شكرا لقرائتكم خبر عن الدولار الأمريكي عاش عاماً صعباً خلال 2025… فما التالي في 2026؟ والان مع بالتفاصيل
دبي - بسام راشد - أخبار الفوركس اليوم بعد أشهر من العمل في الظلام، حصلت الأسواق أخيراً على بعض بيانات التضخم الأسبوع الماضي. فقد أتاح مؤشر أسعار المستهلك لشهر نوفمبر، الذي تأخر صدوره طويلاً، نظرة رسمية على ضغوط الأسعار اليومية بعد أن أربك إغلاق حكومي قياسي في طوله الجدولَ الاقتصادي.
الأرقام نفسها جاءت أفضل من المتوقع. فقد بلغ التضخم العام 2.7% على أساس سنوي، بينما سجل التضخم الأساسي 2.6%. وهذا أقل من قراءات قريبة من 3% كان الاقتصاديون يستعدون لها، كما أنه يبقي التضخم ضمن النطاق النفسي المهم الذي يبدأ بـ«الرقم اثنين» والذي باتت الأسواق مهووسة به مع اقتراب 2026.
لكن في الوقت نفسه، لم يكن هذا التقرير مثالياً أو «نظيفاً». فبسبب عجز مكتب إحصاءات العمل الأميركي (BLS) عن جمع بيانات أسعار شهر أكتوبر أثناء الإغلاق، صدر التقرير من دون التغيرات الشهرية المعتادة التي يعتمد عليها المحللون لتقييم الزخم. وبدلاً من ذلك، جاء أشبه بلقطة ثابتة حادة — تأكيداً لمكان التضخم حالياً، أكثر منه دليلاً واضحاً على وجهته المقبلة.
وهذا الفارق مهم. وليس فقط بالنسبة لأسعار الفائدة.
حين يصبح التضخم سؤالاً عن أميركا نفسها
في عام 2025، لم يعد التضخم مجرد قصة عن الأسعار. بل أصبح، إلى حد كبير، جزءاً من سؤال أوسع كانت الأسواق تطرحه حول الولايات المتحدة نفسها — أي ما إذا كانت الأصول الأميركية لا تزال تستحق «العلاوة» التي تمتعت بها لأكثر من عقد، عبر كل شيء من الأسهم إلى السندات وصولاً إلى الدولار ذاته.
وعلى هذا الصعيد، لا تقدم تفاصيل تقرير مؤشر أسعار المستهلك الكثير من الطمأنينة. فقد واصلت أسعار الأثاث و«عمليات المنازل» — وهي فئة واسعة تشمل كل شيء من الأكواب والشوك إلى المجارف وآلات تشذيب الأعشاب — الارتفاع، مع شروع الشركات في تمرير تكاليف الاستيراد الأعلى المرتبطة بالرسوم الجمركية. كما ظل تضخم الغذاء عنيداً، مع ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والبيض بنحو 5% خلال العام الماضي. كذلك واصلت تكاليف السكن الارتفاع، إذ زادت أسعار الإسكان بنحو 3% على أساس سنوي.
بات هذا المزيج مألوفاً الآن: تضخم سلع غير متوازن، ورسوم جمركية تؤدي دورها في الخلفية، وإيجارات وتكاليف إسكان مرتفعة على نحو مستمر. وقد أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مراراً إلى السياسة التجارية باعتبارها أحد أسباب تجاوز التضخم للتوقعات، مع تأكيده في الوقت نفسه أن المسؤولين يحتاجون إلى أدلة أوضح قبل الجزم بما إذا كانت ضغوط الأسعار تمثل تعديلاً لمرة واحدة أم شيئاً أكثر استدامة. وبالنسبة لأسواق العملات، فإن هذا الغموض له تبعات حقيقية.
لماذا يهم التضخم للدولار حتى عندما يتراجع؟
أسواق العملات لا تكون دائماً حساسة للتضخم بحد ذاته. ما يهمها هو ما يشير إليه التضخم — بشأن النمو، والسياسات، والمصداقية، والحوكمة، وربما قبل كل شيء، قابلية التنبؤ.
على مدى العقد الماضي، استطاعت الولايات المتحدة تحمل معدلات تضخم أعلى من دون أن تتعرض عملتها للعقاب. خلال جائحة كورونا، على سبيل المثال، ارتفع الدولار أولاً كملاذ آمن، ثم ظل قوياً على نحو غير معتاد لسنوات مع تفوق الاقتصاد الأميركي على نظرائه وقيادته لدورة رفع أسعار الفائدة عالمياً. نمو أقوى، وفوائد أعلى، وأسواق رأسمال عميقة، واستقرار مؤسسي؟ طالما بقي هذا المزيج متماسكاً، ظلت علاوة الدولار آمنة.
لكن في عام 2025، بدأ هذا المزيج في التآكل.
فحتى مع تراجع التضخم، حدث ذلك وسط تشوهات ناجمة عن الرسوم الجمركية، وضغوط سياسية على الاحتياطي الفيدرالي، وأشهر من البيانات المفقودة التي جعلت الصورة الاقتصادية أصعب قراءة. لم يكن المستثمرون يتساءلون فقط عما إذا كانت الأسعار تنخفض بالسرعة الكافية؛ بل كانوا يتساءلون عما إذا كانت قواعد اللعبة نفسها تتغير.
هذا التقييم الجديد هو ما طبع عام الدولار.
لماذا قد يُتذكر 2025 باعتباره عام «الوميض» العالمي أمام الدولار؟
بالعودة إلى يناير، بدأ العام والدولار قريب من أعلى مستوياته التاريخية الأخيرة، مدعوماً بمسيرة صعود استمرت عقداً كاملاً. ثم انحسر المد.
من يناير حتى يونيو، تراجع الدولار بنحو 11% مقابل سلة من العملات الرئيسية — وهو أسوأ أداء له في النصف الأول من العام منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، عندما أدى انهيار نظام بريتون وودز وأزمة النفط إلى قلب النظام العالمي رأساً على عقب.
ما تغير كان أقل ارتباطاً بالسياسة النقدية وأكثر تعلقاً بالتوقعات. فبعد انتخابات 2024، افترضت الأسواق إلى حد كبير جولة أخرى من التفوق الأميركي، مدعومة بتدفقات رؤوس الأموال، ومستهلكين أميركيين لا يتوقفون عن الإنفاق، واحتياطي فيدرالي مستقل سياسياً. لكن هذا التصور تصدع في الربيع، حين أجبرت إعلانات رسوم جمركية جديدة وحالة عدم يقين أوسع نطاقاً المستثمرين على إعادة التفكير في آفاق النمو والتضخم والدين العام دفعة واحدة.
والمهم أن الدولار ضعف حتى مع مقاومة الاحتياطي الفيدرالي للإشارة إلى خفض وشيك لأسعار الفائدة. وبدلاً من ذلك، بدأت الأسواق تسعّر قصة مختلفة: نمو أبطأ في الولايات المتحدة، وتراجع مزايا الحوكمة، ونقص في الوضوح. وبمجرد أن توقف المستثمرون عن الاعتقاد بأن الولايات المتحدة هي القوة المهيمنة بلا منازع، لم تعد علاوة العائد على الدولار تؤدي الدور نفسه.
وتبعت ذلك تحركات في تدفقات رؤوس الأموال. فالمستثمرون الأجانب يملكون أكثر من 30 تريليون دولار من الأصول الأميركية، كان جزء كبير منها تاريخياً غير مغطى بتحوطات عملة — وهو رهان ضمني على استمرار قوة الدولار. ومع تراجع العملة في أوائل 2025، بدأ هؤلاء المستثمرون أنفسهم في إضافة تحوطات للعملة، ما يعني فعلياً بيع الدولار في السوق. ونظراً لضخامة حجم ملكية الأصول الأميركية، فإن حتى التغييرات الطفيفة في سلوك التحوط يمكن أن تُحدث ضغوطاً كبيرة.
أرضية بلا انتعاش
بحلول منتصف العام، توقف الدولار عن التراجع. فقد ساعدت بعض البيانات الاقتصادية الأقوى من المتوقع في يوليو، وإشارات إلى أن الرسوم الجمركية لم تضرب النشاط بالقدر الذي كان يُخشى منه، في استقرار المعنويات. لكن الاستقرار ليس هو التعافي.
فقد أمضى الدولار معظم النصف الثاني من 2025 قرب أدنى مستوياته، يتحرك أفقياً من دون ارتداد قوي. وهذا السلوك بحد ذاته يحمل دلالة. فإعادة تسعير الهيمنة الأميركية الأولية ربما اكتملت، لكن العلاوة القديمة لم تُستعد (أسهم الذكاء الاصطناعي notwithstanding!).
وهنا جاء تقرير التضخم الصادر يوم الخميس.
فلو كان تقرير مؤشر أسعار المستهلك قد أظهر اتجاهاً هبوطياً واضحاً ونظيفاً، لكان ربما وفر محفزاً — يعزز فكرة أن مخاطر التضخم تتلاشى، وأن الاحتياطي الفيدرالي يمكنه المضي قدماً في التيسير بثقة، وأن الولايات المتحدة تستعيد تفوقها. لكن الأسواق تلقت إشارة جزئية فقط. التضخم يتراجع، ولكن بشكل غير متوازن؛ الرسوم الجمركية لا تزال تدفع الأسعار صعوداً؛ وعدم اليقين لا يزال مرتفعاً. وبما أن أسواق العملات تُقدّر الوضوح، فإن ذلك لم يكن كافياً لتغيير الديناميكية السائدة.
هل الدولار «منتهي» في 2026؟
هذا هو السؤال الخاطئ. السؤال الأفضل هو ما إذا كانت الأسواق ستكمل إعادة المعايرة التي بدأتها في 2025 — أم ستقرر أن الولايات المتحدة لا تزال، للأفضل أو للأسوأ، المكان الأقل خطراً في العالم.
بعض الاستراتيجيين، بمن فيهم في مورغان ستانلي، يتوقعون مزيداً من ضعف الدولار مع تباطؤ النمو الأميركي، وتضييق فروق أسعار الفائدة، واستمرار المستثمرين الأجانب في تحوطاتهم. في المقابل، يرى آخرون أن الركود الذي تشير إليه استطلاعات ثقة المستهلك الأخيرة قد يخلق، على نحو متناقض، «هروباً إلى الأمان» يصب في مصلحة الدولار الأميركي.
كلا السيناريوهين محتمل. لكن ما يبدو غير مرجح هو عودة سريعة إلى هيمنة الدولار السهلة التي ميزت عقد 2010.
ماذا يعني هذا لنا جميعاً؟
تحركات العملات قد تكون من أكثر الأمور تجريداً في الأسواق — مجرد ضباب من الأرقام العشرية والرسوم البيانية. إلى أن تظهر، بطبيعة الحال، في الحياة «الحقيقية». فضعف الدولار يعني رحلات خارجية أغلى، وواردات أكثر تكلفة (الشمبانيا؛ الحقائب؛ الأحذية الفرنسية اللطيفة التي أراقبها عبر الإنترنت)، وقلة الصفقات الرخيصة في كل مكان. بالنسبة لمعظم الأسر، هو تراكم بطيء للتكاليف يجعل الحياة تبدو أغلى قليلاً.
القصة الحقيقية ليست تراجع الدولار بنسبة 11%. بل ما الذي تسبب فيه. فللمرة الأولى منذ وقت طويل، بات المستثمرون حول العالم يسعّرون احتمال أن يكون لـ«الاستثنائية الأميركية» تاريخ انتهاء صلاحية.
سواء كانوا على حق أم مخطئين، فإن هذا التحول في التوقعات يبدو لي إعادة تسعير هي الأكثر تأثيراً في عام 2025.
أخبار متعلقة :