ابوظبي - سيف اليزيد - عبدالله أبو ضيف (القاهرة)
يشهد السودان ضعفاً شديداً نتيجة مسار جماعة الإخوان في البلاد، الذي يعكس نمطاً ثابتاً من الخداع السياسي، بوصفه أداة لحماية النفوذ والسيطرة على مفاصل الدولة، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية.
وبحسب صحيفة «سودان تربيون»، فإن الجماعة اعتمدت منذ انقلاب 1989، سياسة التمكين، باعتبارها إطاراً منهجياً لإعادة تشكيل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية على أساس الولاء التنظيمي لا الكفاءة المهنية، مما أدى إلى إضعاف عقيدة الجيش وتحويله من مؤسسة وطنية إلى أداة خاضعة لاعتبارات أيديولوجية، وهو ما يفسر هشاشته البنيوية أمام الأزمات والصراعات.
وقال الطيب عثمان يوسف، الأمين العام للجنة تفكيك نظام الإخوان في السودان، إن جماعة الإخوان اعتمدت منذ انقلاب عام 1989 على الخداع السياسي كمنهج ثابت لحماية نفوذها، وضمان استمرار سيطرتها على السلطة، ولم تكن سياسة التمكين مجرد قرارات إدارية، بل مشروعاً متكاملاً لإعادة تشكيل الدولة من الداخل، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية. وأضاف يوسف، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن هذه السياسة استهدفت إفراغ الجيش السوداني من مضمونه المهني، عبر إحالة الضباط الأكفاء، وإحلال عناصر تدين بالولاء التنظيمي، مما أدى إلى إضعاف عقيدته القتالية وقدرته الدفاعية على المدى الطويل.
وأشار إلى أن الجماعة لم تكتفِ بالسيطرة على الجيش والأجهزة الأمنية، بل عملت بالتوازي على إخضاع المنظومة العدلية لتوفير غطاء قانوني لممارساتها، مما سمح بترسيخ الفساد وحماية شبكات النفوذ، منوهاً بأن تسييس القبول في الكليات العسكرية منذ أوائل التسعينيات مثّل نقطة تحول خطيرة، حيث جرى ربط الانضمام بالانتماء التنظيمي، مما همّش الكفاءات المهنية وأنتج مؤسسة عسكرية هشة، انعكس ضعفها لاحقاً في مجريات الحرب.
وذكر يوسف أن الخداع السياسي بلغ ذروته مع اقتراب اندلاع القتال، عبر إطلاق حملات تضليل إعلامي ممنهجة سبقت الحرب، استُخدمت فيها سرديات مجتزأة ومضللة لتحريك خلايا داخل المنظومة الأمنية، وتهيئة الأجواء للمواجهة المسلحة، لافتاً إلى أن الجماعة هي من حدّدت توقيت اندلاع الحرب، وبعض القيادات العسكرية لم تكن على علم بموعدها، وتم التعامل معها بالقمع والاعتقال في اليوم الأول.
في السياق، قال الباحث في شؤون جماعات الإرهاب، طارق أبو سعد، إن الوضع في السودان بالغ الخطورة، ولا توجد آفاق حقيقية لوقف الحرب في ظل استمرار نفوذ جماعة الإخوان وفصائل مسلحة قريبة منها، وتعمل وفق توجيهاتها، مما يضع البلاد أمام سيناريو حرب مدمرة مفتوحة، ذات تداعيات خطيرة على السودان والمنطقة بأكملها.
وأضاف أبو سعدة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن تحذيرات مسؤولين دوليين من اتساع رقعة الحرب تنبع من مخاوف حقيقية من تحول السودان إلى دولة فاشلة أو بؤرة محتملة للإرهاب، خاصة في ظل الانهيار الأمني الناتج عن استمرار الصراع، وهو ما يفتح المجال أمام تمدد الجماعات المتطرفة والخارجين على القانون، بما يهدد الاستقرار الإقليمي.
وأشار إلى أن جماعة الإخوان كانت على مدى سنوات جزءاً من بنية الدولة السودانية، ولها ارتباطات عميقة داخل مؤسسات الحكم، وعلى رأسها الجيش، مؤكداً أن استمرار الحرب يخدم مصالح الجماعة، باعتبارها فرصة لمحاولة العودة إلى المشهد السياسي عبر الترويج لفكرة أن السودان كان أكثر استقراراً خلال فترة وجودهم في السلطة، وتقديم أنفسهم كأقرب فصيل قادر على وقف الصراع. وذكر أبو سعدة أن خطورة الجماعة تكمن في قدرتها على إشعال الحروب من دون امتلاك أي قدرة حقيقية على إنهائها، مستغلة شبكاتها القديمة داخل مؤسسات الدولة والمجتمع، بما في ذلك عناصرها والمتعاطفون معها داخل الجيش وخارجه، مما يسهم في تغذية الصراع من أطراف متعددة، ويزيد من تعقيد المشهد.
