الميليشيات الإخوانية تؤجج الصراع في السودان

ابوظبي - سيف اليزيد - شعبان بلال (الخرطوم، القاهرة)

تعمل ميليشيات مرتبطة بجماعة الإخوان على تأجيج الصراع الدائر في السودان، منذ أكثر من عامين، في خطوة من شأنها تحويل النزاع من صراع على السلطة إلى صراع ذي طابع أيديولوجي، مما يهدد بتوسيع دائرة العنف، وتعميق الانقسامات داخل المجتمع السوداني.
وأوضح خبراء ومحللون، تحدثوا لـ«الاتحاد»، أن عودة هذه الميليشيات إلى المشهد العسكري، لا تمثل مجرد تطور ميداني عابر، بل تعكس مسعى منظماً لإعادة توظيف البُنى الإخوانية داخل الصراع، بما ينقل الحرب من إطارها السياسي والعسكري إلى مسار عقدي أكثر تعقيداً وخطورة.

وأشاروا إلى أن عسكرة التنظيمات الأيديولوجية لا تُطيل أمد النزاعات فحسب، بل تُقوض فرص التسوية، وتهدد وحدة الدولة السودانية، وتفتح الباب أمام تفكك مؤسساتها وانزلاقها إلى صراع طويل الأمد يصعب احتواؤه.
وقال منير أديب، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة: إن الرصاصة الأولى في الحرب السودانية لم تكن عشوائية، بل أطلقتها جماعة الإخوان، التي مثّلت منذ اللحظة الأولى وقود هذه المعركة وأداتها الرئيسية، ولا تزال حتى الآن تُستخدم كبيادق وسلاح بيد أطراف الصراع.
وأضاف أديب، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الجيش السوداني اعتمد بشكل أساسي على التنظيم الإخواني في حربه، والجماعات ذات الخلفية الأيديولوجية، حيث تمتلك تشكيلات مسلحة، وأنشأت معسكرات تدريب لعناصرها.
وأشار إلى أن هذه الجماعات، لجأت إلى تجنيد الأطفال واستخدامهم وقوداً للحرب، في ظل الاستنزاف البشري الكبير والخسائر المتزايدة في الأرواح، حيث يتم تعويض تلك الخسائر عبر الدفع بمزيد من الأطفال إلى ساحات القتال. 
وأكد أديب، أن هذه التنظيمات تستند إلى رؤية أيديولوجية متطرفة تبرر تجنيد الأطفال، وتتبنى مفهوماً عَقدياً يُعرف بـ«الأشبال»، معتبرة إياهم ملكاً للدعوة، ويمكن الزج بهم في المهام العسكرية عند الحاجة، وفرض الزي العسكري عليهم والمشاركة المباشرة في القتال.
وذكر أن بعض هؤلاء الأطفال ينتمون إلى أسر مرتبطة بنفس الفكر الأيديولوجي، بينما جرى استقطاب آخرين عبر خطاب تعبوي نجح في التأثير على قطاعات اجتماعية مختلفة، مؤكداً أن المحصلة النهائية لهذه الممارسات هي جريمة واضحة، تتمثل في تجنيد الأطفال واستغلالهم في النزاع المسلح، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف والمواثيق الدولية التي تحظر إشراك الأطفال في الحروب، مشدداً على أن هذه التنظيمات لا تعترف بالقانون الدولي ولا بحرمة الإنسان، ناهيك عن أن الطفل الذي يُزج به في حرب لا يدرك طبيعتها ولا أبعادها.
في السياق، قال الدكتور هيثم عمران، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي: إن التطورات الميدانية في السودان تكشف بوضوح عن صعود ما يُعرف بـ«كتيبة البراء بن مالك» كإحدى القوى شبه العسكرية ذات الخلفية الأيديولوجية الصريحة، وهذه الكتيبة ترتبط تاريخياً بتشكيلات «الدفاع الشعبي»، التي مثلت الذراع الميدانية للحركة الإخوانية خلال فترة حكم عمر البشير.
وأضاف عمران، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن عودة هذه الكتيبة إلى المشهد العسكري في ظل الحرب الدائرة حالياً، تعكس محاولة ممنهجة لإعادة توظيف البُنى التنظيمية الإخوانية داخل الصراع السوداني، في مسعى يتجاوز مفهوم الدفاع الوطني إلى السعي للتأثير في مآلات الحرب سياسياً وأيديولوجياً.
وأشار إلى أن خطورة هذه التشكيلات لا تكمن فقط في دورها القتالي، بل فيما تحمله من خطاب تعبوي، من شأنه تحويل النزاع من صراع على السلطة إلى صراع ذي طابع أيديولوجي، مما يهدد بتوسيع دائرة العنف، وتعميق الانقسامات داخل المجتمع السوداني.

تمدد العنف

وحذّر أستاذ العلوم السياسية، من أن انخراط قوى مرتبطة بتنظيم الإخوان في الحرب، ينذر بإطالة أمد الصراع وتعقيد فرص التسوية السياسية، لافتاً إلى أن التجارب الإقليمية السابقة، تؤكد أن عسكرة التنظيمات الأيديولوجية، غالباً ما تؤدي إلى تقويض مسارات الدولة الوطنية، وتفكيك مؤسساتها، وفتح المجال أمام تمدد العنف خارج نطاق السيطرة.
وشدّد على أن معالجة الأزمة السودانية لا ينبغي أن تقتصر على الترتيبات العسكرية وحدها، بل تستلزم تفكيك البُنى شبه العسكرية ذات الخلفيات العقدية، بما يضمن الحفاظ على وحدة الدولة السودانية، ويحول من دون انزلاقها إلى نموذج الصراعات الممتدة وطويلة الأمد.

أخبار متعلقة :