نعم للحب.. لا للتعلق!

يحدث أحيانًا أن نمسك بشيء لا يُمسك، كخيط من دخان. شيء لا نراه تمامًا، ولا نستطيع الاستغناء عنه. هذا هو التعلّق.

هو ذلك الشعور الغامض الذي لا يعلن عن نفسه صراحة، لكنه يزحف بخفة ولؤم إلى داخل القلب، يستقر في زواياه، ويتمدد في تفاصيل الحياة حتى يصبح جزءًا منها.

والمتعلق لا يقول «أنا متعلق»، بل يُعرف من طريقة الانتظار، ونبرة الصوت عند الحديث عن شخص، ومن رعشة اليد عند ذكر مكان أو ذكرى.

التعلّق ليس حبًا، رغم شبهه الشديد به. فالحب شعور حر ناضج ، ومن يشعر به ويعيشه قادرة عادةً على الاكتفاء والتسامح. أما التعلق فهو حبٌّ خائف، مأسور، ومشروط بالبقاء والاستمرار. وهو لا يريدك سعيدًا فقط، بل يريدك قريبًا، دائمًا، كما أنت، لا تتغير، ولا تغيب، ولا تفلت. فرق آخر بين الحب والتعلق نستطيع رصده؛ الحب يمرض عندما يتحوّل إلى خوف من الفقد أكثر من كونه فرحًا بوجود من نحب. أما التعلّق، فلا يرضى بالقليل، ولا يعرف التوازن، بل يملأ كل المساحة ويطلب المزيد.

وغالبًا ما يبدأ التعلّق في لحظة ضعف، حين يشعر الإنسان أنه ليس كافيًا بمفرده، أو حين يتلقّى دفعة من العناية والاهتمام لم يعرفها من قبل. فنتشبث بمن أعطانا هذا الدفء، كما يتشبث طفل بأطراف ثوب أمه في الزحام. هذا التعلق لا يكون في الأشخاص فقط، بل في الأماكن والذكريات والأصوات التي تُشعرنا بالأمان، وحتى في الألم أحيانًا. نعم.. قد نتعلق بما يؤلمنا، إذا كان يربطنا بشيء أعمق، أو يُشعرنا أننا أحياء.

وفلسفة التعلق تحمل في طياتها سؤالًا أبديًا: هل نحن متعلّقون لأننا لا نمتلك، أم لأننا لا نعرف كيف نعيش بدون ما نمتلك؟ وهل التعلّق ضعف، أم أنه مجرد نتيجة طبيعية للحاجة البشرية للارتباط؟ هل نُلام على تمسكنا بأشياء تمنح حياتنا طعمًا ومعنى؟ أم نُلام على عدم قدرتنا على المضي وحدنا؟

وأسوأ ما في التعلق أنه في لحظة ما يتحول إلى قيد، فيجعلنا نعيش على أطراف أعمارنا، مرتهنين لردة فعل، أو لرسالة، أو لحضور أحدهم. فيسرق منا حريتنا العاطفية، ويجعلنا نُعيد حساباتنا بناءً على احتمالات الآخرين، إذ نُضحي بأحلامنا، ونؤجل قراراتنا، فقط لنحافظ على هذا الخيط الواهن.

لكن، رغم كل ذلك، نحن لا نشفى من التعلق بسهولة. لأننا في لحظاته نُحِس بالحياة بشكل مكثف. فنغرق في التفاصيل الصغيرة، ونُضخم اللحظات الجميلة . نعلّق قلوبنا بعبارات عابرة، ونكتب رسائل لا نرسلها، ونعيش في خيالاتنا مئات السيناريو للقاء منتظر أو وداع متوقع. وهذا يعني أن التعلق يخلق داخلنا عالمًا موازيًا وغنيًّا ومزدحمًا ومثيرًا لكنه هش. إذ ينهار عند أول تَجاهل.

والحل لا يكون دائمًا في القطع الحاد، ولا في اللامبالاة المصطنعة، بل في وعي الذات. أي في القدرة على الاعتراف بمعاناتنا من التعلق. مثلاً.. نراقب مشاعرنا كمن يشاهد فيلما يعرف نهايته، لكن يقرر الاستمتاع بتفاصيله من دون أن ينسى أنه مجرد فيلم. وأن نحاول أن نحب من دون أن نحاول امتلاك من نحب، وأن نرتبط من دون أن نتشبث بقوة، وأن نتذكر من دون أن نبكي في كل مرة نشعر بحاجتنا للبكاء. وأن نكون قادرين على الوقوف في منتصف المشاعر من دون أن نغرق.

وكلما ازددنا فهمًا لأنفسنا، تضاءلت حاجتنا للتشبث بما وبمن هو خارجنا. وحين نصل إلى تلك اللحظة، لحظة الاكتفاء الداخلي، لا يعود التعلّق يُخيفنا، بل يُذكّرنا فقط بأننا بشر، وأننا مررنا من هنا، وارتبطنا، وتألمنا، وأحببنا، ثم كبرنا وتجاوزنا وصرنا نعرف أن الحب لا يعني الامتلاك، وأن الفقد لا يعني النهاية، وأن المرء يمكنه أن يحب بعمق من دون أن يتعلّق حتى الاختناق.

سعدية مفرح – الشرق القطرية

كانت هذه تفاصيل خبر نعم للحب.. لا للتعلق! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :