بمناسبة عيد الاستقلال واقتراب الزيارة الرسولية لقداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، نظّمت جامعة سيدة اللويزة بالتعاون مع الرابطة المارونية ندوة حملت عنوان: "الكيانية اللبنانية: مسيرة نحو تحقيق الانتماء"، وذلك في قاعة عصام فارس داخل حرم الجامعة في زوق مصبح، في إطار تأكيد دور الجامعة في تعزيز الحوار الوطني وترسيخ مفهوم العيش المشترك.
استهلّ الندوة رئيس جامعة سيدة اللويزة الأب بشارة الخوري، الذي اعتبر أنّ هذا اللقاء يتجاوز إطار الندوات التقليدية، لأنّه يتناول عنوانًا يحمل في طيّاته رسالة ومسؤولية: "الكيانية اللبنانية: مسيرة نحو التحقيق والانتماء". وأوضح أنّ انعقاد الندوة بين محطتين وطنيتين بارزتين ـ ذكرى الاستقلال من جهة، والزيارة البابوية المرتقبة من جهة أخرى ـ يمنحها معنى إضافيًا، إذ تأتي بين ماضٍ صنع هوية وطن وُلد ليبقى، ومحطة نرجو أن تشكّل حدثًا تاريخيًا يُعيد فتح أبواب الأمل على مصراعيه.
وأضاف الخوري أنّ اللقاء هو وقفة أمام رسالتين تتكاملان في خدمة لبنان: رسالة جامعةٍ حملت منذ عام 1736 عبءَ المسؤولية الوطنية والإنسانية، ورسالة رابطة مارونية ظلّت عبر التاريخ ركيزة من ركائز العقل السياسي والروحي في اللحظات المفصلية وقرارات المصير.
وأشار إلى أنّ المفردات كثيرًا ما تتشوّه على أيدي المشتّتين، وأنّ المساحة المشتركة التي بُني عليها لبنان تستحق أن تُحمى، ولذلك كان لا بد من الارتفاع إلى مستوى العنوان، والتفكير عاليًا وبصوت واحد، انطلاقًا من هذا المنبر الجامعي.
ورحب الخوري بالضيوف موضحًا أنّ الجامعة هي المكان الأخير الذي لا يزال يتيح التفكير بموضوعية ومنطق، لأنها المكان الذي تتكوّن فيه أجيال جديدة من شباب وشابات لبنان، ولأنّ من رسالتها الأساسية المشاركة في طرح الأسئلة الكبرى: أيّ لبنان نريد؟ وأيّ كينونة سنصون ونحرس؟
وأكد في ختام كلمته أنّ ما يجري على الساحة السياسية والأمنية لا يمكن أن يكون نهاية الكلام، لأن الكلمة الأخيرة ستظلّ للفاعلين في سبيل السلام.
بعد ذلك، قدّم الإعلامي يزبك وهبة مداخلة تمهيدية شدّد فيها على أنّ الفسيفساء التي تُشكّل لبنان لا تقوم على التناقض بل على التكامل، وأن كلّ حجر منها يكتسب قيمته من دوره في صون الوطن. ورأى أنّ اللبنانيين مدعوون إلى دعم بعضهم بعضًا، وأنّ المحافظة على الاستقلال ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالتمسّك بالكيان اللبناني وتعزيز مقوّماته.
وأضاف أنّ التعدديّة ليست مشكلة بل مصدر غنى إذا ما ترجمت إلى تعارف وتقارب حقيقيين، لأنّ المعرفة المتبادلة تُنتج فهمًا مشتركًا، والفهم المشترك يُمهّد لشراكة وطنية راسخة هي ضرورة ثابتة في بلد يقوم على التنوع والتكامل.
ثم تكلّم رئيس الرابطة المارونية مارون الحلو، الذي عبّر عن تقديره لجامعة سيدة اللويزة وللأب الخوري على توفير مساحة للحوار بين مختلف المكوّنات. وأكد أنّ الكيانيّة اللبنانية ثابتة لا يختلف عليها اثنان، لكنه رأى أنّ الوقوف تحت راية العلم اللبناني، رغم أهميته، لا يكفي وحده لتحقيق المواطنة الحقيقية.
وشدّد الحلو على ضرورة صون قيم المواطنة والعمل على أن يكون كل فرد مواطنًا صالحًا داخل دولة قائمة على المؤسسات واحترام القانون والمساواة بين جميع أبنائها.
كما رأى أنّ تعزيز الانتماء الوطني يحتاج إلى مشاركة فعّالة في الشأن العام، وانحياز دائم للمصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبارات شخصية أو فئوية، مشيرًا إلى أنّ بناء وطن قوي يمرّ حتمًا عبر احترام القانون وتفعيل دور الدولة في حماية الحقوق والواجبات.
ثم كانت مداخلة للقاضي الشيخ خلدون عريمط، الذي قال إنّ لبنان اليوم "ينزف"، وإنّ القرار فيه قد لا يكون ملكًا لأبنائه كما يجب. وأكد أنّ الزيارة المرتقبة للحبر الأعظم تفتح الباب أمام تجديد السؤال حول أيّ لبنان نريد: لبنان السيد، الحرّ، والمستقبل.
وشدّد عريمط على أنّ الانتماء الحقيقي يكون للدولة أولًا وأخيرًا، وأنّ على اللبنانيين الابتعاد عن المشاريع التي تمزّق المجتمع، لأن لبنان هو وطن الرسالة، ومن واجب الجميع غرس ثقافة المواطنة في نفوس أبنائه.
وأضاف أنّ نهوض لبنان يتطلب إرادة مشتركة ورؤية جامعة تتخطّى المصالح الضيقة، وأن الحوار الصادق بين المختلفين هو المدخل الطبيعي لإعادة بناء الثقة المفقودة. وختم بالتأكيد أنّ مستقبل لبنان لا يصنعه إلا أبناؤه عندما يختارون المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.
ثم قدّم الشيخ ربيع قبيسي مداخلته مؤكّدًا أنّ المرحلة الأولى التي يحتاجها لبنان اليوم هي إعادة بناء الثقة، لأنها أساس أي مجتمع سليم. واعتبر أنّ الطوائف، متى كان تفكيرها إيجابيًا، قادرة على الإسهام في بناء الوطن، وأنّ التنوع مصدر معرفة وتطوّر إذا أُحسن توجيهه.
وأشار إلى أن المشكلة تكمن في أنّ كل فريق يحاول فهم الآخر كما يريد هو، لا كما يريد الآخر أن يُفهَم، ما يعيق التواصل الحقيقي. ودعا إلى حوار واضح يسمح بأن يكمل اللبنانيون بعضهم بعضًا، لأنّ لبنان يحتاج إلى كل أبنائه للوصول إلى الحقيقة وإرساء شراكة وطنية ثابتة.
ثم تحدث القاضي الشيخ غاندي مكارم الذي رأى أنّ اللبنانيين يجب أن يجتمعوا حول القضايا التي تُسهم في بناء الوطن، لأن الاستقلال لا يمكن أن يتحقق من دون عيش مشترك مبني على التعاون والتفاهم.
وأكد أنّ الدماء والأحقاد لا تبني أوطانًا بل تزيد الانقسام وتُضعف الكيان الوطني، مشيرًا إلى أنّ الأزمات والحروب التي مر بها لبنان عبر العقود أثبتت أنّ اللبناني يقف إلى جانب أخيه في المحن، وأن هذا التضامن يشكل رصيدًا وطنيًا كبيرًا يجب الحفاظ عليه وتنميته.
بعد ذلك، كانت مداخلة موسّعة للباحث والأكاديمي عماد مراد الذي استعرض المحطات التاريخية التي أسّست للكيان الماروني ثم اللبناني، بدءًا من البطريرك يوحنا مارون الذي أسّس الكيان الكنسي الماروني المستقل، مرورًا بالبطريرك اسطفان الدويهي الذي حافظ على الكيان وسط الظروف العثمانية الصعبة، وصولًا إلى البطريرك الياس الحويك الذي طالب في مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 بإعلان دولة لبنان الكبير وبخصوصية لبنان وحدوده الطبيعية.
وأكد مراد أنّ الارتباط بالأرض ليس مجرد علاقة جغرافية بل علاقة روحية وذاكرة جماعية تمنح الإنسان إحساسًا بالانتماء والاستمرارية.
واختُتمت الندوة بنقاشات من الحضور حول مفهوم الكيانيّة اللبنانية وأبعادها وسبل تجذيرها في المجتمع اللبناني، قبل أن يقدّم الأب الخوري هدية تذكارية عبارة عن كتاب "لبنان الكبير"، وتُلتقط الصور الختامية.
كانت هذه تفاصيل خبر جامعة سيدة اللويزة نظّمت ندوة بعنوان "الكيانية اللبنانية: مسيرة نحو تحقيق الانتماء" بالتعاون مع الرابطة المارونية لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :