الإمارات تؤكد التزامها الراسخ والثابت تجاه الشعب السوداني

ابوظبي - سيف اليزيد - نيويورك (الاتحاد)

أكدت دولة الإمارات التزامها الراسخ والثابت تجاه الشعب السوداني، ومواصلة العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لضمان وقف فوري لإطلاق النار، مشددةً على أن أي مسار للمضي قدماً يجب أن يحرم الجماعات المتطرفة من أي مساحة أو موارد أو شرعية، وأن يرتكز على انتقال سلمي حقيقي بقيادة مدنية، مستقل عن أي من طرفي النزاع.
كما طالبت المجتمع الدولي بألّا يقف مكتوف الأيدي، بينما تخلق هذه الحرب الأهلية المستمرة بيئة خطيرة للشبكات المتطرفة والإرهابية لإعادة تنظيم صفوفها وتجنيد عناصر جديدة وتمويل نفسها، مما يُولّد مخاطر امتدادها إلى جيران السودان والمنطقة بأسرها.
وقالت الإمارات، أمس، في بيان ألقاه السفير محمد أبو شهاب، المندوب الدائم لبعثة الدولة لدى الأمم المتحدة، أمام اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن السودان: «في هذه اللحظة، يستمر القتال بلا هوادة في جميع أنحاء السودان، وعلى الرغم من الدعوات المتكررة من (التحالف الرباعي) وغيره، لتأمين هدنة إنسانية تُمكّن من إيصال مساعدات إنقاذ الأرواح إلى السودان وعبره، فإن الأطراف المتحاربة تختار مواصلة عملياتها العسكرية وانتهاك القانون الدولي». 
وأكد أبو شهاب إدانة الإمارات للهجوم الشنيع بطائرة مسيَّرة على قاعدة لوجستيات صندوق الأمم المتحدة لسلامة الأغذية «يونيسفا» في كادوقلي، والذي أسفر عن مقتل عدد من جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة، كما يمثل الهجوم تصعيداً خطيراً، مشدداً على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذا الهجوم.
وأضاف: «لا يُعد هذا الهجوم حادثة معزولة، بل يعكس نمطاً أوسع نطاقاً وموثقاً جيداً من الانتهاكات التي ترتكبها الأطراف المتحاربة، والتي تشمل، أولاً، الفظائع المرتكبة ضد المدنيين في الفاشر وكردفان والجزيرة، وغيرها، ثانياً، إعلان مسؤولي الأمم المتحدة أشخاصاً غير مرغوب فيهم وطردهم، بدءاً من الممثل الخاص للأمين العام السابق، وصولاً إلى كبار مسؤولي برنامج الأغذية العالمي، ثالثاً، عرقلة وصول المساعدات الإنسانية وتسييسها، واستخدام التجويع كسلاح حرب، والتهديدات والترهيب الموجه ضد الوسطاء الذين يسعون إلى هدنة إنسانية».
وشدد أبو شهاب على أن هذه الأعمال تقوّض بشكل مباشر جهود الوساطة وقدرة الأمم المتحدة على حماية المدنيين وتقديم المساعدات المنقذة للحياة، لافتاً إلى أنه في خضم ضباب الحرب، تبقى حقيقة واحدة لا جدال فيها: أن «كلا الطرفين ارتكب جرائم حرب، هذا ليس مجرد تكهنات».
وأردف أن الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع وحلفاؤها معروفة جيداً، وتتزايد الأدلة على جرائم القوات المسلحة السودانية والجماعات المتحالفة معها، بالإضافة إلى تقارير حديثة عن فظائع ممنهجة ذات دوافع عرقية.
وأشار أبو شهاب إلى أن البيان المشترك للتحالف الرباعي الصادر في 12 سبتمبر 2025، أكد أنه لا يمكن أن يُملى مستقبل السودان من قبل جماعات متطرفة عنيفة، بما في ذلك تلك المنتمية إلى جماعة الإخوان أو المرتبطة بها، والتي غذّى نفوذها المزعزع للاستقرار العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة. وأضاف أن على المجلس أن يُدرك بوضوح أن أي مسار للمضي قدماً يجب أن يحرم هذه الجماعات المتطرفة من أي مساحة أو موارد أو شرعية، وأن يرتكز على انتقال سلمي حقيقي بقيادة مدنية، مستقل عن أي من طرفي النزاع.
ومع ذلك، من اللافت للنظر أن العنف لا يزال يُستخدم لإسكات الأصوات المطالبة بالحكم المدني، كما رأينا خلال الاحتفالات الأخيرة بذكرى ثورة ديسمبر، مؤكداً أن حكومة مستقلة بقيادة مدنية وحدها، هي القادرة على معالجة الأسباب الجذرية لهذا الصراع، ومنع السودان من البقاء عالقاً في دوامة الحكم العسكري وعدم الاستقرار والقمع.

تطبيق الهدنة
قال أبو شهاب: «اليوم، تلوح فرصة واضحة وفورية للعمل بما يخدم مصلحة الشعب السوداني، من خلال تطبيق الهدنة الإنسانية التي دعت إليها الولايات المتحدة ومجموعة الحوار الرباعي»، مشيراً إلى أن دروس التاريخ والواقع الراهن تُبيّن بوضوح أن الجهود الأحادية من جانب أي من طرفي النزاع غير مستدامة ولن تؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب.
وأوضح أن الأولوية العاجلة، هي التوصل إلى هدنة إنسانية تُمكّن من إيصال المساعدات بشكل آمن وسريع ودون عوائق إلى جميع أنحاء السودان، وتُفضي مباشرةً إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإلى مسار نحو حكم مدني مستقل عن الأطراف المتحاربة، حيث لا تزال عملية الحوار الرباعي، بقيادة الولايات المتحدة، الإطار الأنسب لتحقيق ذلك.
وطالب أبو شهاب، المجتمع الدولي بضرورة توحيد جهوده للضغط على كلا الطرفين المتحاربين لقبول الهدنة المطروحة، وفي حال رفضهما، يجب على هذا المجلس أن يكون مستعداً للتحرك.
كما دعا إلى ضرورة استخدام جميع الأدوات المتاحة، بما في ذلك فرض حظر شامل على توريد الأسلحة إلى جميع أنحاء السودان، لوقف تدفق الأسلحة التي تُغذي هذه الحرب.

أخبار متعلقة :