ابوظبي - سيف اليزيد - شعبان بلال (أبوظبي، القاهرة)
على مدى 45 عاماً، قدمت الإمارات وجمهورية كوريا نموذجاً متميزاً للعلاقات الدولية، يقوم على التعاون في مجالات التنمية والتطوير ومواجهة التحديات، وهو نموذج يُحتذى به في مجال الشراكات الاستراتيجية وتبادل الخبرات، حتى أصبحت العلاقة بينهما أكثر متانة وقوة. وتأتي زيارة فخامة لي جيه ميونغ، رئيس جمهورية كوريا إلى الدولة لتفتح الباب أمام آفاق أوسع للتعاون بين البلدين، وتؤسس لنموذج شراكة مستقبلية قائمة على الثقة، والتنمية، والابتكار، وترسخ مكانتهما كمحورين اقتصاديين وتكنولوجيين رائدين في الشرق الأوسط وشرق آسيا.
ووصلت العلاقة بين البلدين إلى مستوى مميز من العلاقات الاستراتيجية، عززتها الزيارات التاريخية المتبادلة بين القيادتين، وهو ما يعكس حرص الإمارات وكوريا على تنمية علاقاتهما وتوثيق التواصل الفعال والترابط المستمر لتوفير فرص التعاون في مجالات متعددة. وشهدت العلاقات «الإماراتية - الكورية» طفرة نوعية خلال السنوات الأخيرة، عززتها الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين البلدين، والمشاريع المشتركة في الطاقة والتكنولوجيا والدفاع والصحة.
وأوضح خبراء أن العلاقات بين البلدين ذات خصوصية ممتدة لعقود طويلة في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والتقنية والثقافية والطاقة والمناخ وغيرها، مؤكدين أن الشراكة بين البلدين تُعد نموذجاً رائداً لتحقيق التنمية. وامتدت العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات وكوريا الجنوبية على مدى 45 عاماً، شهدت خلالها نمواً متواصلاً منذ نشأتها، وتشهد حالياً زخماً كبيراً على المستويين الحكومي والخاص، إلى جانب تنوعٍ في أنشطة التعاون الاقتصادي على مختلف الصعد. وترتكز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الدولتين على مجموعة من المقومات والعوامل، أهمها الإرادة السياسية القوية لدى قيادتي البلدين للارتقاء بمسار العلاقات في جميع المجالات، وتوافق الرؤى إزاء القضايا الإقليمية والدولية، إلى جانب الإدراك العميق لطبيعة المصالح المشتركة بينهما.
تطور مستمر
وأشار حميد الحمادي الخبير الإماراتي في الشؤون الكورية، إلى أن العلاقات بين البلدين التي تمتد لأكثر من 45 عاماً منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1980، شهدت تطوراً مستمراً، بلغ ذروته عبر ثلاث محطات رئيسية، الأولى من عام 1980 إلى 1987، وشهدت تبادل افتتاح السفارات وتأسيس قاعدة التعاون الرسمي، والثانية عام 2009 وشهدت توقيع اتفاقية إنشاء مفاعل براكة للطاقة النووية السلمية، أكبر مشروع خارجي في تاريخ كوريا بقيمة 20 مليار دولار، والمحطة الثالثة عام 2018، وخلالها ارتقت العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الخاصة»، وهو تصنيف تمنحه كوريا لعدد محدود للغاية من الدول.
توقيت استراتيجي
وأضاف الحمادي، أن زيارة فخامة لي جيه ميونغ رئيس جمهورية كوريا إلى أبوظبي تأتي في ظل تحولات عالمية كبرى، ما يجعلها محطة سياسية واقتصادية مهمة، ومن المتوقع أن يبحث الجانبان، تعزيز الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA)، تطوير مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، والتعاون في الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا المتقدمة، ومناقشة المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأوضح أن أهمية الزيارة تنعكس أيضاً في حجم الاستثمارات الإماراتية المعلنة مؤخراً في كوريا، والتي تصل إلى 30 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
تجارة متنامية
ولفت إلى أن الأرقام تشير إلى وجود فرص واعدة لتعزيز الصادرات الإماراتية إلى كوريا، خصوصاً في الصناعات المتقدمة والمنتجات البتروكيماوية والألمنيوم، لافتاً إلى أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) بين البلدين تدعم الانفتاح الاقتصادي، وتدفع العلاقات الاقتصادية نحو آفاق جديدة، إذ تقضي بإلغاء 92.8% من الرسوم الجمركية على السلع الإماراتية المصدَّرة إلى كوريا خلال 10 سنوات، و91.2% من الرسوم الجمركية على واردات الإمارات من كوريا في الفترة ذاتها، ذلك يسهم في دعم الشركات الوطنية، وتسهيل الوصول إلى الأسواق، وتعزيز تدفق الاستثمارات المتبادلة.
وأضاف الحمادي: إلى جانب الاستثمار الإماراتي البالغ 30 مليار دولار، تشهد الشركات الكورية توسعاً كبيراً في الإمارات، مستفيدة من مكانة الإمارات كمركز مالي ولوجستي عالمي، والبنية التحتية المتقدمة، والنموذج الاقتصادي الإماراتي المنفتح والجاذب للاستثمار. كما تُعد الإمارات الوجهة الأولى للمنتجات الكورية في الشرق الأوسط، وبوابة رئيسية لانتشار الشركات الكورية في المنطقة.
رعاية صحية
وأشار الحمادي إلى أن جمهورية كوريا أصبحت إحدى أهم الوجهات العلاجية للمواطنين للإماراتيين وقال: يزور كوريا سنوياً آلاف المرضى الإماراتيين، بحثاً عن العلاج في المستشفيات الرائدة، مثل سامسونغ، وسيفيرانس، وسيؤول الوطنية. في المقابل، تعمل مستشفى جامعة سيؤول الوطنية في إدارة وتشغيل مستشفى الشيخ خليفة التخصصي في رأس الخيمة منذ 2015، ويمثل قطاع الصحة أحد أكثر قطاعات التعاون بين البلدين نمواً.
نمو سريع
قال أستاذ العلوم السياسية، الدكتور هيثم عمران، إن الإمارات باتت فاعلاً اقتصادياً يمتلك نموذجاً تنموياً متماسكاً أثبت قدرته على الجمع بين النمو السريع والاستقرار الاجتماعي والاستثمار طويل الأجل في رأس المال البشري والابتكار، وهو ما يجعلها شريكاً قوياً لكوريا. وأضاف عمران، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن العلاقات الثنائية بين الإمارات وكوريا الجنوبية شهدت تطوراً نوعياً في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسمياً في 18 يونيو 1980، موضحاً أنه منذ ذلك التاريخ، ظلت العلاقات الثنائية بين البلدين تشهد تطوراً ملحوظاً.
نموذج فريد
أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، نبيل ميخائيل، أن العلاقات بين الإمارات وكوريا تُعد نموذجاً فريداً في التطور المستمر طوال العقود الماضية، وهو ما أثمر الشراكة الاستراتيجية والمنفعة المتبادلة.
وأشار ميخائيل إلى أنه جرى تعزيز العلاقات بين الإمارات وكوريا، من خلال قنوات الحوار والاجتماعات رفيعة المستوى، ومنها الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية، واجتماع (2+2) بين وزارتي الخارجية والدفاع، والمشاورات رفيعة المستوى بشأن التعاون النووي، واجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة، فضلاً عن توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مختلف مجالات التعاون.
أخبار متعلقة :