طارق العامري لـ«الاتحاد»: الإمارات تقود تحول المساعدات الإنسانية نحو التنمية الذكية في أفريقيا

ابوظبي - سيف اليزيد - أبوظبي (الاتحاد)

أكد الدكتور طارق العامري، رئيس وكالة الإمارات للمساعدات الدولية، أن مبادرة «الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية»، تأتي امتداداً لدور دولة الإمارات العالمي في تنمية المجتمعات، وتعزيز القدرات، وتلبية الاحتياجات لمختلف الدول والشعوب، سيراً على النهج الراسخ للمغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في البذل والعطاء، وتترجم المبادرة الرؤية الملهمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نحو تنفيذ مبادرات ومشروعات نوعية لخدمة البشرية، وتمكين المجتمعات في جميع أنحاء العالم.
وقال إن المبادرة تعكس رسالة الإمارات العالمية في ترسيخ التعاون التنموي لبناء مستقبل أفضل للجميع، وتحسين الواقع المعيشي، بتوجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وحرص سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، وإشراف سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية.
واعتبر العامري أن المبادرة تمثل انتقالاً طبيعياً من المساعدات التقليدية إلى التنمية القائمة على المعرفة والتكنولوجيا، وبناء شراكات حقيقية مع الدول الصديقة تعتمد على الابتكار، ونقل الخبرات، وتعزيز القدرات الوطنية، بما يسهم في دعم استراتيجياتها التنموية وخدمة قطاعاتها المتعددة.
وأوضح الدكتور طارق العامري، في حوار مع «الاتحاد»، أن مبادرة «الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية» تشكل جزءاً متصلاً من منظومة الدعم للمساعدات الإماراتية الخارجية، حيث قدمت دولة الإمارات منذ عام 1971 إلى نهاية عام 2024 ما يزيد على 360 مليار درهم من المساعدات الإنسانية والتنموية حول العالم، وتشكل أفريقيا ما يزيد على 40% من إجمالي هذه المساهمات الإماراتية، حيث قدمت دولة الإمارات للقارة الأفريقية أكثر من 152 مليار درهم إماراتي.
وأشار إلى أن المبادرة تبرز عمق الشراكة والعلاقات التاريخية بين الإمارات والدول الأفريقية، انطلاقاً من الرسالة الحضارية لدولة الإمارات نحو إطلاق المبادرات العالمية، وتنفيذ المشروعات النوعية والبرامج ذات الأولوية لرخاء وازدهار واستقرار البشرية جمعاء على حد سواء، وتلبية للاحتياجات المتزايدة، ومواجهة التحديات المتعددة خصوصاً في القطاعات الحيوية، مثل التعليم والزراعة الصحة والبنية التحتية والتنمية المستدامة، وبذلك تنتقل الإمارات من «الدعم التقليدي» إلى «التنمية المعتمدة على التكنولوجيا والابتكار».
ولفت العامري إلى أن المبادرة تضيف بعداً جديداً يقوم على محاور رئيسية تتضمن، دعم البنية التحتية الرقمية، من خلال تبني أحدث التقنيات المتقدمة وأدوات الذكاء الاصطناعي، بما ينعكس إيجاباً على الرفاه الاجتماعي، والتقدم الاقتصادي في الدولة الشريكة، وتعزيز التحول التكنولوجي عبر مواكبة الدولة الشريكة للتحولات الرقمية والتكنولوجية المتسارعة، وتسخير ذلك في خدمة تعزيز القطاعات الحيوية، إضافة إلى تمكين الدولة الشريكة من الحلول الذكية الحديثة وممكنات تقنية المعلومات والحلول المبتكرة، في إطار تحقيق التنمية المستدامة والازدهار، وتعظيم جودة خدمات القطاعات الحيوية في الدولة الشريكة، مثل الصحة والتعليم والزراعة والبنية التحتية.

حلول مبتكرة تسهم في تحقيق النمو المستدام
أوضح  طارق العامري أن المبادرة تنفذها دولة الإمارات عبر التنسيق بين وكالة الإمارات للمساعدات الدولية ومكتب أبوظبي للصادرات «أدكس» التابع لصندوق أبوظبي للتنمية، إذ تأتي ضمن نهج الدولة نحو تسخير التقنيات الحديثة بطرق فعالة لدعم التنمية والتطوير والابتكار على المستويات الإقليمية والدولية، وتقديم حلول مبتكرة تسهم في تحقيق النمو المستدام، كما تؤكد حرص دولة الإمارات على أن تتضمن هذه المشروعات برامج بناء القدرات بهدف استمرار الاستفادة من خصائص وممكنات التكنولوجيا الحديثة بعد انتهاء نوع الدعم سواءً أكان تمويلاً أو منحة؛ ولذا تم وضع معايير واضحة ومرنة لاختيار المشروعات ذات الأولوية في الدول المستهدفة، بحسب الاحتياجات الراهنة.
 وفيما يتعلق بالمعايير المعتمدة لتحديد المشروعات التي ستحصل على التمويل أو المنح، ضمن المبادرة، بين الدكتور العامري أن من أهمها، توافق المشروع مع الأولويات الوطنية للدولة الشريكة في مختلف القطاعات الحيوية، وقدرة الحلول التقنية والخوارزميات الذكية على إحداث أثر تنموي ملموس، وتحسين الواقع المعيشي للمجتمعات والشعوب، وكذلك قابلية التنفيذ والاستدامة على المدى الطويل، بحيث يتم التركيز على الأهداف التنموية المجتمعية والاقتصادية ذات المدى البعيد، بما ينعكس إيجاباً على الدولة الشريكة، إضافة إلى جاهزية البنية التحتية الرقمية والقدرات الوطنية لدى الدولة الشريكة، إذ تعتمد هذه المبادرة على مدى الجاهزية الرقمية لضمان الاستفادة القصوى من المبادرة، من حيث تحقيق الأثر التنموي الملموس في حياة المجتمعات والشعوب في القارة الأفريقية.
وأكد أن من أهم المعايير للمشاريع المعتمدة أنها تركز بشكل أساسي على القطاعات ذات الأولوية، مثل الصحة والتعليم والزراعة والبنية التحتية، لما لهذه القطاعات من أهمية عالية في القارة الأفريقية بشكل عام، بحسب تقارير المنظمات الأممية، حيث تسعى المبادرة إلى تعزيز جودة هذه القطاعات ذات الأولوية الوطنية في الدولة الشريكة من جهة، وتحظى بأهمية عالمية في سياق تحقيق أهداف التنمية المستدامة من جهة أخرى.
ورداً على سؤال يتعلق بمدى مساهمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاعات حيوية، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية في الدول الأفريقية، أكد الدكتور طارق العامري أن دولة الإمارات تؤمن بأن هذه المبادرة، تمثل عاملاً مهماً في تحقيق التنمية المستدامة، من خلال الجمع بين التكنولوجيا والتمويل والشراكات الإقليمية والدولية الهادفة إلى دعم الدول النامية في تجاوز التحديات التنموية، وتحقيق المرونة الاقتصادية على المديين المتوسط والبعيد، إذ تعمل المبادرة على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات التعليم والزراعة والبنية التحتية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتنمية الشاملة في القارة الأفريقية، وتدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية.
وتابع قائلاً: إن أثر الذكاء الاصطناعي يعتمد على الأولويات التنموية، لكل دولة شريكة وتحديد حجم الفرص التعاونية بشكل أدق، ويمكن القول إن التقنيات الحديثة تفتح فرصاً واسعة لتحسين كفاءة وجودة الخدمات في مختلف القطاعات.
وأوضح أنه يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي المساهمة في تعزيز جودة الخدمات الصحية بشكل عام في الدول المستهدفة، من خلال توظيف التقنيات المتقدمة، واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتقديم حلول مبتكرة ذات أثر ملموس في تحسين جودة الحياة، وتطوير أنماط التعليم الرقمي عبر تبني أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين مخرجات التعليم والعمليات التشغيلية والاستفادة من تحليل البيانات، بما يحقق نقلة نوعية ذات أثر مجتمعي واقتصادي في الدول المستهدفة، وكذلك تحسين كفاءة البنية التحتية والخدمات الأساسية بوساطة تعزيز جاهزية القطاعات الحيوية لتلبية الاحتياجات المجتمعية، ومواجهة التحديات المستقبلية، مما ينعكس بشكل ملموس على منظومة الخدمات الأساسية والقطاعات الحيوية على نحو استراتيجي ذي كفاءة إنتاجية وتشغيلية عالية.
ورداً على سؤال حول دور المبادرة في تعزيز موقع الإمارات مركزاً عالمياً في توظيف التقنيات المتقدمة في العمل الإنساني والتنموي، قال الدكتور طارق العامري: تنبع أهمية المبادرة من مواصلة ترسيخ الدور العالمي لدولة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031، عبر دمج ممكنات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المبادرات والمشروعات والبرامج الإنسانية والتنموية، كما تبرز المبادرة مكانة دولة الإمارات على مستوى العالم مركزاً دولياً ينتهج النهج الاستباقي والاستراتيجي، وتسخير التقنيات والخوارزميات الذكية في تحقيق الاستثمارات الطموحة لمختلف الشعوب والمجتمعات.
ولفت إلى أنه ومن خلال هذه المبادرة تواصل دولة الإمارات مسؤولياتها العالمية، تجاه تنمية ومساعدة مختلف دول العالم، وتسخير التقنيات الحديثة بطرق فعَّالة لدعم التنمية والتطوير والابتكار على المستويات الإقليمية والدولية، وتقديم حلول مبتكرة تسهم في تحقيق النمو المستدام.
بالإضافة إلى توظيف التقنيات المتقدمة في خدمة العمل التنموي، وهو ما يفتح مجالات جديدة للتعاون الدولي، ويدعم تصدير الحلول التكنولوجية الإماراتية، ويمكن الشركات الإماراتية من تنفيذ مشروعات رائدة حول العالم، ويعزز الحضور التقني والذكي والإنساني للإمارات في آن واحد.

منظور اقتصادي
أكد رئيس وكالة الإمارات للمساعدات الدولية أن مبادرة «الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية» تعمل على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات التعليم والزراعة والبنية التحتية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتنمية الشاملة في القارة الأفريقية، وتدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية، كما تشكل منصة لدعم دخول الشركات الإماراتية إلى أسواق واعدة، خصوصاً في القارة الأفريقية، وذلك عبر توفير بيئة شراكة موثوقة مع الحكومات الأفريقية، وتمكين الشركات من تنفيذ مشروعات تكنولوجية ذات أثر، وتعزيز تصدير التكنولوجيا الإماراتية، وخلق مسارات نمو جديدة للقطاع الخاص، وكل ذلك يعكس النموذج الإماراتي الفريد الذي يجمع بين التنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والأثر المجتمعي.
وتابع قائلاً: «لو نظرنا إلى هذه المبادرة من منظور اقتصادي أيضاً، نجد أنها تفتح آفاقاً جديدة للدول المستهدفة نفسها من خلال توظيف التقنيات المتقدمة والبرمجيات الذكية لتطوير حلول جديدة تدعم الأولويات المجتمعية وتخدم التوجهات الاقتصادية لها، في إطار تعزيز جودة الحياة من جانب، واستثمار الحلول التكنولوجية في تعزيز الاقتصاد الوطني من جانب آخر»

بناء القدرات الرقمية
قال الدكتور طارق العامري إن دولة الإمارات تؤمن بأهمية تسخير التقنيات المتقدمة والتطبيقات والأنظمة الذكية لخدمة البشرية جمعاء، وتنمية الدول والمجتمعات لتحقيق التقدم والرخاء، كما أن مستقبل المساعدات الإنسانية والتنموية هو مستقبل قائم على التقنية والذكاء الاصطناعي بشكل كبير؛ ولذا لا بد أن يكون هذا المستقبل شاملاً وعادلاً لجميع دول العالم.
وأضاف: في دولة الإمارات، بفضل رؤية قيادتنا الرشيدة دائماً ما نأتي في مقدمة دول العالم، فيما يتعلق بمؤشرات مسيرة التنمية الشاملة والتقدم والازدهار في شتى القطاعات الأساسية والمجالات ذات الأولوية، وسنواصل في «وكالة الإمارات للمساعدات الدولية» الرسالة الحضارية والإنسانية للإمارات إلى العالم أجمع، بدعوة الجميع للمشاركة بفاعلية وإسهام إيجابي نحو الاستثمار في بناء القدرات الرقمية، ودعم الشراكات مع الاقتصاديات الصاعدة، وتوظيف ممكنات التكنولوجيا الحديثة لخدمة الناس وصنع الفارق، وتطوير حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي، بما يتوافق مع أولويات الدول، فالإمارات تؤمن بأن التنمية المستدامة تتحقق عبر الشراكة، والعمل المشترك، وتمكين الدول لبناء مستقبلها بقدراتها الذاتية، وبما يحقق الرفاه الاجتماعي والنمو الاقتصادي لجميع الشعوب والمجتمعات.

أخبار متعلقة :