«جيلكم غير جيلنا، وظروفكم غير ظروفنا!».. هذا ما قالته لى سيدة فى منتصف العمر، تشغل منصبا كبيرا فى إحدى المؤسسات الدولية. قلت لها: أتفق معك تماما، ولكنى لا أستطيع أن أحدد من منا على خطأ ومن منا على صواب. كل جيل له ناسه. يعيشون بالأسلوب الذى يتناسب معهم! قالت: أنا مثلا أعرف متى أقول نعم ومتى أقول لا. يسعدنى أن ألبى طلبات كل من حولى سواء أصحابى أو أهلى أو حتى معارفى، ولكنى لا يمكن أن أفعل شيئا على حساب نفسى أو أسبب لها أى إزعاج أو توتر!.

قلت: لا يمكن وضع قاعدة لهذه التعاملات، لأن الإنسان أحيانا يضطر أن يخرج عن طريقه أو يدوس على مصالحه الشخصية لأنه يرى أن الشخص يستحق منه هذه التضحية!

قالت: هذا هو الخلاف بيننا فى التفكير. فنحن جيل أكثر واقعية وأكثر وضوحا فى تعاملاتنا. يمكن أن نجامل ويمكن أن نقدم العون لمن يستحق ولكن بشرط ألا يكون ذلك على حساب أنفسنا أو يكون سببا فى خلق توتر وقلق نحن فى غنى عنه!.

قلت: أستطيع أن أتفهم أن حياتكم أصعب من حياتنا وأن مسؤولياتكم أكبر وأن ضغوط الحياة تثقل عليكم أكثر مما كانت تثقل علينا، ولكن يفوتكم شىء مهم جدا أن مساندة الآخرين ورعايتهم والاهتمام بهم هى متعة من متع الحياة، يستمتع بها من يقدمها، لأن السعادة التى يُدخلها على غيره ينال هو نصيبًا منها.

أما جفاف الحياة والانشغال بتحقيق المصالح الخاصة فقط، لا يمكن أن يسعد صاحبه، بل يجعله دائم التوتر والقلق على المستقبل.

ضحكت قائلة: هذه الرومانسية لم تعد تنفع فى هذا العصر. فنحن مشغولون بتوفير لقمة العيش لأسرنا. مشغولون بالتزاماتنا وواجباتنا. ليس لدينا الوقت لهذه المشاعر الرقيقةّ!.

حياتنا لا وقت فيها للمجاملة أو الكلمات «المتزوقة»! نحن نقول ما نريد ونرفض بوضوح ما لا يناسبنا. لا نلف أو ندور حفاظا على مشاعر الآخرين أو كى لا نسبب لهم ضيقًا. وهذا هو أسلوب تعاملنا مع بعضنا البعض، ولا أتصور أنه يضايقنا لأننا – كجيل- فنحن نفهم بعضنا البعض ونحدد أسلوب التعامل بيننا.

قلت: مناقشتنا لن تصل إلى نتيجة، لأننا نأتى من أجيال مختلفة. تفكيرنا مختلف ومشاعرنا أيضا.. ولكنى مازلت مصرة على أن الحياة المادية التى تعيشونها حرمتكم من متع كثيرة!.

صفية مصطفى أمين – المصري اليوم

اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.