الرياص - اسماء السيد - أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مجدداً وبوضوح، عدم قبول حكومته إنشاء دولة فلسطينية، حتى مع تزايد الضغوط الدولية.
وقال نتنياهو، في اجتماع لمجلس الوزراء عُقد الأحد 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، إنه يشدد على "أن معارضتنا لقيام دولة فلسطينية على أي أرض لم تتغير قيد أنملة".
وأضاف أنه يجب نزع سلاح غزة ونزع سلاح حماس، محذراً "إما أن يحدث هذا بالطريقة السهلة، أو بالطريقة الصعبة". مؤكداً "لا أحتاج إلى تأكيدات أو تغريدات أو محاضرات من أحد".
وتأتي هذه التصريحات عشية تصويت حاسم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على خطة "استقرار" غزة المدعومة من الولايات المتحدة.
كما تأتي بعد يومين من تأييد الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، والعديد من الدول العربية والإسلامية لمشروع قرار بالأمم المتحدة يدعم خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإنهاء الحرب في غزة، قائلين إن "العملية توفر مساراً يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية".
وأنهت خطة ترامب بشأن غزة القتال بين إسرائيل وحركة حماس في أكتوبر/ تشرين الأول 2025، بعد عامين من اندلاع الحرب التي بدأت بهجوم حماس على الجنوب الإسرائيلي، وأدت إلى تدمير القطاع الفلسطيني وتفجير صراعات في أنحاء الشرق الأوسط.
وقَبِل نتنياهو خطة الرئيس ترامب، خلال زيارة للبيت الأبيض في سبتمبر/ أيلول 2025، لكنه لم يصدر قبل اليوم أي تعليق جديد بشأن قضية إقامة دولة فلسطينية.
ولطالما جادل نتنياهو بأن الدولة الفلسطينية ستكون "مكافأة هائلة للإرهاب، ومكافأة لحماس، وفي نهاية المطاف زيادة في الخطر على إسرائيل".
وكان نتنياهو قد أدان في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2025، الدول الغربية التي اعترفت بدولة فلسطينية، واصفاً هذه الخطوة بأنها "وصمة عار".
ويتردد صدى هذا التوجه لدى شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم. إذ أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بياناً على منصة إكس، يؤكد فيه رفضه قيام دولة فلسطينية، متفقاً مع موقف نتنياهو.
وبالمثل، عارض وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الشخصية اليميّنية البارزة في الحكومة، بشدة أي مسار للسيادة الفلسطينية. وكان قد دعا سابقاً إلى ضم الأراضي المتبقية رافضاً بشدة حل الدولتين.
وفي السياق نفسه، هدد وزراء اليمين، وعلى رأسهم إيتمار بن غفير، بالانسحاب من الائتلاف الحاكم ما لم تندد إسرائيل صراحة بأي لغة في قرارات الأمم المتحدة تشير إلى أي مسار نحو إقامة دولة فلسطينية.
ويمكن أن يؤدي انسحاب اليمين إلى إسقاط حكومة نتنياهو اليمينية قبل وقت طويل من الانتخابات المقبلة، التي من المفترض أن تجرى بحلول أكتوبر / تشرين الأول 2026.
ما الذي يتضمنه مشروع قرار الأمم المتحدة؟
بدأ مجلس الأمن الدولي، بأعضائه من 15 دولة، نقاشات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، بشأن مشروع قرار اقترحه ترامب لإنشاء إدارة انتقالية تسمى "مجلس السلام" في غزة تتولى قضايا مثل إعادة الإعمار بعد الحرب وانعاش الاقتصاد.
ويتضمن مقترح خطة ترامب المكونة من 20 بنداً، فقرة تقول إنه في حال إجراء إصلاحات داخل السلطة الفلسطينية، "فربما تتوافر الظروف لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة دولة، وهو ما نعترف به".
ويستعد مجلس الأمن الدولي، الاثنين، للتصويت على مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة، ويؤيد خطة ترامب للسلام في غزة والمكونة من 20 نقطة.
ووفق نسخة اطّلعت عليها وكالة فرانس برس، تشمل العناصر الرئيسية لمشروع القرار ما يلي:
إنشاء مجلس سلام كسلطة حاكمة انتقالية في غزة.
إنشاء قوة استقرار دولية في غزة، بولاية مقترحة لمدة عامين، مُخولة "باستخدام جميع التدابير اللازمة".
ويتضمن النص المُعدّل للقرار نقاطاً حول "مسار لتقرير المصير الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية"، مشروطاً بإصلاحات في السلطة الفلسطينية وتقدم في إعادة الإعمار.
ويحظى مشروع القرار الذي تقوده الولايات المتحدة بدعم العديد من الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية.
ووفقاً لمصادر أمريكية ودبلوماسية، يحظى المشروع بدعم كل من من مصر وقطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة.
ومع ذلك، أعربت روسيا والصين والجزائر، عن قلقها إزاء مجلس لم يُنشأ بعد يحكم القطاع مؤقتاً، وعدم وجود أي دور انتقالي للسلطة الفلسطينية.
ودعت الصين وروسيا - اللتان تتمتعان بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة - إلى إزالة "مجلس السلام" بموجب خطة ترامب لوقف إطلاق النار من القرار بالكامل، وفقا ًلأربعة دبلوماسيين في الأمم المتحدة مطلعين على الأمر، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المفاوضات الجارية.
في المقابل، وبحسب الدبلوماسيين، قدمت روسيا اقتراحاً يرفض هيكلية "مجلس السلام"، ويدعو في مسودته إلى تحقيق الاستقرار ونشر قوة دولية، لكنه يستبعد أي هيئة انتقالية كما اقترحت الولايات المتحدة.
وإذا ما اعتمد القرار، فسيُرسخ آلية انتقالية في غزة تحت مظلة "مجلس السلام"، وسيعزز المشاركة الدولية في إعادة الإعمار.
لكن الكثير يتوقف على ما إذا كان سيتم نشر قوة تثبيت الاستقرار، ومدى قوة تفويضها، وطبيعة "الإصلاحات" التي ستُجرى على السلطة الفلسطينية، وما إذا كان سيُسمح بظهور أي سيادة فلسطينية حقيقية.
حتى آخر نفق
أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن قوات الجيش الإسرائيلي "تواصل تدمير أنفاق حماس حتى آخر نفق".
وقال في تصريح "أبلغني نائب رئيس الأركان للتو أن عملية تدمير أنفاق حماس الإرهابية في غزة تسير على ما يرام".
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يعمل على تدمير الأنفاق عن طريق التفجيرات، أو عن طريق ملء وصب الخرسانة السائلة في الأنفاق في جميع أنحاء المنطقة الخاضعة لسيطرته.
وأكد كاتس أنه "سيتم تدمير التحصينات في غزة حتى آخر نفق"، كما سيتم نزع سلاح حماس في القطاع الأصفر من قِبل الجيش الإسرائيلي، وفي قطاع غزة القديم من قِبل القوة الدولية - أو من قِبل الجيش الإسرائيلي.
ومن شأن قرار مجلس الأمن، إذا أُقر، أن يمثل انتقالاً إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بعد عامين من الحرب التي اندلعت إثر هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وشهدت المرحلة الأولى من الاتفاق إطلاق سراح آخر 20 رهينة إسرائيلياً حياً، وإعادة العديد من جثث الرهائن من غزة إلى إسرائيل. مقابل إطلاق إسرائيل سراح نحو 2000 فلسطيني من سجونها وإعادة 330 جثة فلسطينية إلى غزة.
أخبار متعلقة :