5 عقود من الريادة البيئية

ابوظبي - سيف اليزيد - هالة الخياط (أبوظبي)

بالتزامن مع الاحتفال بعيد الاتحاد الـ 54، يبرز مسار وطني متكامل يعكس رؤية استثنائية جعلت من حماية البيئة والعمل المناخي جزءاً أصيلاً في بناء الدولة الحديثة. فمنذ اليوم الأول للتأسيس، لم تُعامل الإمارات البيئة بوصفها قضية لاحقة للتنمية، بل اعتبرتها حجر الزاوية في بناء مجتمع متوازن واقتصاد مستدام، لتتحوّل خلال عقود قليلة إلى نموذج عالمي في التخطيط البيئي والتكيّف المناخي، وتنمية الموارد.

أدرك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بحسِّه القيادي وفطرته البيئية الاستثنائية، أن بناء دولة شابة في بيئة صحراوية قاسية يتطلب فهماً عميقاً للعلاقة بين الإنسان والطبيعة. ولذلك، جاءت سياساته الأولى لتؤسِّس قاعدة صلبة للعمل البيئي، عبر برامج التشجير التي زرعت ملايين الأشجار، وإنشاء المحميات الطبيعية، وإحياء النظم البيئية المهدَّدة، وإطلاق مشاريع واسعة لحماية الحياة الفطرية، ما أسهم في استعادة توازنات بيئية كانت مهددة لعقود طويلة.  وبعد عقود من البناء، باتت الإمارات اليوم واحدة من أكثر الدول تقدماً في مزيج الطاقة النظيفة، ومن بين الدول القليلة التي تبنّت هدف الحياد المناخي بحلول عام 2050، مستندة إلى منظومة منهجية تشمل الطاقة المتجددة، والاقتصاد الدائري، والزراعة المستدامة، وإدارة الموارد، وتبنِّي الابتكار التكنولوجي كعامل رئيس في حماية البيئة.

الاستدامة الحديثة  
واعتمدت الدولة سلسلة مبتكرة من التشريعات المنظّمة للبيئة وحماية الموارد الطبيعية، شملت تنظيم الصيد، وإدارة المحميات، وصون الحياة الفطرية، وضبط استخدام المياه الجوفية. ومع توسُّع المدن ونمو الاقتصاد، جاءت مراحل أكثر تقدماً ركّزت على جودة الهواء وإدارة النفايات وتعزيز كفاءة الطاقة والمياه.  وفي العقدين الأخيرين، اتخذت الإمارات خطوات حاسمة من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية للحياد المناخي 2050، التي تهدف إلى خفض الانبعاثات بصورة منهجية عبر برامج تشمل تطوير الطاقة المتجددة، وتشجيع النقل المستدام، وتحسين كفاءة الصناعة، وتبنِّي حلول احتجاز الكربون. وواكب ذلك تحديث مستمر لإطار التشريعات البيئية، بما يضمن تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية الموارد للأجيال المقبلة.

الطاقة النظيفة  
حققت الإمارات طفرة عالمية في إنتاج وتطوير الطاقة النظيفة، لتصبح مركزاً رئيساً في المنطقة والعالم في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية السلمية، ومن أبرز هذه المشاريع: مدينة مصدر، ومحطات الطاقة الشمسية الكبرى، ومحطة براكة للطاقة النووية السلمية، ومشاريع الهيدروجين النظيف، وجميعها أسهمت في إحداث تحوُّل جوهري في قطاع الطاقة، ورفعت حصة الإمارات من الطاقة النظيفة بنسبة متزايدة خلال السنوات الأخيرة، لتصبح واحدة من الدول الرائدة في هذا المجال إقليمياً وعالمياً.

المحميات الطبيعية  

أولت الدولة اهتماماً كبيراً بالحياة الفطرية والموائل الطبيعية. وارتفع عدد المحميات الطبيعية بشكل لافت خلال العقود الماضية، وتمكّنت الإمارات من استعادة أنواع مهددة بالانقراض مثل المها العربي، وتحسين ظروف بقاء الأنواع البحرية والبرية. كما أسَّست برامج متقدمة لزراعة أشجار القرم، التي تُعد من أهم الأنظمة البيئية القادرة على امتصاص الكربون وحماية السواحل.

أخبار متعلقة :