الرياص - اسماء السيد - نتناول في عرض الصحف مقالاً عن خطة "توني بلير" لإعادة بناء غزة من خلال سلطة دولية، ومقالاً آخر يتحدث عن تدمير إسرائيل جميع مظاهر الحياة في غزة بشكل ممنهج، وأخيراً، كيف تسيطر جوجل على المعلومات حول العالم؟
نبدأ جولتنا من الإندبندنت البريطانية التي نشرت مقالاً عن تفاصيل ما يُعرف باسم "خطة توني بلير" لإدارة غزة ما بعد الحرب.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "شجع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير على قيادة جهود إقليمية لدعم خطة إعادة بناء القطاع من خلال سلطة انتقالية".
ووفقاً لمصادر مطلعة على تفاصيل المقترح، فإن المبدأ الأساسي هو "غزة لأهل غزة"، مع رفض أي تهجير للسكان، بحسب المقال.
وأشارت الصحفية إلى أن وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن أن الخطة تركز على إنشاء هيئة انتقالية تُعرف باسم "السلطة الدولية الانتقالية لغزة" (GITA)، تُشكل بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي.
وتتكون الهيئة من مجلس إدارة يضم من سبعة إلى عشرة أعضاء بينهم فلسطيني واحد على الأقل، ومسؤول رفيع من الأمم المتحدة، وخبراء دوليين في الشؤون المالية، بالإضافة إلى "تمثيل قوي لأعضاء مسلمين".
وتقترح الخطة أن تتولى هذه الهيئة إدارة القطاع لفترة انتقالية قد تمتد حتى خمس سنوات، قبل أن تُسلّم السلطة تدريجياً إلى السلطة الفلسطينية.
وأشارت الصحيفة إلى أنها علمت أن هذا المقترح الجديد قد يلقى معارضة من أطراف معنية مثل حماس والأردن، حتى قبل إطلاعها رسمياً على المزيد من التفاصيل.
وتشمل الخطة أيضاً إنشاء وحدة لحماية حقوق الملكية، تهدف إلى ضمان أن "أي مغادرة طوعية لسكان غزة لا تؤثر على حقهم في العودة أو ملكيتهم للعقارات"، وفقاً لما جاء في وثائق مسربة.
كما تتضمن "تشكيل قوة دولية متعددة الجنسيات تحت تفويض دولي، مهمتها حماية الحدود، ومنع عودة الجماعات المسلحة، وتأمين العمليات الإنسانية، ودعم – دون أن تحل محل – أجهزة إنفاذ القانون في غزة".
وتفهم الصحيفة أن حركة حماس لن تكون جزءاً من أي حكومة انتقالية أو مستقبلية في غزة، وهو ما رفضه مسؤول في الحركة، صرح للإندبندت بأنه: "لا يحق لأي جهة تفكيك أي فصيل فلسطيني. الجهة التي يجب تفكيكها هي الاحتلال"، مضيفاً: "لن نسمح بفرض أي شيء على الفلسطينيين ضد إرادتهم".
من جهته، قال عمر عوض الله، نائب وزير الخارجية في السلطة الفلسطينية، للإندبندنت، إنهم لم يطّلعوا بعد على مسودة خطة بلير، لكنه أضاف: "نحن مستعدون للانخراط بحسن نية، لكن غزة جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، ولن نقبل بأي خطة تُعاملها كاستثمار عقاري أو مالي لشركات أجنبية دون وجود الفلسطينيين".
كما يواجه بلير معارضة من وزراء إسرائيليين متطرفين، بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي قال في مؤتمر بتل أبيب إنه يجري محادثات مع الولايات المتحدة بشأن تقسيم غزة، مضيفاً أن إسرائيل "دفعت الكثير" في الحرب وتحتاج إلى "نسبة من تسويق الأراضي".
في سياق متصل، أفادت تقارير بأن مصر في حالة تأهب قصوى، مع استمرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في توسيع عملياته العسكرية في مدينة غزة، وسط مخاوف لدى القوات المصرية من احتمال عبور الفلسطينيين إلى سيناء، وفقاً لما أوردته وسائل إعلام عربية.
كما قال مصدر حكومي أردني، إنهم لم يروا نسخة من الخطة بعد، لكن تهجير الفلسطينيين خط أحمر.
"إبادة بيئية" في غزة

ننتقل إلى صحيفة الغارديان البريطانية التي سلطت الضوء على ما يحدث في غزة على صعيد البيئة، إذ وصف كاتب المقال جورج مونبيوت ما يحدث في هذا الشأن بأنه "إبادة بيئية".
وقال مونبيوت إن هدف الحكومة الإسرائيلية في غزة خلق "شعب بلا أرض وأرض بلا شعب"، عبر وسيلتين أساسيتين: القتل الجماعي والتهجير القسري للفلسطينيين، وتحويل الأرض إلى بيئة غير قابلة للعيش "إلى جانب جريمة الإبادة الجماعية، تتكشف جريمة أخرى مروعة هي الإبادة البيئية"، بحسب وصف الكاتب.
وذكر أنه "قبل هجوم 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023، كانت غزة تزرع نحو 40 في المئة من أراضيها، وكادت أن تحقق الاكتفاء الذاتي من الخضروات والدواجن، وتلبي جزءاً كبيراً من احتياجات السكان من الزيتون والفواكه والحليب".
وأضاف: "لكن تقريراً للأمم المتحدة الشهر الماضي أفاد بأن 1.5 في المئة فقط من الأراضي الزراعية لا تزال متاحة وسليمة، أي ما يعادل نحو 200 هكتار فقط لإطعام أكثر من مليوني شخص".
ويعود ذلك جزئياً إلى التدمير الممنهج للأراضي الزراعية على يد الجيش الإسرائيلي، حيث تُقتلع البساتين، وتُحرث المحاصيل، وتُسحق التربة، وتُرش الحقول بالمواد الكيميائية، بحسب الكاتب.
وتبرر القوات الإسرائيلية هذه العمليات بالقول إن "حماس غالباً ما تعمل من داخل البساتين والحقول".
واستشهد الكاتب بما ذكره الباحث الحقوقي حمزة حموشنة إن إسرائيل، بدلاً من "جعل الصحراء تزهر"، تحول الأراضي الخصبة إلى صحراء.
وأشار المقال إلى أن الهجوم أدى أيضاً إلى انهيار منظومة معالجة مياه الصرف الصحي، ما تسبب في غمر الأراضي بالمياه الملوثة، وتسربها إلى المياه الجوفية والساحلية.
واستشهد الكاتب ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي أشار إلى أن كل متر مربع في غزة يحتوي على نحو 107 كغم من الركام الناتج عن القصف، والذي يختلط بالأسبستوس، والذخائر غير المنفجرة، وبقايا بشرية، ومواد سامة.
كا استشهد بتصريحات عالم البيئة الفلسطيني مازن قمصية الذي قال: "التدهور البيئي ليس عرضياً – إنه متعمد، وممتد، ويهدف إلى كسر الصمود البيئي للشعب الفلسطيني".
ويشير المقال إلى أن القوات المسلحة حول العالم تُنتج نحو 5.5 في المئة من الانبعاثات العالمية، لكنها معفاة من الإبلاغ الإجباري، ومعفاة أيضاً من المحاسبة على تدمير الغابات وغير ذلك من أضرار للبيئة بموجب اتفاق باريس للمناخ.
ويختم المقال بالإشارة إلى أن "محو الأنظمة البيئية ووسائل العيش يبدو أنه هدف استراتيجي للحكومة الإسرائيلية"، وأن ما يحدث في غزة يُوصف بأنه "هولوسايد" – أي تدمير شامل لكل مظاهر الحياة.
جوجل تعيش "عصرها الذهبي"

ننتقل إلى صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية التي وصفت شركة جوجل بأنها تعيش "عصرها الذهبي"، إذ تواجه عقوبات محدودة رغم إدانتها بإساءة استخدام احتكارها لسوق البحث، مما قد يمكنها من الهيمنة على المشهد المعلوماتي العالمي.
وفي ظل إدارة ترامب، التي تُتّهم بشن هجوم على حرية التعبير، واعتقال طلاب بسبب آرائهم، وملاحقة إعلاميين لعدم ولائهم، تزداد المخاوف من أن تُمارس ضغوط على جوجل لتوجيه نتائج البحث بما يخدم السلطة.
وسبق أن شهدت الولايات المتحدة أحداثاً تشير إلى أن هناك مؤسسات مرموقة تتخذ قرارات هامة لإرضاء إدارة ترامب، من بينها شبكة CBS الإخبارية التي أقالت كبار مسؤولي الأخبار بعد أن رُفعت ضدها دعوى بسبب مقابلة مع كامالا هاريس اعتبرها ترامب "تحريراً مضللاً".
جوجل، بصفتها البوابة الرئيسية للمعلومات في العالم، تملك القدرة على حجب أي محتوى تريده، وقد مارست ذلك بالفعل في تايلاند حيث تحجب الانتقادات الموجهة للملك، وفي فيتنام حيث تُزال الفيديوهات المعارضة للحكومة.
بل إن الشركة غيرت اسم "خليج المكسيك" إلى "خليج أمريكا" على خرائطها، وهو الاسم المفضل للرئيس ترامب.
في العام الماضي، أصدر القاضي أميت بي. ميهتا قراراً بأن جوجل تمارس "احتكاراً غير قانوني"، ملمحاً إلى إمكانية إجبارها على فصل متصفح "كروم" أو نظام "أندرويد".
وفي قرار مفاجئ هذا الشهر، رأى القاضي أن هذه الإجراءات غير ضرورية، وقبل حجة جوجل بأنها تواجه منافسة قوية من شركات بحث مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
واعترف القاضي في نص الحكم: "على عكس القضايا المعتادة التي تستند إلى وقائع تاريخية، يُطلب من المحكمة هنا التنبؤ بالمستقبل، وهذا ليس من اختصاصنا".
وشدد مقال نيويورك تايمز الأمريكية على أن "هناك حاجة لمحركات بحث بديلة تقدم تجارب مختلفة، مثل محرك متخصص في التسوق، أو آخر يبرز الأبحاث العلمية المحكمة".
لكن بسبب قرار المحكمة، من غير المرجح أن نرى هذا النوع من الابتكارات. وقد يحصل منافس أو اثنان مثل OpenAI وPerplexity على بعض البيانات، لكن ليس بما يكفي لتقديم نتائج بحث أفضل من جوجل.
وحال معارضتها أي من رغبات السلطات، قد تكون جوجل عرضة لضغوط حكومية، مثل فرض رسوم ضخمة على تأشيرات العمل، أو التحقيق في استخدام الملاذات الضريبية، أو التأثير البيئي لمراكز البيانات.
كما يمكن أن تُجبر على حذف نتائج بحث، أو قمع المعارضة السياسية، كما حدث مع الكوميدي جيمي كيميل الذي استُهدف مؤخرًا من قبل الإدارة.