محادثات المناخ: العالم يبحث عن جبهة موحدة بلا واشنطن

في افتتاح محادثات الأمم المتحدة للمناخ في بيليم البرازيلية، حضرت 195 دولة إلى الطاولة، لكن الحضور الأكثر لفتاً للأنظار كان لكرسي فارغ. ذلك المقعد، الذي خصّص لوفد الولايات المتحدة، تحوّل إلى رمز سياسي مباشر يطغى على نقاشات المؤتمر، ويعكس انسحاب واشنطن للمرة الثانية من اتفاق باريس للمناخ منذ عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. في الوقت الذي تتكرر فيه مشاهد ال كوارث المناخية حول العالم، من أعاصير مدمرة إلى حرائق وجفاف، يجد المجتمع الدولي نفسه أمام مهمة شاقة: بناء جبهة موحدة لمكافحة الاحتباس الحراري، من دون الدولة الأغنى والأكبر تاريخياً في الانبعاثات الكربونية.

رسائل سياسية

وانطلق المؤتمر، المعروف باسم COP30، برسائل سياسية متباينة. فالقادة الذين صعدوا المنصة ذكّروا بأن التغير المناخي لم يعد تهديداً نظرياً للمستقبل، بل مأساة حاضرة. والأعاصير التي ضربت الكاريبي والبرازيل والفلبين وفيتنام خلال الأسابيع الأخيرة فرضت نفسها على أجواء المحادثات، ورفعت سقف التحذيرات. ومع ذلك، فإن غياب الولايات المتحدة أعاد ترتيب النقاشات، وأجبر الدول المشاركة على طرح سؤال صريح: كيف يمكن إحراز تقدم حقيقي في غياب ثاني أكبر ملوث في التاريخ، وأكبر اقتصاد في العالم؟

قيد الاختبار

وعلى عكس مؤتمرات المناخ السابقة، لا ينتظر المفاوضون هذا العام توقيع اتفاق دولي ضخم أو صياغة معاهدات جديدة. بل جرى تعريف المؤتمر بأنه «تنفيذي»، أي مخصّص لمراجعة وتعزيز الخطط الوطنية للدول، وتقدير قدرتها على خفض الانبعاثات فعلياً.

وأصدرت الأمم المتحدة في الافتتاح بيانات محدثة تظهر أن التعهدات الجديدة قد تسهم في تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 12 % بحلول عام 2035 مقارنة بمستويات 2019، وهي نسبة لا تزال أقل بكثير من المسار المطلوب للحد من ارتفاع حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية وفق اتفاق باريس.

لكن رغم هذا التقدم النسبي، فإن واقع الأرقام يعكس فجوة هائلة بين الخطط المعلنة والواقع التنفيذي. ودعا الأمين العام لشؤون المناخ سيمون ستيل دعا الدول إلى توحيد الجهود، مؤكداً أن «العمل المنفرد لن يكون كافياً، حتى من أكبر الاقتصادات».

ومن موقع الاستضافة، شدد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا على أن تغيّر المناخ يعمّق انعدام المساواة، ويحدد «من يستحق الحياة ومن يُترك للموت»، في إشارة مباشرة إلى الكوارث التي تصيب الدول الفقيرة أولاً، رغم أن مساهمتها في الانبعاثات هي الأقل.

رمز سياسي

ورمزية الكرسي الفارغ لم تقف عند حدود الصورة. حيث استخدم نشطاء المناخ هذا المشهد للقول إن الدول الأخرى يجب أن «تتقدم وتملأ الفراغ»، غير أن مهمة كهذه تبدو معقدة. فالولايات المتحدة ليست مجرد دولة كبرى في المفاوضات، بل هي قوة اقتصادية، وتاريخياً أكبر مصدر لانبعاثات الكربون المتراكمة في الجو، وهي أيضاً صاحب نفوذ مالي وتقني كان يُعوّل عليه لقيادة التحول نحو الطاقة النظيفة.

وعودة ترمب إلى البيت الأبيض قادت إلى انسحاب جديد من اتفاق باريس، ووقف برامج دعم طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتعزيز الاعتماد على الفحم والنفط والغاز. وبذلك، فإن التعهد الأمريكي الأخير بخفض الانبعاثات، الذي سُلّم خلال فترة إدارة بايدن، أصبح نظرياً فقط، دون ضمانات تنفيذ. ودون واشنطن، تضعف احتمالات تحقيق المسار المطلوب للحد من ارتفاع الحرارة عالمياً، بحسب خبراء المناخ.

وبعض المفاوضين السابقين، ومن بينهم المبعوث الأمريكي الأسبق تود ستيرن، قالوا إن حضور واشنطن في ظل سياسة ترمب «لن يكون بنّاءً»، لكنهم أشاروا إلى أن ولايات ومدناً وشركات أمريكية قد تواصل التزاماتها المناخية بشكل منفصل. غير أن هذا المسار يبقى محدود التأثير، لأن الاتفاقات المناخية الدولية تُبنى على صلاحيات حكومية وليست محلية.

الدول الفقيرة

وفي الخطابات الافتتاحية، تحولت مآسي المناخ في الجنوب العالمي إلى محور أساسي. قادة الدول الجزرية الصغيرة أكدوا أن غياب الولايات المتحدة «يعصف بجاذبية النظام التفاوضي»، لأن هذه الدول تعتمد على التزامات الدول الغنية للتمويل والحماية من أخطار ارتفاع مستوى البحار. وأشارت الأمم المتحدة إلى أن الفئات الأضعف عالمياً تواجه بالفعل «جولات مستمرة من الكوارث»، من بينها إعصار ميليسا في الكاريبي، والأعاصير المتكررة في جنوب شرق آسيا، والفيضانات التي ضربت جنوب البرازيل.

وقد ارتبطت هذه الكوارث بما وصفته الأمم المتحدة بـ»القوة الغاشمة لقوى السوق»، إذ تراجعت كلفة الطاقة المتجددة، فيما تعاني الصناعات التقليدية من خسائر متزايدة. لكن رغم ذلك، يستمر العالم في الاعتماد على الوقود الأحفوري بنسبة تتجاوز 80 % من الطاقة المستهلكة، مع غياب بديل سياسي عالمي قادر على فرض تغيير جذري.

قيادة جديدة

وغياب الولايات المتحدة يترك مساحة مفتوحة أمام قوى أخرى. فالبرازيل، المضيفة، حاولت تقديم نفسها مركزاً محايداً وفاعلاً، بخاصة أن استضافة المؤتمر في مدينة بيليم قرب الأمازون تحمل بعداً رمزياً يتعلق بحماية الغابات. وجدد الاتحاد الأوروبي التزامه بخفض الانبعاثات، في حين تواصل الصين، أكبر ملوث حالياً، سياسات مزدوجة؛ زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، مقابل توسع مستمر في استخدام الفحم.

لكن رغم هذه التحركات، فإن العالم يدخل مرحلة حساسة: تعهدات موجودة على الورق، مؤشرات مناخية تتدهور بسرعة، ونظام تفاوضي فقد واحداً من أكبر أركانه. ومع أن اتفاق باريس لا يزال قائماً، فإن الطريق إلى خفض الانبعاثات بشكل ملموس يتطلب توافقًا أكبر، وتمويلاً أكبر، وإرادة سياسية غائبة عند عدد من القوى الكبرى.

• كرسي الولايات المتحدة الفارغ هيمن على افتتاح COP30

• غياب واشنطن للمرة الثانية عن اتفاق باريس

• توقعات بخفض الانبعاثات عالمياً بنسبة 12 % فقط بحلول 2035

• تعهدات الدول غير كافية للحد من ارتفاع الحرارة إلى 1.5 درجة

• كوارث مناخية متتالية تضرب دولاً فقيرة

• الولايات المتحدة أكبر مصدر للانبعاثات المتراكمة عبر التاريخ


كانت هذه تفاصيل خبر محادثات المناخ: العالم يبحث عن جبهة موحدة بلا واشنطن لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على الوطن أون لاين وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :