«مجمع الفقه الإسلامي»: جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية منارة علمية مرموقة

ابوظبي - سيف اليزيد - أكد معالي الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، أن جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية أصبحت في فترة وجيزة منارة علمية مرموقة، تجمع بين أصالة المنهج وعمق الهوية ووعي العصر ورؤية المستقبل، وتؤكد يوماً بعد يوم مكانتها في خدمة البحث العلمي الرصين، وصون الشخصية الحضارية الإسلامية المخلصة لدينها والوفية لوطنها وقيادتها، والمتمسكة بالوسطية فكراً والاعتدال منهجاً والتسامح سلوكاً.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها معاليه بمقر الجامعة في أبوظبي، بعنوان «البحث الفقهي: المنهج، الخصائص، الآثار، الآفاق»، وتناولت خمسة محاور رئيسية تضمنت: التطور الدلالي لمصطلح الفقه ونشأة المدارس الفقهية، مشيراً في هذا الصدد إلى أن مصطلح الفقه والتفقه كغيره من المصطلحات القرآنية العريقة، مرَّ بمسار دلالي متدرِّج منذ عصر الرسالة قبل أن يستقر مفهومه عشية تدوين العلوم والمعارف على فرع من فروع المعرفة الإسلامية.
وأضاف: «في نهاية القرن الأول الهجري برزت الحاجة إلى ضبط العلوم وتمايزها وضبط معاني المصطلحات وإطلاقها، فانتقل مفهوم مصطلح الفقه من دلالته الواسعة إلى كونه مفهوماً خاصاً، يُطلق ويُراد به ذلك العلم المكتسب بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية». 
وفي المحور الثاني تناول المحاضر «منهج البحث الفقهي تنوعاً وترابطاً»، مشيراً إلى أن هذا المحور يتضمن ثلاثة مناهج مترابطة ومتكاملة تتضمن: المنهج النقلي الأثري، والمنهج العقلي القياسي، والمنهج التوفيقي. وفي المحور الثالث استعرض سانو «خصائص البحث الفقهي».
وانتقل المحاضر إلى المحور الرابع الذي تضمّن «آثار البحث الفقهي في التشريعات وبناء الحضارة»، وقال: على مرِّ العصور كان البحث العلمي قوة بنائية حضارية في مسيرة الأمة، أسهمت في نهضتها الفكرية وتوازنها الاجتماعي وعدالتها التشريعية واستقلالها الثقافي، وقد نتج عن هذا آثار عظيمة على مختلف المستويات الفكرية والقانونية والمؤسسية، منها بناء المنهج العقلي والمنطقي في التفكير الإسلامي، وإرساء منظومة تشريعية متكاملة، وترسيخ قيم العدل والرحمة في القضاء والفتوى، ونشأة ما عُرف بالفقه المقارن وتوحيد الأمة علمياً، إلى جانب الإسهام في بناء الحضارة الإسلامية.
وفي المحور الخامس تناول المحاضر «آفاق البحث الفقهي في ضوء التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي»، مؤكداً أن آفاق الدرس الفقهي في هذا العصر الرقمي رحبة ومفتوحة، لكنها تتطلب وعياً منهجياً عميقاً وتسلُّحاً بأدوات معرفية جديدة تعين على قراءة الواقع وفهم تحولاته المتسارعة.
وقال سانو في ختام المحاضرة: «إن مسؤوليتنا اليوم كعلماء وباحثين ومؤسسات علمية، أن نحافظ على البحث الفقهي بتجديدنا إياه تجديداً رشيداً واعياً لا يفرِّط في الثوابت ولا يجمد على الموروث، بل يجتهد في ضوء المقاصد ويستنير بأنوار النصوص، ويستجيب لتحديات العصر الرقمي وما بعده، ليبقى الفقه الإسلامي كما أراده الله نوراً يهدي وميزانا يعدل ورحمة للعالمين».
وأكد أن جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، بما تزخر به من قيادة واعية ورؤية مستنيرة، قادرة على أن تكون رائدةً هذا التحول المنهجي الجديد، وأن تخرج للأمة جيلاً من الفقهاء المبدعين الذين يجمعون بين الأصالة والمعاصرة وبين الاجتهاد والابتكار، فيخدمون دينهم ووطنهم وإنسانيتهم بخطى واثقة وبصيرة نافذة.

أخبار متعلقة :