اليابان | محطة شينباشي (JY29): حيث بدأ الحلم الحديدي لليابان وجُسِّد ”الجسر الجديد“ في قلب طوكيو القديمة

منذ أن أُطلق عليه اسم ”خط يامانوتي“ في عام 1909، ظلّ خط السكك الحديدية هذا يُعرف بأنه ”الشريان الحيوي للعاصمة طوكيو“، ولعب دورًا محوريًا في دعم تنميتها. واليوم، يضم هذا الخط ثلاثين محطة، وعند البحث عن أصل اسم كل محطة من هذه المحطات، نجد أنفسنا أمام كنز من التاريخ المجهول. وفي الحلقة الثانية والعشرين سنقوم بإلقاء نظرة على محطة شينباشي المعروفة أيضًا باسم ”حي الموظفين“. وتحمل الرقم ”JY29“ بحسب ترقيم شركة جي آر شرق اليابان.

الاسم السابق للمحطة هو ”كاراسوموري“

لقد كانت أول مرة سار فيها قطار على سكة حديدية في اليابان في الثاني عشر من شهر يونيو/حزيران من عام 1872، وكان من المقرر في الأصل أن يربط بين ”شينباشي“ و”يوكوهاما“، ولكن بسبب تأخر أعمال السدّ بين ”شيناغاوا“ و”شينباشي“، فُتِح الخط مؤقتًا على مضض بين ”شيناغاوا“ و”يوكوهاما“.

وتم افتتاح محطة شينباشي بعد ذلك بأربعة أشهر، في الرابع عشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول. وفي الوقت نفسه تم افتتاح سكة القطار أيضًا بشكل رسمي. وبعد أن جرى تحديد هذا اليوم في عام 1922 كيوم لـ ”ذكرى السكك الحديدية“، أصبحت شينباشي تُذكَر لدى كثير من الناس بوصفها ”مهد السكك الحديدية“.

وقد كان اسم المحطة عند افتتاحها لأول مرة هو ”شينباشي تيشاجو“ (محطة توقف شينباشي). وكانت تقع على بُعد نحو دقيقتين سيرًا على الأقدام من موقع المحطة الحالي، في الجهة التي توجد فيها الآن محطة ”يوريكامومي“ للنقل الحديث. وفي عصر إيدو، كانت هذه المنطقة موقعًا للمساكن التي مُنحت لعائلات واغيساكا من إقطاعية تاتسوأو في بانشو، وعائلة داتي من إقطاعية سينداي، وعائلة ماتسو دايرا من إقطاعية أيدزو.

وبعد نهضة ميجي، أُنشئت في تسوكيجي منطقة سكن للأجانب، ولهذا السبب، وُجد أنه من الأفضل وجود محطة قطارات قريبة لتعزيز التنمية التجارية، فتم اختيار منطقة شينباشي لإقامتها (”موسوعة دراسات إيدو طوكيو“، دار سانسيدو للنشر).

وفي الجهة الشمالية من محطة يوريكامومي توجد قاعة عرض لتاريخ السكك الحديدية، حيث أُعيد بناء مبنى محطة ”شينباشي تيشاجو“.


محطة ”شينباشي تيشاجو“ القديمة قبيل افتتاحها مباشرة في عام 1872 [مقدمة من المؤسسة الوطنية لتصفية السكك الحديدية] (© جيجي برس)


تمت إعادة بناء محطة ”شينباشي تيشاجو“ القديمة كرمز لإعادة تطوير منطقة شيودومي (صورة تم التقاطها عند الافتتاح في أبريل/نيسان 2003، © جيجي برس)


لوحة تم رسمها في عام 1873 بعنوان ”مشهد انتظار القطار البخاري في محطة شيودومي بطوكيو“. تُظهر اللوحة حيوية رصيف المحطة عندما كانت محطة لتوقف القطارات. المصدر: أرشيف مكتبة البرلمان الوطنية

وفقًا لـ ”دليل طوكيو المحمول“ فقد بلغ عدد الركاب 142,348 راكبًا (منهم 4,500 طفل) في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 1877، وبلغ إجمالي قيمة أجرة الركاب 31,721 ينًا و92 سينًا (كل ين يساوي مئة سين)، أما إجمالي أجور نقل البضائع فكان 5,860 ينًا و46 سينًا.


سِجل استخدام المحطة في شهر أكتوبر/تشرين الأول 1878 والذي تم تدوينه في كتاب ”دليل طوكيو المحمول“. المصدر: أرشيف مكتبة البرلمان الوطنية

في عام 1909، حين تم اعتماد اسم ”خط يامانوتي“ رسميًا للخط الذي كان يمر بين شيناغاوا، إيكيبوكورو، تاباتا، وأوساكي، تم في السادس عشر من شهر ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه افتتاح ثلاث محطات هي كاراسوموري، وهاماماتسوتشو، وتاماتشي. وبهذا جرى فصل استخدام المحطات، فأصبحت محطة شينباشي مخصصة للبضائع، ومحطة كاراسوموري مخصصة للركاب. وفي عام 1914، تم تغيير اسم محطة شينباشي إلى ”محطة شيودومي“، واسم محطة كاراسوموري إلى ”محطة شينباشي“. وتم إغلاق محطة شيودومي في عام 1986، بينما لا تزال محطة شينباشي قائمة حتى يومنا هذا.


المنطقة المحيطة بمحطة كاراسوموري القديمة التي كانت سلف محطة شينباشي الحالية. يظهر في الجزء العلوي رصيف المحطة وخط السكة الحديدية. تم التصوير في عام 1930 تقريبًا. المصدر: أرشيف متحف السكك الحديدية

الاسم الشائع هو شينباشي (الجسر الجديد)

يعني اسم منطقة شينباشي حرفيًا ”الجسر الجديد“. وقد كان جسرًا قائمًا في السابق على شارع تشوأو في الجهة الشمالية من المحطة، ويُعتقد أنه جسر تم بناؤه خلال فترة كيتشو (1596-1615) في بداية عصر إيدو كجزء من تطوير طريق توكايدو. وكان الاسم يعني أنه جسر ”جديد“ بالمقارنة مع جسر نانيوا المجاور. ومن الجدير بالذكر أن جسر نانيوا ليس له علاقة بأوساكا، بل تم تحريفه من ”ناميداباشي (جسر الدموع)“ (موسوعة تاريخ طوكيو وإيدو).

ولاحقًا، في عام 1710، وبهدف إظهار نفوذ الحكومة الشوغونية أمام المبعوثين الكوريين القادمين إلى اليابان، اقترح العالم الكونفوشيوسي أراي هاكوسيكي بناء بوابة شيباغوتشي. وبما أن جسر شينباشي كان يقع عند مدخل البوابة بالضبط، تم تغيير اسمه إلى جسر ”شيباغوتشي باشي“.

ولكن الجسر احترق في عام 1724 بسبب أحد الحرائق. وبعد إعادة بنائه، تم تزيين حواجزه بزخارف تُسمى ”غيبوشي أو غيبوشو“ (زخارف تكون على شكل جوهرة يتم تثبيتها على أعمدة حواجز الجسور والمعابد)، وأُعيدت تسميته إلى ”شينباشي“ مرة أخرى. ويُقال إن الجسور التي تحمل زخارف الغيبوشي في إيدو كانت فقط نيهونباشي، وكيوباشي، وشينباشي (المصدر: كتاب ”دراسة حول جسور إيدو“، دار كاشيما للنشر)، مما يضفي على الجسر طابعًا مهيبًا. وعلى الرغم من وجود أسماء أحياء حوله مثل شيباغوتشي ومونزوكيتشو، إلا أنه كان يُعرف بين الناس باسم ”شينباشي“ (المصدر: ”سجلات الأحياء“ / وثائق التحقق من أصول أسماء الأحياء)، وربما يعود ذلك لأن عامة الناس كانوا يُكنُّون حبًا خاصًا لاسم شينباشي.

وفي عام 1899، تم استبدال الجسر الخشبي بجسر حديدي. وبعد وقوع زلزال كانتو الكبير (عام 1923)، تم تدعيم الجسر وتوسيعه، حتى أصبح في أواخر فترة تايشو (1912-1926) جسرًا مهيبًا بطول 20 مترًا وعرض 25 مترًا. ولكن في عام 1963، تمت إزالة الجسر عند بناء الطريق السريع للعاصمة تزامنًا مع استضافة طوكيو للألعاب الأولمبية. وما تبقى اليوم هو أعمدة حجرية سميكة عند طرفي الجسر، وتصطف بجانب تقاطع جينزا 8 تشومي.


جسر شينباشي كما كان عند إعادة بنائه ليصبح جسرًا حديديًا عام 1899. المصدر: كتاب ”أشهر المعالم السياحية في اليابان“، أرشيف مكتبة البرلمان الوطنية


العمود الرئيسي لجسر شينباشي (© بيكستا)

وهكذا كان حي شينباشي محبوبًا من عامة الناس منذ عصر إيدو وحتى عصر شووا، ولكن الأمر الغريب أنه لم يُعتمد اسم ”شينباشي“ رسميًا كاسم للحي إلا في عام 1932. وبناءً على خطة الإعمار التي وُضعت بعد زلزال كانتو الكبير، أُعيد تنظيم مناطق شِيودومي-تشو وكاراسوموري-تشو وأتاغوشيتا-تشو، ونشأت بسبب ذلك مناطق شينباشي 1 تشومي وحتى 7 تشومي (حتى 6 تشومي في الوقت الحالي).

منطقة ترتبط بأسانو تاكومينوكامي وعائلة داتي من إقطاعية سينداي

على بُعد دقيقتين إلى ثلاث دقائق سيرًا على الأقدام من محطة شينباشي يقع ”ضريح كاراسوموري“ في زقاق تصطف فيه مطاعم صغيرة، ويذكر كتاب الجغرافيا ”إيدو سوناغو“ أن سبب تسمية ”كاراسوموري“ (غابة الغربان) يعود إلى ضريح قائم في غابة كانت تحلق فيها الغربان التي تُعتبر رسلًا للآلهة. كما توجد رواية تقول إن فوجيورا نو هيديساتو، الذي توجه للسيطرة على تايرا نو ماساكادو خلال تمرد جوهي تينغيو بين عامي 935 و941، صلى هناك طلبًا للنصر في المعركة.

وفي أوائل عصر إيدو كان المكان مهجورًا، لكنه بدأ يجذب المصلين مرة أخرى بعد أن نجا من الحريق الكبير خلال فترة ميريكي عام 1657، وكان يحظى بشعبية إلى جانب ضريح سوغينوموري في نيهونباشي وضريح ياناغيموري في كاندا، والتي تعرف باسم ”أضرحة غابات إيدو الثلاث“.

والإله الرئيسي في الضريح هو أوكانوميتامانو ميكوتو، إله الحصاد وازدهار التجارة، ويُشارك في العبادة أيضًا الإلهة أمينو زومينو ميكوتو، إلهة الفن، لذلك يُعتقد أن المعبد يمنح بركة تحسين المهارات الفنية. ويقوم المارّون في طريقهم إلى العمل بأداء صلواتهم هناك، كما يتوقف بعض العاملين في المطاعم القريبة خلال ساعات متأخرة من الليل للصلاة.

وتُسمّى بوابة محطة شينباشي المتجهة نحو محطة هاماماتسوتشو باسم ”بوابة كاراسوموري“، والطريق الممتد مباشرة غربًا بعد الخروج من البوابة يُعرف باسم ”شارع كاراسوموري“. وعلى الرغم من أن الاسم لم يُعتمد كاسم رسمي للمحطة، إلا أن اسم ”كاراسوموري“ لا يزال اسمًا مألوفًا بالنسبة لمستخدمي محطة شينباشي.


ضريح كاراسوموري مشهور كضريح لعبادة إله ازدهار التجارة (© بيكستا)

على بُعد ستمئة متر إلى الغرب من المحطة كان يقع قصر تامورا تاتسوأكي، حاكم إقطاعية إيتشينوسيكي (ويُعرف أيضًا بلقب أوكيو نو دايبو). وهذا المقر هو المكان الذي لقي فيه أسانو تاكومينوكامي حتفه بعد أن هاجم كيرا كوزوكينوسوكي في ممر الصنوبر بقلعة إيدو.

وقد وقع حادث الطعن الذي ارتكبه أسانو تاكومينوكامي في الرابع عشر من شهر مارس/آذار من عام 1701، وفي اليوم نفسه وُضع قيد الإقامة الجبرية في منزل عائلة تامورا، ثم أُجبر على الانتحار عبر القيام بـ ”هارا كيري“ (طعن النفس في البطن) في مساء ذلك اليوم. وتشير سجلات إقطاعية إيتشينوسيكي (مدينة إيتشينوسيكي في محافظة إيواتي حاليًا)، مثل وثيقة ”قضية احتجاز تاكومينوكامي“، إلى أن الحاكم أوكيو نو دايبو كان باردًا في تعامله مع أسانو، ولعله وجد من المزعج أن يستقبل في قصره دايميو (حاكم إقطاعي) قام بارتكاب جرم شنيع، ثم أن يقوم بالانتحار داخل القصر. واليوم، عند موقع القصر السابق، هناك نُصب تذكاري يحمل عبارة ”مكان وفاة أسانو تاكومينوكامي“، ويثير في زائريه مشاعر الحزن والأسى.

وعلى بُعد نحو خمسمئة متر جنوب غربي المحطة، توجد منطقة كانت في السابق مقرًا لعائلة داتي من إقطاعية سينداي، وقد أصبحت اليوم حديقة ”شيوغاما“ التي تُعدّ مكان استراحة للعاملين في الجوار. وفي داخل الحديقة يقع ضريح شيوغاما الذي نُقل من موطنه في منطقة توهوكو على يد الحاكم الرابع من عائلة داتي، داتي تسونامورا (1659–1719). وكان الإقطاعيون من عائلة داتي يسمحون لعامة الناس بزيارة ضريح شيوغاما في اليوم العاشر من كل شهر فقط، وبما أن النظام الطبقي في عصر إيدو كان صارمًا جدًا ولم يكن يُسمح لعامة الناس بدخول قصور الإقطاعيين إلا نادرًا، فقد أصبح المكان مقصدًا شهيرًا يحظى بشعبية كبيرة.


لوحة إرشادية في حديقة شيوغاما، تُشير إلى أن هذا المكان كان في الماضي قصرًا لعائلة داتي (© بيكستا)

ومع ذلك، فإن ازدهار هذه المنطقة لم يبدأ إلا بعد بناء بوابة شيباغوتشي المذكورة سابقًا، إذ كانت حتى فترة غينروكو (1688-1704) منطقة خالية من النشاط. وقد قدّم الباحث في ثقافة إيدو خلال عصر ميجي، ميتامورا إنغيو، في إحدى مقالاته قصة من الحكايات الشعبية تُعرف باسم ”أونّا دايميو تانزين نو“، وهي قصة تدور حول ساموراي جاء من الأقاليم إلى مدينة إيدو وذهب إلى حي شينباشي ليتحقق من صحة الشائعات عن ظهور أحد الأشباح هناك. ويبدو أن الأحاديث عن الأشباح التي كانت تُروى حينها بعيدة كل البعد عن أجواء شينباشي الحالية المزدحمة بموظفي الشركات.

【معلومات محطة شينباشي】

  • الافتتاح: 14 أكتوبر/تشرين الأول 1872
  • متوسط عدد الركاب اليومي: 193,244 راكبًا (المرتبة 6 من بين 30 محطة وفقًا لإحصاءات شركة جي آر شرق اليابان للسكك الحديدية للسنة المالية 2022)
  • الخطوط التي تمر عبر المحطة: خط جينزا، وخط توئي تشيكاتيتسو أساكوسا، وخط يوريكامومي للنقل الحديث التابعة لمترو طوكيو، وتتصل بخطوط توكايدو الرئيسي، وكيهين توهوكو، وخط يوكوسوكا التابعة لشركة جي آر

【المراجع】

  • ”قراءة إيدو وطوكيو من خلال أسماء المحطات“، أوئيشي مانابو، دار PHP للنشر
  • ”موسوعة دراسات إيدو طوكيو“، دار سانسيدو للنشر
  • ”دراسة حول جسور إيدو“، دار كاشيما للنشر
  • ”السير في طوكيو وإيدو بحثًا عن أصول أسماء الأماكن“، تانيغاوا أكيهيدي، منشورات KK بيست سيلرز
  • ”جولة حول خط يامانوتي في إيدو“، أندو يوئيتشيرو، دار شيو للنشر
  • ”معجم أصول أسماء الأماكن في طوكيو“، تحرير تاكيؤتشي ماكوتو، دار طوكيودو للنشر
  • ”مؤلفات ميتامورا إنغيو: المجلد الثامن“، دار تشوأو كورونشينشا للنشر

(النص الأصلي باللغة اليابانية، صورة العنوان الرئيسي: محطة شينباشي الأولى التي كانت تُعرف باسم ”محطة شينباشي تيشاجو“. تم افتتاحها في الرابع عشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 1872. المصدر: ”ألبوم صور اليابان“، أرشيف مكتبة البرلمان الوطنية

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | محطة شينباشي (JY29): حيث بدأ الحلم الحديدي لليابان وجُسِّد ”الجسر الجديد“ في قلب طوكيو القديمة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :