف بالإسلامية السنّية داخل النظام التعليمي الأميركي.

ويقول الدكتور تشارلز آشر سمول، المدير التنفيذي للمعهد: "إن قطر لديها بيعة - قسم روحي - لجماعة الإخوان المسلمين، لذا فهي تضخ مليارات الدولارات في جامعاتنا ومدارسنا من الروضة إلى الصف الثاني عشر، ومؤسساتنا الثقافية، مستخدمة النفوذ والقوة الناعمة للترويج لأيديولوجيتها"، بحسب ما جاء في مقابلة مع الصحيفة.

ويضيف سمول أن التحقيقات المالية التي أجراها المعهد تكشف عن تبرع النظام القطري بمبلغ يقارب 10 مليارات دولار لجامعة كورنيل وحدها، بينما تلقت جامعات أخرى مثل جورج تاون وتكساس إيه آند إم وبراون مبالغ أقل.

وتعليقًا على ذلك، قال سمول: "هذه مجرد غيض من فيض"، مقدرًا أن المبلغ الإجمالي قد يصل إلى "100 مليار دولار على الأقل"، لافتًا إلى أن التحقيق شمل "عددًا قليلاً فقط من الجامعات حتى الآن".

أموال التعليم.. تبقى في الدوحة؟

تدير جامعة كورنيل الأميركية فرعًا لكلية الطب في قطر، وأفاد متحدث باسم الجامعة أن التمويل "يبقى في قطر"، موضحًا أن الميزانية السنوية المخصصة للكلية تتراوح حول 156 مليون دولار بين عامي 2012 و2025، ليبلغ الإجمالي نحو 2.2 مليار دولار.

وأضاف المتحدث: "نحن فخورون بكوننا أول جامعة أميركية تقدّم شهادة الطب خارج البلاد، بهدف تدريب الأطباء والعلماء في مجال رعاية المرضى والبحث الطبي الحيوي وتحسين جودة الحياة".

جورج تاون وتكساس إيه آند إم ضمن القائمة

وبحسب سمول، فقد تلقت جامعة جورج تاون "أكثر من مليار دولار" من مؤسسة قطر، وجهت إلى تمويل برامج تعليمية في العلوم الاجتماعية ودراسات الشرق الأوسط، إضافة إلى دعم برنامج يُعد من أبرز برامج التدريب الدبلوماسي على مستوى العالم.

أما جامعة تكساس إيه آند إم، فقد كشف تقرير ISGAP أنها حصلت على ما يقرب من 1.3 مليار دولار منذ عام 2003، ضمن اتفاقية مع المؤسسة لتمويل أكثر من 500 مشروع بحثي في حرم الجامعة بالدوحة.

ووفق نص الاتفاق، فإن جميع حقوق الملكية الفكرية الناتجة عن هذه المشاريع تعود لمؤسسة قطر، وهو ما أكدته الجامعة في بيان لـ"نيويورك بوست"، موضحة أن أعضاء هيئة التدريس يحصلون على نسبة 37.5% من صافي العائدات، بينما يُوزَّع الباقي بين المؤسسة والجامعة.

وقال سمول إن 58 مشروعًا من هذه الأبحاث تندرج ضمن فئة "الاستخدام المزدوج" لأغراض عسكرية، وعددًا آخر منها يُستخدم في سياقات بحثية نووية، مطالبًا وزارة الطاقة الأميركية بفتح تحقيق.

في المقابل، أكدت الجامعة أنه "لا يُجرى أي بحث متعلق بالتكنولوجيا النووية أو الأسلحة أو الأمن القومي في الحرم الجامعي بقطر"، وأضافت أن "جميع الأنشطة هناك تخضع للشفافية".

وكانت الجامعة قد أعلنت في شباط (فبراير) 2024 عن بدء إجراءات إغلاق فرعها في قطر، معتبرة أن مهمتها الأساسية ينبغي أن تتركز داخل أميركا. غير أن سمول أشار إلى أن التحقيق ربما "لامس وترًا حساسًا" دفع الجامعة إلى اتخاذ القرار.

أدوات التأثير: منظمات طلابية وخرائط جغرافية

يشير التقرير إلى أن "رابطة الطلاب المسلمين" (MSA)، والتي لديها فروع في أكثر من 600 حرم جامعي – بينها كولومبيا ونيويورك – تُعد الأداة الأساسية للتأثير في الحرم الجامعي.

كما يتحدث التقرير عن تعاون وثيق بين الرابطة ومنظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" (SJP)، ويصفه بأنه "فعال في تحقيق أهداف الإخوان المسلمين" في سياق الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، التي اندلعت في تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

وسألت الصحيفة متحدثًا باسم جامعة كولومبيا عن فتح تحقيق في نشاطات فرع الرابطة داخل الحرم، فرد بالقول: "نحن واضحون في عدم التسامح إطلاقًا مع أي ترويج للإرهاب أو العنف".

في سياق آخر، تُتهم مؤسسة قطر الدولية، وهي الذراع الأميركية للمؤسسة، بأنها تقف خلف خريطة "العالم العربي" التي وُضعت في فصل دراسي بمدرسة PS 261 في بروكلين عام 2024، والتي أثارت جدلاً واسعًا بعد أن أُعيد تصنيف إسرائيل فيها باسم "فلسطين".

من "الجهاد الحضاري" إلى "تفكيك المجتمع الأميركي"؟

وفي تقرير بعنوان "الدخول الاستراتيجي لجماعة الإخوان المسلمين في المجتمع الغربي: تحليل منهجي"، يؤكد معهد ISGAP أن الجماعة الإسلامية تُنفّذ خطة طويلة الأمد لاختراق مؤسسات المجتمع الغربي "من الداخل"، عبر نشر الحلفاء والأفكار الأيديولوجية في مفاصل التعليم والحياة الثقافية.

ودعا المعهد الولايات المتحدة إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ"منظمة إرهابية" لوقف ما وصفه بـ"التهديد المؤسسي".

وكان حاكم ولاية تكساس، غريغ أبوت، قد أعلن رسميًا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2025 تصنيف الجماعة، إلى جانب "مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية" (CAIR)، ضمن لائحة المنظمات الإرهابية في الولاية.

وقالت النائبة إليز ستيفانيك: "جماعة الإخوان المسلمين منظمة مؤيدة لحماس، تنفذ استراتيجية تُعرف باسم 'الجهاد الحضاري'، هدفها تمزيق المجتمع الغربي إلى خلايا متطرفة".

دعوة إلى الشفافية... و"فهم عقل العدو"

ويشدد سمول على أهمية كشف مصادر التمويل الخارجي للمؤسسات التعليمية، قائلاً: "عندما تأخذ الجامعات أموالاً من جهات تتعارض مع القيم الديمقراطية والتعليم الليبرالي، فلا بد من وجود ضمانات تحمي هذه المؤسسات من التأثير".

وحذر من أن "كثيرًا من الطلاب في أفضل جامعاتنا أصبحوا يظهرون دعمًا صريحًا لحماس"، معتبرًا ذلك دليلاً على اختراق في منظومة التعليم.

وفي نهاية التقرير، يقول سمول: "إن جماعة الإخوان المسلمين لا تسعى فقط إلى تدمير إسرائيل وقتل اليهود حول العالم، بل تهدف أيضًا إلى إخضاع النساء، وقتل المثليين، وتفكيك مفهوم المواطنة المتساوية".

ويضيف: "ببساطة، المبادئ الأساسية التي نأخذها كأمر مسلم به – مثل المساواة أمام القانون بغض النظر عن العرق أو الدين أو الخلفية – هي ما يريدون تدميره واستبداله".

* أعدت "الخليج 365" التقرير عن "نيويورك بوست". التقرير في NYP

أخبار متعلقة :