كتبت: ياسمين عمرو في الاثنين 29 سبتمبر 2025 06:59 مساءً - منذ اللحظة الأولى، يعدك فيلم "في يد دانتي" (In The Hand of Dante) بتجربة غير مألوفة: طاقم من نجوم الصف الأول، مخرج بصري الطابع، هو الفنان التشكيلي والمخرج جوليان شنابل، ونص مقتبس من رواية معقدة لكاتب أيقوني هو نِك توشز.
شاهدت الفيلم في مهرجان فينيسيا السينمائي الـ82، حيث تم عرض الفيلم للمرة الأولى خارج التنافس في ليدو الساحرة، ليلة تكريم مخرجه جوليان شنابل بجائزة "كارتييه الفخرية المجد لصانع الأفلام".
لكن ما إن ينطلق الفيلم، حتى تبدأ التساؤلات بالتكاثر: ما الذي يريد قوله؟ لماذا اجتمع كل هؤلاء النجوم في عمل يفتقر إلى الكثير؟ وهل يعقل أن كل هذا الصخب البصري والدرامي لا يقود إلى شيء يٌذكر؟
طموح غير محقق
يحاول الفيلم المزج بين خطين سرديين يفصل بينهما سبعة قرون: الأول في القرن الحادي والعشرين، يتابع نِك توشز (أوسكار آيزاك) في رحلة بحث عن مخطوط أصلية نادرة بخط يد "دانتي"، والثاني يصور دانتي أليغييري نفسه (يؤديه آيزاك أيضًا) في لحظات تأملية من حياته. يقدّم شنابل هذين الخطين بتناقض بصري متعمد: الحاضر بالأبيض والأسود، والماضي بألوان مشبعة وأطر أقرب إلى لوحات عصر النهضة. على الورق، يبدو ذلك مثيرًا، لكن على الشاشة، ينفصل السردان تمامًا عن بعضهما البعض، ليشعرا وكأنهما فيلمين مختلفين.
https://www.instagram.com/p/DOJZICIiNSe/?utm_source=ig_embed&utm_campaign=loadinghttps://www.instagram.com/p/DOJZICIiNSe/?utm_source=ig_embed&utm_campaign=loadinghttps://www.instagram.com/p/DOJZICIiNSe/?utm_source=ig_embed&utm_campaign=loading
صراع ينتهي مبكرًا
بدون الدخول في تفاصيل تحرق الحبكة، لا يمكن تجاهل نقطة التحوّل الكبرى التي جاءت مع مصرع ثلاث شخصيات محورية في لحظة واحدة، موتٌ مفاجئ وصادم يُحسب للمخرج على مستوى الجرأة. لكنه في الوقت نفسه، بدا كمن قتل الفيلم دراميًا وهو في مهد تطوره. ما تبقى من العمل – خاصة الخط الذي يقوده جيسون موموا – بدا باهتًا، غير منطقي، ومفتقدًا لأي دافع سردي حقيقي.
في جلسة حوارية جمعت شنابل بالصحفيين في مهرجان البندقية، صرّح بأنه يكره أكثر ما يكره الأفلام القابلة للتنبؤ، ولذلك يتعمد صنع مفاجآت غير متوقعة. قد يكون هذا خيارًا مشروعًا، لكن في هذا الفيلم تحديدًا، الصدمة لم تخدم العمل، بل أجهزت عليه.
فيلم عصابات واعد ضاع في منتصف الطريق
من المثير أن النصف الأول من الفيلم – وخاصة خط السرد المعاصر – كان يحمل طاقة مختلفة تمامًا. بتصويره بالأبيض والأسود وبأداء لافت من أوسكار آيزاك، جيرارد باتلر ، وجون مالكوفيتش، بدت هذه المشاهد كأنها تنتمي إلى فيلم عصابات صلب وفعّال. أداء باتلر في شخصية "لوي" كان مفاجئًا في قسوته وحدّته، بينما قدّم مالكوفيتش شخصية رجل يُدعى "جو بلاك" بأسلوب هادئ ومربك في آنٍ واحد.
كان من الممكن أن يتحول هذا الخط إلى فيلم إثارة جذاب بحد ذاته، خصوصًا مع مشهد السرقة في باليرمو، وما تبعه من محاولات التحقيق والتحقق من أصالة المخطوطة. لكن سرعان ما بدأ الفيلم يفقد توازنه، وتحوّل من حبكة مثيرة إلى تأملات سردية متعثرة.
https://www.instagram.com/p/DMvczPWykmc/?utm_source=ig_embed&utm_campaign=loadinghttps://www.instagram.com/p/DMvczPWykmc/?utm_source=ig_embed&utm_campaign=loadinghttps://www.instagram.com/p/DMvczPWykmc/?utm_source=ig_embed&utm_campaign=loading
أداءات باهتة
بعيدًا عن الضجة المصاحبة للفيلم، فإن أداء معظم النجوم جاء محبطًا. آل باتشينو يظهر للحظات فقط، في دور رمزي لا يضيف كثيرًا، رغم أن مشهده من الأقوى على مستوى الكتابة. أوسكار آيزاك، رغم اجتهاده، عانى من شخصيتين مكتوبتين بشكل متفكك. غال غادوت -محدودة الموهبة بالأساس -، ظهرت كذلك في دور مزدوج، لم تقدّم خلاله شيئًا يذكر، وجيسون موموا لم يسلم من السخرية في القاعة بسبب إيطاليته الركيكة.
ربما الاستثناء الوحيد كان سابرينا إمباتشاتوري (Sabrina Impacciatore) في دور الدكتورة سوزانا بوليتشي، التي قدمت أداءً صادقًا ومتماسكًا، رغم ظهورها المحدود.
"جو بلاك"... إسقاط أم صدفة؟
ومن اللافت أن شخصية "جو بلاك" التي يجسدها جون مالكوفيتش تحمل اسمًا ليس غريبًا على عشّاق السينما، إذ يحمل التوازي الواضح مع شخصية "ملك الموت" في فيلم Meet Joe Black (1998). وكما في ذلك الفيلم، لا يتحرك "جو بلاك" هنا كثيرًا، بل يبقى جالسًا في مكتبه، يوجه الحدث من بعيد، ويقدّم عرضًا مصيريًا يُدخل البطل في دوامة أكبر منه. هذا التوازي، إن كان مقصودًا من شنابل، فهو اختيار ساخر بامتياز: جو بلاك الجديد لا يمنح الموت، بل يبيع الوهم عبر مخطوطة دانتي، ويحوّل الفن إلى سلعة في يد من يدّعي فهمه.
قد يعجبك .. خاص من فينيسيا: جوليان شنابل يكشف كواليس مشاركة آل باتشينو ومارتن سكورسيزي في In the Hand of Dante
https://www.instagram.com/p/DN80YzakcJs/?utm_source=ig_embed&utm_campaign=loadinghttps://www.instagram.com/p/DN80YzakcJs/?utm_source=ig_embed&utm_campaign=loadinghttps://www.instagram.com/p/DN80YzakcJs/?utm_source=ig_embed&utm_campaign=loading
الصورة وحدها لا تكفي
أكبر مشكلة في In The Hand of Dante هي أنه لا يعرف ما يريد أن يكون. هل هو فيلم أكشن عصابات؟ تأمل تاريخي؟ ملحمة فلسفية؟ رومانسية مفجعة؟ الحقيقة أنه يلمّح إلى كل ذلك، ولا ينجح في أيٍّ منها. كل ما تشعر به كمشاهد هو فوضى سردية وصرخات فنية لا تجد ما تحتها. حتى اللحظات التي تلامس العمق – حول الزمن، والفن، والخلود – تضيع وسط مونولوغات مبالغ بها وتحرير مشتت.
رغم كل هذا، لا يمكن إنكار أن الفيلم يحتفظ بجاذبية بصرية عالية. حتى في لحظاته الأضعف، هناك دائمًا شيء يستحق النظر إليه. بعض اللقطات – مثل نيك وهو يطفو في البحر بالأبيض والأسود – كانت مؤثرة ومركبة بصريًا. أما النهاية، فرغم أنها تميل إلى العبثية والانفصال عن السياق، فإنها في بعض لحظاتها المفاجئة تعمل بشكل غريب ومؤثر، خصوصًا مع دخول شخصية "مفيستوفيليس" التي أضافت نغمة مختلفة وغير متوقعة.
كما يقول توشز في إحدى لحظات التأمل: "قرأت دانتي بما يكفي لأعرف أخطاءه." الفيلم، بالمقابل، لا يحتاج سوى دقائق معدودة ليكشف عن عيوبه. هو عمل متضخم، طموح، ومليء بالنية، لكنه يفتقر إلى الجوهر. لا تسعفه نجومية ممثليه، ولا إخراج شنابل البصري، ولا حتى محاولة سكورسيزي "إنقاذ" ما يمكن إنقاذه. In The Hand of Dante هو فيلم عن أهمية الفن، لكنه افتقد إلى الكثير، لكي يكون فنًا حقيقيًا بحد ذاته.
التقييم النهائي: 2 من 5
فيلم طموح، بصريًا جذاب أحيانًا، لكنه سرديًا متفكك ودراميًا ميت من منتصف الطريق.
تابعي المزيد.. كل ما تريد معرفته عن فيلم In the Hand of Dante بمهرجان فينيسيا 2025
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام الخليج 365».
وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك الخليج 365».
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «الخليج 365 فن».
أخبار متعلقة :