كتبت: ياسمين عمرو في الاثنين 29 سبتمبر 2025 06:59 صباحاً - الجمباز رياضة دقيقة تتطلب صبراً طويلاً؛ لأن نتائجها لا تظهر سريعاً؛ حيث يتعلم الطفل الحركة عشرات المرات قبل أن يؤديها بسلاسة، وهذا الإصرار قد يكون مرهقاً للطفل ولأسرته، خاصة أن لعبة الجمباز تفضل أن يكون الطفل صغير السن مقارنة بأي لعبة أخرى. ولهذا تتحوّل رياضة الجمباز للأطفال رغم التعب والضغط، إلى رحلة يومية من التحدي والإصرار، يشارك فيها الطفل وأسرته معاً، بجانب كونها استثماراً شاملاً في مستقبل الطفل: جسدياً، عقلياً، اجتماعياً، وعاطفياً.
هل تعلمين أن الجمباز واحدة من أكثر الألعاب الرياضية انتشاراً، وهي أحد برامج التمارين الأكثر شمولاً والمتاحة للأطفال؛ لأنها تتضمن عدداً من المهارات المتقدمة والمختلفة في رياضة واحدة مثل: القوة والمرونة والسرعة والتوازن والتنسيق والقوة. تقرير اليوم يتضمن فوائد رياضة الجمباز للأطفال بشكل تفصيلي، يسردها الدكتور محمد الناصر أستاذ فريق الجمباز بأحد النوادي الرياضية العريقة.
أولاً: الصعوبات والتحديات التي تواجه الأسرة
التدريب المنتظم يتطلب التزاماً صارماً بالوقت، وغالباً ما يُقام في ساعات قبل أو بعد المدرسة، ما يعني ضغطاً على جدول الأسرة، كذلك، يحتاج الأهل إلى مرافقة أطفالهم باستمرار، وتوفير الدعم النفسي عندما يشعرون بالإرهاق أو الإحباط.
ثانياً: الفوائد المعرفية
الجمباز ليس مجرد حركة جسدية، بل هو تدريب للدماغ أيضاً، الأبحاث أثبتت أن ممارسة الجمباز تساعد الأطفال على تحسين التناسق الحركي والإدراك المكاني؛ فالطفل يتعلم كيف يوازن بين جسده والأرض، وكيف يتحكم في اتجاهاته أثناء القفز أو الدوران.
تعزيز مهارات حل المشكلات: عندما يواجه الطفل عقبة أو حركة صعبة، يبدأ في البحث عن طريقة لتجاوزها، سواء بتغيير اتجاه اليدين أو إعادة المحاولة بزاوية مختلفة.
زيادة التركيز والانتباه: لأن الحركات معقدة وتتطلب دقة عالية، يضطر الطفل إلى الانتباه الكامل لكل تفصيلة، وهذا ينعكس على أدائه المدرسي أيضاً.
دراسة حديثة في الصين وجدت أن الأطفال الذين مارسوا الجمباز بانتظام لأسابيع قليلة، أظهروا تحسناً ملحوظاً في الذاكرة والانتباه مقارنة بأقرانهم الذين لم يشاركوا، وهذا يوضح أن الجمباز ليس نشاطاً بدنياً فقط، بل تمرين متكامل للدماغ.
ثالثاً: الفوائد البدنية
إذا كان هناك مجال يلمع فيه الجمباز بشكل خاص، فهو الجانب الجسدي، هذه الرياضة تعزز:
القوة العضلية: فالطفل يستخدم وزن جسده في تمارين التوازن والقفز والدوران، مما يقوي العضلات الأساسية.
المرونة: الحركات المتنوعة من شد وفتح تجعل المفاصل والعضلات أكثر ليونة.
التحمل: مع استمرار التدريب، يصبح الطفل قادراً على ممارسة النشاط لفترات أطول دون تعب.
النمو الصحي: الجمباز يساعد على تقوية العظام، تحسين شكل الجسم، والحفاظ على وزن صحي، مما يقلل خطر السمنة في سن مبكرة.
النشاط البدني المنتظم للأطفال: يقلل من خطر الأمراض المزمنة مستقبلاً، ويعزز صحة القلب والجهاز التنفسي منذ الطفولة، كما أكدت منظمة الصحة العالمية.
رابعاً: الفوائد الاجتماعية
- الجمباز قد يبدو رياضة فردية، وفي الواقع أن الفريق غني بالتفاعل الاجتماعي؛ فهم ينسقون مع زملائهم وقت التدريبات والعروض.
- احترام القواعد والدور؛ إذ عليهم انتظار دورهم في استخدام الأجهزة أو الالتزام بتعليمات المدرب.
- الطفل الذي يتعلم عرض مهاراته أمام الآخرين يكتسب جرأة وثقة بالنفس في المواقف الاجتماعية المختلفة، وهذه المهارات لا تبقى في القاعة الرياضية، بل تنتقل إلى المدرسة والبيت؛ حيث يصبح الطفل أكثر تعاوناً وقدرة على التكيف مع الجماعات.
خامساً: الفوائد العاطفية
الجمباز أيضاً وسيلة رائعة لبناء شخصية الطفل من الداخل.
التفريغ النفسي: الطفل يجد في التمارين متنفساً لطاقة التوتر والغضب أو القلق.
رفع تقدير الذات: كل حركة جديدة يتقنها تزيد من ثقته بنفسه وتُشعره بالإنجاز.
تعزيز المرونة النفسية: حين يفشل الطفل في أداء حركة ثم ينجح بعد محاولات، يتعلم أن الفشل جزء من التعلم، وأن الصبر والمثابرة يقودان إلى النجاح.
علماء النفس يشددون على أن هذا النوع من التجارب المبكرة، يرسخ في عقل الطفل مبدأ "النمو عبر الجهد".
سادساً: القيم الثقافية والعائلية
في مجتمعاتنا، يلعب الجمباز دوراً يتجاوز الرياضة، فالتدريب يتم مع الفريق في إطار آمن وشامل للبنين والبنات؛ إذ يمنحهم فرصة اللعب المشترك باحترام ودون تمييز.تعزيز الروابط الأسرية؛ كثير من الأهالي يرافقون أبناءهم إلى التمارين أو يشجعونهم في المسابقات، ما يعزز العلاقة الأسرية.
الانسجام مع التربية المتوازنة: التي تهتم بنمو الطفل جسدياً، عقلياً، وعاطفياً.
هذه القيم تجعل الجمباز ليس مجرد نشاط فردي، بل مشروع أسري وثقافي يربط العائلة معاً.
سابعاً: تمهد للأداء الأكاديمي
ممارسة الجمباز تنعكس مباشرة على الأداء المدرسي:
تحسين التركيز: الطفل الذي يتعلم الانتباه أثناء التمارين، يصبح أكثر قدرة على التركيز في الحصص الدراسية.
دعم مهارات التخطيط والذاكرة: من خلال حفظ تسلسل الحركات ومتابعتها بدقة.
غرس عقلية الهدف والإنجاز: حيث يتعلم الطفل أن الوصول إلى مهارة جديدة يحتاج إلى وضع خطة، الصبر، والمحاولة المستمرة، وهو ما ينطبق على دراسته أيضاً.
في النهاية لعبة الجمباز تستحق التضحيات من الوقت والجهد وحتى المال، لكنه في المقابل يقدّم للأطفال نمواً شاملاً ومتوازناً، يمزج بين القوة الجسدية، التركيز العقلي، المرونة النفسية، والمهارات الاجتماعية.
اللعبة التي تبدأ بطفلة متعبة في صباح شتوي قد تنتهي بفتاة قوية، واثقة من نفسها، قادرة على مواجهة تحديات الحياة بمرونة وصبر، وهذا هو الجوهر الحقيقي للرياضة.
إن رحلة الجمباز رغم صعوبتها، استثمار طويل الأمد، ليس فقط في صحة الطفل، بل في شخصيته ومستقبله كله، ومن هنا يمكن القول: نعم، كل لحظة تعب تستحق.
أخبار متعلقة :