اخبار الخليج / اخبار الإمارات

الإمارات وكوريا.. نموذج رائد للتعاون التقني

الإمارات وكوريا.. نموذج رائد للتعاون التقني

ابوظبي - سيف اليزيد - عبد الله أبو ضيف (أبوظبي، القاهرة)

تجسد الشراكة بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا نموذجاً متقدماً للدبلوماسية الاقتصادية الحديثة، والتي تجمع بين الطاقة والتقنية والابتكار، وهو ما يعزز الرؤية المشتركة والتحالف المتجدد الذي يجمعهما في العديد من المجالات.
وتأتي زيارة الرئيس الكوري إلى الإمارات في توقيت يشهد تحولات عالمية حادة في أسواق الطاقة والتكنولوجيا، لتؤكد الدولة حضورها الفاعل باعتبارها لاعباً رئيسياً في صياغة مستقبل الاقتصاد العالمي، وتعيد تسليط الضوء على نموذجها الفريد في بناء شراكات تقوم على الاستثمار في المعرفة والتقنيات النظيفة.
وتبرز الشراكة الإماراتية الكورية موقع الدولة المتنامي بوصفها قوة اقتصادية إقليمية مؤثرة في صياغة توجهات التعاون مع آسيا والمحيط الهادئ، إذ تمثل دول هذه المنطقة حالياً أكثر من 40% من حجم التبادل التجاري الإماراتي مع دول العالم.
أوضح خبراء ومحللون، تحدثوا لـ«الاتحاد»، أن العلاقات الإماراتية الكورية تعكس انتقال الإمارات من موقع المستثمر الذكي إلى الشريك الاستراتيجي، عبر توسيع مجالات التعاون الاقتصادي والتقني، خصوصاً في مجالات الطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف، والاقتصاد الرقمي، والتقنيات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي.

شراكة مهمة
قال أستاذ الاقتصاد والاستثمار، علي الإدريسي، إن الدبلوماسية الاقتصادية الإماراتية رسخت حضور الدولة في آسيا خلال العقد الأخير، حيث نجحت في بناء شبكة علاقات استثمارية وتجارية متينة مع كوريا وغيرها من الدول الآسيوية، مما جعلها مركزاً محورياً للتجارة والطاقة في الشرق الأوسط وآسيا.
 وأضاف الإدريسي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن كوريا تعد أحد أهم الشركاء الاستراتيجيين للإمارات في آسيا، خاصة في القطاعات المرتبطة بالتصنيع المتقدم والتقنية والطاقة النووية السلمية، مشيراً إلى أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) بين البلدين فتحت آفاقاً واسعة أمام الاستثمارات المتبادلة في مجالات الصناعات الدقيقة، والمعدات الطبية، والسيارات الكهربائية، إلى جانب الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر.
وأشار إلى أن هذه الشراكة تمثل امتداداً لنهج الإمارات في تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، وتعزيز مكانتها باعتبارها مركزاً دولياً للتجارة والاستثمار، مؤكداً أن الدولة لا تسعى فقط لتصدير رأس المال، بل لتصدير نموذجها الاقتصادي القائم على الكفاءة والانفتاح والابتكار.  ونوه الإدريسي بأن الاستثمارات الإماراتية في كوريا تسهم في نقل التكنولوجيا والخبرة الصناعية إلى المنطقة العربية، مما يخلق توازناً جديداً في العلاقات الاقتصادية بين الشرق الأوسط وآسيا.

نقلة نوعية
شهدت العلاقات الثنائية بين الإمارات وكوريا نقلة نوعية في يناير 2023 بإعلان تأسيس شراكة استراتيجية شاملة في مجال الطاقة، تعكس إدراك البلدين لأهمية التعاون في هذا القطاع الحيوي الداعم لمستقبل الاقتصاد العالمي.
وجاء هذا الإعلان ليؤكد التزام الجانبين بتعزيز التعاون في مجالات الطاقة التقليدية والطاقة النووية السلمية، في إطار رؤية مشتركة لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.
 وترتكز الشراكة الإماراتية الكورية على تطوير مشاريع كبرى في مجالات النفط والغاز، مع التركيز على نقل التكنولوجيا والخبرة الكورية المتقدمة إلى الإمارات، إلى جانب بناء منظومة طاقة متكاملة تعزز أمن الإمدادات وتنويع مصادر الطاقة.

تحول رقمي
من جانبه، قال استشاري التحول الرقمي، بلال الحفناوي، إن الشراكة الإماراتية الكورية تمثل نموذجاً متكاملاً في توظيف التقنية لخدمة الاقتصاد، إذ إن البلدين يمتلكان رؤية متقاربة في ما يتعلق بمستقبل الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي.
وأضاف الحفناوي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات من خلال استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031 تسعى إلى أن تكون مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي، وهو ما يتقاطع مع الخبرة الكورية المتقدمة في مجالات التصنيع الذكي، والروبوتات، والحوسبة المتقدمة.
وأشار إلى أن التعاون بين الجانبين في هذا المجال لا يقتصر على تبادل الخبرات، بل يمتد إلى مشاريع مشتركة في المدن الذكية، وإدارة الطاقة، وتحليل البيانات الصناعية، بما يسهم في بناء جيل جديد من الصناعات عالية التقنية في الإمارات والمنطقة. 

تعاون متقدم
تعمل الإمارات، من خلال وزارة الطاقة والبنية التحتية وشركاتها الوطنية الكبرى، على بناء شراكات قوية مع شركات كورية متخصصة في الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر؛ بهدف تحويل الدولة إلى مركز إقليمي لإنتاج وتصدير الوقود النظيف.  ويأتي ذلك ضمن استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050، التي تعد كوريا أحد أهم شركاء الدولة في تنفيذ الاستراتيجية على المستويين العملي والتقني.
  كما تعد محطة براكة للطاقة النووية أحد أبرز رموز التعاون الإماراتي الكوري، حيث نفذها ائتلاف بقيادة شركة «كيبكو» الكورية، لتصبح أول محطة نووية سلمية في العالم العربي.  وفي ضوء نجاح محطة براكة، اتجه البلدان نحو توسيع التعاون في مجالات أكثر تقدماً، منها تطوير المفاعلات الصغيرة المعيارية (SMRs)، والوقود النووي منخفض التخصيب، وتقنيات إدارة النفايات النووية. 

Advertisements

قد تقرأ أيضا