كتبت: ياسمين عمرو في الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 08:14 صباحاً - يولد كلّ طفل وهو مجهّز بمجموعة من الحواس التي تساعده على فهم العالم من حوله والتفاعل معه. ومن اللحظة الأولى التي يأخذ فيها أنفاسه، يبدأ ذكاؤه في التكوُّن؛ حيث تتطور خلايا دماغه بناءً على التجارِب التي يمر بها، والبيئة التي تحيط به، والعلاقات التي يبنيها. وعلمياً، تكون قدرة الطفل على التعلُّم والنموّ هائلةً في السنوات الأولى من حياته. ولذا؛ فإن فهْم طرق تنمية حواسه والتفاعل معه بشكل مبكّر، يضع الأساس لتطوير ذكائه العاطفي والمعرفي والاجتماعي.
 وهنا تؤكّد الدكتورة نهال عبدالباقي، الباحثة بمركز الطفولة: أن ذكاء الطفل يبدأ من يومه الأول، من خلال التركيز على تطوير الحواس المختلفة، وتعزيز التفاعل المبكّر، وتوفير بيئة محفّزة صحية، وذلك بفضل الأهل والمدربين والأشخاص المقرّبين. وكلما كان التفاعل مبكراً، كان تطوير القدرات الذهنية والاجتماعية للطفل أسرع.
لماذا يبدأ ذكاء الطفل من يومه الأول؟
 تتكون خلايا الدماغ وتتصل ببعضها بشكل سريع في فترة ما قبل وبعد الولادة مباشرة، هذه الاتصالات العصبية هي ما يُسهم في تطوير القدرات الذهنية للطفل، مثل: التفكير، والانتباه، والذاكرة، واللغة، والمهارات الحركية. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن 90% من نموّ الدماغ، يحدث خلال السنوات الأولى من العمر، وخاصة في أول سنتين. لذلك، ما يحدث في الأيام الأولى والأسابيع الأولى من حياة الطفل، له أثرٌ كبير على تطوير ذكاء الطفل لاحقاً.
الحواس الخمس: بوابة الطفل إلى العالم
 
 الحواس الخمس: النظر، السمع، اللمس، الشم، والتذوُّق، هي الأدوات التي يستخدمها الطفل لفهم العالم المحيط به. وتطوير كلّ حاسة منها، يعزز نموّ الدماغ والذكاء بشكل متكامل.
 الحاسة الأولى: النظر
 عند الولادة، تكون رؤية الطفل ضعيفة؛ حيث يرى الأشياء على بعد 20- 30 سم فقط، يحب الطفل التحديق في الوجوه؛ خاصة وجه أمه، وهذا يساعد على تقوية روابط الارتباط العاطفي.
لتعزيز حاسة النظر:
قومي بتحريك وجوه وألعاب ملوّنة أمام الطفل ببطء، واستخدمي الألوان المتباينة (مثل الأبيض والأسود) لأن الطفل ينجذب إليها في بداية حياته، تحدثي إلى الطفل أثناء النظر إليه لزيادة التفاعل.
الألعاب غير الإلكترونية سرّ الطفولة السعيدة من 1- 8 سنوات: وفقاً لدراسات
الحاسة الثانية: السمع
 يسمع الطفل الأصوات حتى وهو في رحم الأم، ويبدأ بالتمييز بينها بعد الولادة، الصوت المهدّئ، مثل صوت الأم أو الموسيقى الهادئة، يساعد في تهدئة الطفل ويحفز نموّ المخ.
لتعزيز السمع:
- تحدّثي مع طفلكِ بكلمات بسيطة وبصوت هادئ.
 - استخدمي الأغاني والأصوات الموسيقية الهادئة.
 - استجيبي لصوت بكائه فوراً؛ مما يعزز شعور الأمان لديه.
 
الحاسة الثالثة: اللمس
 
 اللمس هو أحد أهم الحواس التي تساعد الطفل على التعرُّف إلى العالم وبناء علاقات عاطفية، كما أن اللمس الحنون يطلق هرمون الأوكسيتوسين الذي يعزز الارتباط بين الأم والطفل.
لتعزيز حاسة اللمس:
- احضني طفلكِ بلطف وامنحيه تدليكاً مهدئاً.
 - اجعلي الطفل يلمس أشياء مختلفة مثل: الأقمشة الناعمة أو الألعاب ذات الملمس المختلف.
 - استخدمي اللمس للتهدئة؛ خاصة عند البكاء أو الانزعاج.
 
الحاسة الرابعة: الشم
 رائحة الأم والأشياء المحيطة تكون مريحة للطفل، وتساعده على التعرُّف إلى محيطه، الشم مرتبط بذاكرة قوية عند الأطفال.
لتعزيز الشم:
استخدمي رائحة طبيعية خفيفة مثل زيت اللوز أو زيت جوز الهند عند تدليك الطفل، وتجنّبي الروائح القوية أو الكيميائية التي قد تزعج الطفل.
 الحاسة الخامسة: التذوق
 
 يبدأ الطفل في تذوُّق الحليب، وهذا يعزز تطوُّر حاسة التذوُّق لديه تدريجياً، التدريج في إدخال الأطعمة الصُلبة يوسّع تجرِبة التذوُّق.
لتعزيز التذوُّق:
عند بدء تقديم الأطعمة الصُلبة، قدّمي أطعمة طبيعية ذات نكهات متعددة، ولا تضغطي على الطفل لتناوُل أطعمة لا يحبها فوراً؛ بل امنحيه الوقت للتعوُّد.
ضرورة التفاعل المبكّرتطور
ويتمثل هذا في الاستجابة لبكاء الطفل، اللعب معه، التحدُّث إليه، وخلق بيئة مليئة بالمحفزات؛ فالطفل يولد وهو يعتمد كلياً على التفاعل مع الآخرين لفهم العالم.
 التفاعل يعزز تطوُّر اللغة، ويَزيد من الثقة بالنفس، ويطوّر مهارات التواصل. الطفل الذي يتلقى تفاعلاً منتظماً، يكون أكثر قدرة على التحكُّم في مشاعره وسلوكه.
 استجيبي لبكائه فوراً؛ فذلك يمنحه شعوراً بالأمان، وتحدثي إليه باستمرار؛ حتى وإن كان لا يفهم الكلمات؛ فهذا يبني القاعدة اللغوية في دماغه.
 احمليه كثيراً، وامنحيه حنانك؛ فهذا يقوّي الرابط العاطفي، واستخدمي الألعاب الصوتية والبصرية المناسبة لسنه.
طرق عملية لتنمية ذكاء الطفل من يومه الأول:
جلسات التواصل بالعين
 
 اجلسي أمام طفلكِ وحاولي تثبيت النظر معه لبضع دقائق، هذا يساعد على بناء مهارات التواصل ويعزز التعلُّم الاجتماعي.
 اللعب الحسي
 استخدمي ألعاباً ذات ألوان وأصوات مختلفة؛ لتحفيز حواسه، وجرّبي تعريضه لأشياء ذات ملمس مختلف: مثل القماش الناعم، القطن، أو حتى ملمس الجلد.
 الموسيقى والغناء
 الموسيقى تهدّئ الطفل وتحفز المخ، والغناء يخلق علاقة تواصل قوية بين الأم والطفل، وحاولي غناء أغانٍ هادئة أو قراءة قصص بصوت موسيقي.
 التمارين الحركية الخفيفة
 ساعدي طفلك على تحريك رأسه، ذراعيه، وساقيه بشكل لطيف. هذه التمارين تنمّي المهارات الحركية وتساعد في بناء شبكة الدماغ.
 بعض الوقت على البطن
 ضَعي طفلكِ على بطنه لبضع دقائق يومياً تحت إشرافك، هذا يعزز قوة الرقبة والظهر، ويحسّن التنسيق العضلي.
 أهمية الرضاعة الطبيعية في نموّ الذكاء
 الرضاعة الطبيعية ليست فقط تغذية؛ بل هي تفاعُل مستمر بين الأم والطفل، حليب الأم يحتوي على أحماض دهنية أساسية تساعد في بناء خلايا الدماغ، كما تعزز الرضاعةالحواس؛ خصوصاً اللمس والتواصل البصري.
 خلق بيئة محفزة وآمنة
 تأكدي من نظافة المكان الذي يقضي فيه الطفل وقته، أزيلي مصادر الضوضاء العالية والضوء الشديد، ووفري له أجواء هادئة.
 استخدمي ألواناً مهدئة ومريحة.
 احرصي على سلامة الألعاب، وابتعدي عن الأشياء الصغيرة التي قد تسبب خطر الاختناق.
دور الأب والعائلة في تنمية ذكاء الطفل
 - مشاركة الأب في اللعب والتفاعل مع الطفل، تعزز من نموّه الذهني والعاطفي.
 - الدعم الأسري يخفف الضغط على الأم، ويخلق بيئة صحية للطفل.
 - يمكن للعائلة تقديم تجارِب مختلفة للطفل، تساعد في توسيع مداركه.
 
استعيني بالخبراء:
إذا لاحظتِ تأخُّراً واضحاً في المهارات الحسية أو الحركية أو التواصلية عند طفلك، من المهم استشارة طبيب الأطفال أو أخصائي النموّ المبكّر.
 * ملاحظة من «الخليج 365»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب متخصص.

