الرياص - اسماء السيد - ساعات قليلة تفصلنا عن انطلاق بطولة كأس الأمم الأفريقية المقامة بالمغرب. البلد، الشمال أفريقي، بدأ منذ الإعلان الرسمي عن فوزه بشرف تنظيم هذه التظاهرة الرياضية، استعداداته المكثفة لإنجاح العرس القاري، في خطوة تعكس طموحه لترسيخ مكانته كوجهة رياضية رائدة على المستويين القاري والدولي.
وتأتي هذه الاستعدادات في إطار رؤية شاملة، تهدف إلى تقديم نسخة استثنائية من البطولة، ترتقي إلى تطلعات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم والمنتخبات المشاركة والجماهير القادمة من مختلف الدول.
وقد شملت هذه الجهود مختلف الجوانب التنظيمية، من تطوير البنية التحتية الرياضية، إلى تعزيز الجاهزية اللوجستية والأمنية، مروراً بتحسين خدمات الاستقبال والنقل.
في هذا التقرير نرصد مدى استعداد المغرب لتنظيم البطولة، وكل ما أنجزه لحدود الساعة ليكون في الموعد.
بنية تحتية رياضية متطورة
منذ إعلان استضافة المغرب للبطولة الأفريقية وكأس العالم عام 2030 مناصفة مع البرتغال وإسبانيا، دشن بناء سلسلة من الملاعب الكروية الجديدة وتطوير أخرى في مختلف مدن المملكة وفق معايير دولية.
ووفق ما ذكره المنسق العام للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، معاد حجي، تم تخصيص تسعة ملاعب بست مدن مغربية لاحتضان مباريات البطولة.
وأكد حجي أن "كان المغرب 2025 يشكل منعطفا مهما في تاريخ تنظيم التظاهرات الكروية الأفريقية"، لاسيما من خلال توفير 24 ملعباً مخصصاً لتداريب المنتخبات المشاركة، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ كأس أمم أفريقيا.
وأوضح أنه، وللمرة الأولى، سيستفيد كل منتخب من المنتخبات الـ24 المؤهلة، من ملعب تدريبات رسمي خاص به، مجهز بجميع مستلزمات الإعداد البدني والتقني والتكتيكي، مشيراً إلى أن هذه الملاعب، الموزعة على مختلف جهات المملكة، جرى اختيارها وفق معايير دقيقة حددتها الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم، خاصة ما يتعلق بجودة البنيات التحتية، وسهولة الولوج، والأمن، والقرب من ملاعب التباري.
الملاعب والمدن المستضيفة
ستقام مواجهات الـ52 من البطولة في ست مدن هي الرباط والدار البيضاء وفاس وأكادير ومراكش وطنجة.
تحتوي العاصمة الرباطة على ثلاثة ملاعب رئيسية هي:
- مجمع الأمير مولاي عبد الله الرياضي: 69,500 مقعد
- ملعب البريد: 18,000 مقعد
- الملحق الأولمبي لمجمع الأمير مولاي عبد الله: 21,000 مقعد
- مجمع ولي العهد مولاي الحسن الرياضي: 22,000 مقعد
تشارك العاصمة الاقتصادية للمملكة، الدار البيضاء، في احتضان مباريات البطولة من خلال مركب محمد الخامس الرياضي، الذي يتسع لـ 45 ألف متفرج.
أما عاصمة سوس الجنوبية، مدينة أكادير، فتشارك في احتضان منافسات البطولة عبر ملعبها الكبير، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 41,144 مقعداً.
المدينة الحمراء مراكش ستكون حاضرة في هذا الحدث القاري من خلال ملعب مراكش الكبير، بسعة تتجاوز 41 ألف متفرج.
العاصمة العلمية والروحية للمملكة، فاس، ستكون بدورها من بين المدن المستضيفة، من خلال مجمع فاس الرياضي بطاقة استيعابية تتجاوز 35 ألف مقعد.
وتشارك مدينة طنجة، في احتضان مباريات البطولة عبر ملعب طنجة الكبير، الذي يتسع لـ 75,600 متفرج، ليُعد الأكبر من حيث السعة في هذه المسابقة.
الكاف: النسخة الحالية ستكون الأفضل تنظيمياً
خلال مؤتمر صحفي خصص لتسليط الضوء على آخر الاستعدادات قبيل انطلاق البطولة الأفريقية، أكد فيرون موسينغو أومبا، الأمين العام للاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، أن كأس أمم أفريقيا "المغرب 2025 ستكون الأفضل تنظيماً على الإطلاق من جميع الجوانب".
وأضاف المتحدث أن الملاعب تم تجهيزها بأعلى المستويات، واصفاً إياها بـ "المتاحف التي تستحق الزيارة"
وأوضح موسينغو أنه تم لحدود الساعة بيع أكثر من مليون تذكرة، وهناك مباريات ستلعب بشبابيك مغلقة، معلقاً "الكاف لم يعد مجرد حدث قاري، بل أصبح حدثاً عالمياً".
وختم الأمين العام للكاف حديثه بدعوة "الجماهير المغربية التي تعشق كرة القدم لحضور المباريات حتى عندما لا يلعب المنتخب المغربي".
يذكر أن الكاف أعلن أنه توصل بـ 5500 طلب اعتماد لتغطية العرس الأفريقي وهي المرة الأولى التي يتوصل فيها الاتحاد الأفريقي بهذا العدد في تاريخ البطولة، وأكثر من 2000 طلب للحصول على حق البث التلفزي.
التحضيرات الأمنية
في إطار الاستعدادات لإنجاح البطولة القارية، تم تأسيس مركز التعاون الشرطي الأفريقي، الذي يعنى بالقيادة والتنسيق وتبادل المعلومات المرتبطة بتأمين كبرى التظاهرات الرياضية.
مدير المركز، عبد الرفيع المناوري، أكد في كلمة بمناسبة افتتاحه أن إحداث هذه المؤسسة يأتي في سياق "رؤية متجددة للتعاون الأمني المتعدد الأطراف، تروم إشراك المؤسسات الأمنية الأفريقية في تأطير جمهور بلدانها المشاركة في كأس أفريقيا للأمم لكرة القدم 2025، التي ستحتضنها المملكة من 21 ديسمبر كانون الأول الجاري إلى 18 يناير كانون الثاني المقبل".
وأوضح أنه تم تعزيز هذا المركز بممثلين عن الأجهزة الأمنية في دولة قطر في إطار مشروع "ستاديا" بالتعاون مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الأنتربول"، فضلا عن مشاركين من إسبانيا والبرتغال اللتين تشتركان مع المغرب في احتضان كأس العالم لكرة القدم 2030.
كما يُناط بهذا المركز، حسب المناوري، تقديم الدعم اللازم للمؤسسات الوطنية المختصة في مجال اليقظة المعلوماتية عبر المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لرصد كل التهديدات السيبرانية المحتملة، بما في ذلك مخاطر الإرهاب والتطرف والاختراقات المعلوماتية لنظم المعلومات الوطنية.
وأشار مدير مركز التعاون الشرطي الأفريقي إلى أنه، بالإضافة إلى حماية المنشآت الرياضية، سيسهم المركز كذلك في تقديم الدعم الضروري لضمان التأمين الأمثل لكل المرافق التي تحتضن الجماهير، مضيفاً أن ذلك "سيتم بتعاون مع وحدة الجرائم السيبرانية التابعة للأنتربول، بما يضمن السرعة والنجاعة في التدخلات والوصول إلى المعلومات الثنائية والمقيدة بالسلامة المطلوبة".
وتزينت شوارع المدن المستضيفة للمباريات، بشاشات عرض ولافتات ضخمة على الواجهات والجسور ووسائل النقل، بالإضافة إلى تثبيت لوحات إشهارية تحمل شعارات البطولة، وصوراً رمزية تعكس الهوية الثقافية المغربية، إلى جانب رفع أعلام الدول المشاركة عند ملتقيات الطرق، قبيل انطلاق البطولة.
ويراهن المغرب على إنجاح التظاهرة الرياضية وإبراز قدراته التنظيمية باعتبارها محطة اختبار قبل استضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، وما يرافق ذلك من مشاريع كبرى في البنية التحتية والسياحة.

