وفاة الشاعر ناصر بن جريد.. صوت الكلمة النقية وأيقونة الأغنية السعودية

تابع الان خبر وفاة الشاعر ناصر بن جريد.. صوت الكلمة النقية وأيقونة الأغنية حصريا على الخليج 365

بيروت - نادين الأحمد - توفي الشاعر السعودي ناصر بن جريد بعد رحلة طويلة مع المرض، تاركًا إرثًا شعريًا خالدًا شكّل ملامح الأغنية السعودية الحديثة وأثرها الإنساني العميق.

رحل ناصر بن جريد بهدوء يشبه حضوره، بعد مسيرة شعرية طويلة آمن فيها أن الشعر الغنائي ليس مجرد إيقاع، بل روح ومعنى.

لم يكتب ليُطرب، بل ليُعبّر، فكانت قصيدته صوتًا صادقًا للحياة والوجدان. في زمن كانت الأغنية السعودية تبحث فيه عن هويتها، جاء حاملاً وعي الكلمة ومسؤولية الفن، مؤمنًا بأن الشعر رسالة لا تُقال إلا بصدق.

«سكة التايهين».. نقطة تحوّل في الأغنية السعودية

من بين أعماله التي رُسخت في الذاكرة، تبرز أغنية «سكة التايهين» التي لحنها الموسيقار طارق عبدالحكيم وغناها الفنان محمد عبده، لتصبح علامة فارقة في مسيرة الأغنية السعودية.

كتب فيها ناصر التيه لا كضياع، بل كبحث عن يقين في الحب، وعن إنسان يتأمل قلبه ليجد طريقه إليه. كانت كلماته مرآةً لروحه: شفافة، رصينة، خالية من الضجيج، لكنها تترك أثرًا خالدًا في الوجدان.

علاقة فنية وإنسانية مع محمد عبده وطلال مداح

الشاعر السعودي ناصر بن جريد جمعت ناصر بن جريد بالفنان محمد عبده علاقة إنسانية وفنية عميقة، تجاوزت حدود النص إلى فهمٍ مشترك للفن واللغة. كان محمد عبده يرى في كلماته صدقًا نادرًا، ويقول عنه في مجالسه: «كلمة ناصر تُغني نفسها قبل أن تُلحّن».

كما ربطته بالفنان طلال مداح صداقة فنية قائمة على الإحساس بالموسيقى كرسالةٍ للجمال وصدق التجربة.

شاعر وإعلامي حمل الوعي الثقافي إلى جانب مسيرته الشعرية، عُرف بن جريد بجهوده في الصحافة والثقافة، حيث عمل في تحرير الصفحات الثقافية بمجلة اليمامة، ودافع مبكرًا عن الشعر الشعبي باعتباره مكوّنًا ثقافيًا لا يقل أصالةً عن الشعر الفصيح.

كان يرى في الكلمة المحلية نافذةً تعبّر عن الإنسان وتاريخه، وساهم عبر مقالاته في تطوير الذائقة الأدبية بأسلوب يجمع بين التجربة والحسّ الفني العميق.

توازن بين الوطن والوجدان

كتب ناصر للوطن كما كتب للعاطفة، ممسكًا بتوازن دقيق بين الحس الوطني والوجدان الإنساني. في قصائده الوطنية كان الانتماء صامتًا في صدقه، بعيدًا عن المبالغة، وفي قصائده العاطفية ظهرت حكمة القلب حين يتكلم بصدق وتجربة.

كان يؤمن أن الكلمة إن لم تُكتب بإخلاص فلن تبقى مهما لحنها الكبار.

شاعر الحضور الصادق والغياب الهادئ

لم يكن ناصر بن جريد كثير الظهور أو سريع النشر، لكنه ظل حاضرًا في ذاكرة الفن والأدب بصدق تجربته ونقاء لغته.

جمع في مسيرته بين الشعر والفكر، وبين النغمة والمعنى، لتصبح قصيدته شوفًا على زمنٍ أنيق في ذائقته، عميق في إحساسه، ومخلص في كلمته. رحم الله ناصر بن جريد، شاعر «سكة التايهين»، الذي غادر الدنيا بهدوء، تاركًا وراءه صوت الكلمة النقية التي ظلت تغني للأرض والإنسان حتى آخر نبضة.

أخبار متعلقة :