اليابان | تمثال بوذا الكبير في أسوكا بمحافظة نارا

الفن البوذي في اليابان

ثقافة 18/10/2025

يُعد هذا التمثال لشاكياموني أقدم منحوتة بوذية معروفة صنعت في اليابان. وعلى مدى أكثر من 1400 عام، ظل هذا البوذا يطلّ من أسوكا بمحافظة نارا، يرقب تقلبات التاريخ من موقعه في أحد أهم أوائل مراكز الثقافة اليابانية.

يوجد هذا التمثال لشاكياموني –شخصية بوذا التاريخية – في معبد أسوكاديرا بمحافظة نارا منذ القرن السادس، وهو التمثال الرئيسي في المعبد ويعد أقدم تمثال بوذي معروف في اليابان. يُطلق عليه الناس توددا اسم ”بوذا الكبير في أسوكا (أسوكا دايبوتسو)“. أسوكا اليوم هي قرية ريفية يقطنها نحو 5 آلاف نسمة على بُعد ساعة بالقطار إلى الجنوب من مدينة نارا، لكنها كانت في القرن السادس مركز القوة السياسية والثقافية في اليابان، حين وسّع بلاط ياماتو سيطرته على أجزاء الأرخبيل الأخرى. وتزخر المنطقة بقبور وآثار قديمة تُذكّر بتلك الحقبة المبكرة من التاريخ الياباني.

بدأ العمل في بناء معبد في أسوكا عام 588، بعد فترة وجيزة من دخول البوذية إلى اليابان، وفاء لنذر قطعه سوغا نو أماكو، أحد أبرز الشخصيات السياسية آنذاك وناشري البوذية، حيث كان يسعى إلى توظيف الدين الوافد حديثا لترسيخ نظام موحد للحكم. وكان مجمّع المعبد يضم أول مجموعة متكاملة من الأبنية المخصصة للعبادة في اليابان، وكان حجمه في الأصل أكبر بنحو 20 مرة من مساحته الحالية، متفوّقا بذلك على معبد هوريوجي الشهير الواقع إلى الشمال.

بدأ العمل على تمثال بوذا شاكياموني (شاكا نيوراي) الذي أصبح التمثال الرئيسي للمعبد، عام 605 واكتمل عام 609. وهذا التمثال البرونزي يعد مثالا لما يعرف باسم ”جو روكو بوتسو“، حيث يُصوَّر الكائن المستنير بارتفاع ”جو“ واحد و ”روكو“ أي 6 ”شاكو“، أي ما يقارب 4.8 متر، وهذا الارتفاع –بوحدات القياس التقليدية لشرق آسيا– ورد في النصوص المقدسة بوصفه طول بوذا الحقيقي. ونظرا لأن التمثال في وضعية الجلوس، فإن ارتفاعه الفعلي يبلغ نحو 2.75 متر. وقد استُخدم في صنعه 15 طنا من البرونز وغُطي بنحو 30 كيلوغراما من الذهب. وربما أكثر ما يلفت الأنظار في التمثال هو ملامحه القارية، حيث وجهه نحيل مائل إلى الاستطالة وعيناه كبيرتان لوزيتان، مع ”ابتسامة على الطراز القديم“ ترتسم على شفتيه.


(© مودا توموهيرو)

صنع هذا التمثال النحات البوذي الشهير في بدايات انتشار الديانة في البلاد كوراتسوكوري نو توري، والذي قدم إلى اليابان من كوريا. وكما هو الحال في عمله الشهير، ثلاثية شاكياموني في معبد هوريوجي (كنز وطني)، يُعتقد أن تمثال شاكياموني في أسوكاديرا كان في الأصل جزءا من ثلاثية، يتوسطها بوذا الرئيسي ويحيط به تمثالا بوديساتفا على الجانبين، وخلفه هالة ضخمة من الضوء. غير أن المعبد تعرض خلال فترة كاماكورا (1185-1333) إلى صاعقة تلاها حريق أتى على معظم مبانيه، وتعرض تمثال شاكياموني نفسه لأضرار بالغة.

وظل التمثال لسنوات طويلة مكشوفا للعوامل الطبيعة. وفي أوائل فترة إيدو (1603-1868)، شُيد معبد بسيط عُرف باسم أنغوين، وأجريت فيه أعمال ترميم لتمثال شاكياموني الذي أعيد تنصيبه كرمز رئيسي للتبجيل في هذا الدير الجديد. أما القاعة الرئيسية الصغيرة نسبيا الموجودة اليوم في الموقع، فقد اكتمل بناؤها عام 1825.

لكن لماذا لم يُحدد هذا التمثال ككنز وطني رغم كونه أقدم تمثال بوذي باقٍ في اليابان؟ السبب الرئيسي يكمن في تاريخه المضطرب. إذ كان يُعتقد لفترة طويلة أن الأجزاء الأصلية الوحيدة التي بقيت بعد الترميمات الكبرى هي المنطقة المحيطة بالعينين وبعض أجزاء أصابع اليد اليمنى، بينما اعتُبر الباقي من إضافات عمليات الترميم اللاحقة. غير أن التحليلات المستندة إلى صور الأشعة السينية التي أجريت خلال العقد الأخير كشفت أن معظم ملامح الوجه واليد اليمنى تعود في الواقع إلى زمن البناء الأصلي. كما يرى بعض الباحثين أن الجذع في التمثال المعاد بناؤه قد صُنع باستخدام البرونز المستخرج من التمثال الأصلي الذي ذاب أثناء الكارثة الطبيعية. وربما يُحدد التمثال أخيرا ككنز وطني في المستقبل غير البعيد.

ومهما يكن وضعه الرسمي، فإن نبل وكرامة ”بوذا الكبير في أسوكا“ لا يرقى إليهما شك. فعلى الرغم من الأضرار الجسيمة التي لحقت به بفعل الكارثة الطبيعية، ورغم فقدانه لمرافقيه من البوديساتفا، إلا أن التمثال لم يغادر موقعه الأصلي قط، بل ظل جالسا بطمأنينة على القاعدة نفسها منذ أن شيد المعبد قبل نحو 1400 عام. ومن المؤثر أن نتخيل شخصيات كالأمير شوتوكو والإمبراطورة سوئيكو، ممن عاشوا في فجر التاريخ الياباني، وقد وقفوا في الموضع ذاته ينظرون إلى التمثال ويضمون أيديهم بخشوع كما يفعل زوار المعبد اليوم.

تحيط الحقول والجبال اليوم بمعبد أسوكاديرا، في منطقة تزخر بعبق التاريخ .(© مودا توموهيرو)

يقول المصور مودا توموهيرو ”عندما أنظر إلى العينين اللوزيتين لتمثال بوذا الكبير في أسوكا، اللتين نجاتا بأعجوبة من الحريق الهائل قبل قرون طويلة، أتذكر عيون تماثيل بوذا الحجرية التي استُخرجت من موقع معبد لونغزينغسي في مدينة تشينغتشو بمقاطعة شاندونغ في الصين. إن تصويري للتماثيل في هذين الموقعين البوذيين المهمين (أحدهما في الصين والآخر في اليابان) بفارق بضعة عقود فقط، قد أعاد إلى ذهني مدى الترابط الوثيق الذي كان قائما آنذاك بين شبه جزيرة شاندونغ والدولة اليابانية الناشئة في أسوكا وما حولها“.

ما تزال ”الابتسامة على الطراز القديم“ تشع نورها عبر البحار على جميع الكائنات الحية، ممتدة عبر مسافات شاسعة من المكان والزمان.

(© مودا توموهيرو)

تمثال لبوذا شاكياموني بوضعية جلوس

  • الارتفاع: 2.75 متر
  • التاريخ: فترة أسوكا (حوالي 593-710)
  • الموقع: معبد أنغوين (أسوكاديرا)
  • محدد كملكية ثقافية مهمة

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: ”بوذا الكبير في أسوكا“، أقدم تمثال بوذي في اليابان. © مودا توموهيرو)

اليابان ثقافة بوذا

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | تمثال بوذا الكبير في أسوكا بمحافظة نارا لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :