ابوظبي - سيف اليزيد - طه حسيب (أبوظبي)
يصادف اليوم الذكرى السادسة والخمسين لصدور الخليج 365، ففي 20 أكتوبر 1969، صدر العدد الأول من الصحيفة لتواكب حلم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة الاتحاد. وقبل سنوات قليلة من تأسيس دولة الاتحاد، كانت «الاتحاد» الصحيفة، شاهدة على مساعي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم أبوظبي آنذاك، وجهوده المتواصلة لتدشين الدولة مع إخوانه حكام الإمارات من أجل تحقيق حلم زايد: قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة.
الاتحاد.. الوطن والصحيفة
أصدرت حكومة أبوظبي، ممثلة بدائرة الإعلام والسياحة، العدد الأول من صحيفة أسبوعية تحمل اسم «الاتحاد»، وفي يوم 20 أكتوبر 1969عنونت الصحيفة الوليدة أولى صفحات عددها الأول بعبارة: «مرحباً برواد الاتحاد».
«الاتحاد الصحيفة»، واكبت منذ الأيام الأولى لصدورها خطوات القائد المؤسس وطموحاته في دولة الاتحاد، في وطن تأسس على التعاون والحوار والمسؤولية المشتركة.. خطوات زايد في التأسيس والبناء، أكسبت «الاتحاد» الصحيفة مسؤولية كبرى تجاه المجتمع، مسؤولية تجعلها تنقل نبض الوطن، وتبث رسالة الأمل، وتعمل جاهدة، باعتبارها جسراً للتواصل بين القيادة الرشيدة والشعب. أصبحت «الاتحاد» منذ تدشينها، لسان حال الدولة، تنقل للعالم مواقفها، وترصد تطور مجتمعها بروح التفاؤل والأمل في مستقبل مشرق.
رسالة التوعية وأمانة الكلمة وطموح القيادة، محددات كبرى وضعتها «الاتحاد» الصحيفة؛ لترصد مسيرة «الاتحاد الوطن» الذي يتخذ كل يوم خطوات على طريق التنمية والرخاء والازدهار.
رمزية كبيرة تحملها «الاتحاد»، تتمثل في اسمها وما يعنيه من قيم التضامن والتعاون، وتلك قيم إنسانية خالدة لا غنى عنها لنهضة المجتمعات والأمم والشعوب والدول.
قصة البداية
بدأت «الاتحاد» بالصدور بشكل أسبوعي من 12 صفحة، ووصل حجم توزيعها إلى 5500 نسخة، كما أنها كانت توزع مجاناً للصمود في وجه الصحف المنافسة القادمة من بعض الأقطار العربية الأخرى.
ومع إعلان قيام دولة الإمارات في عام 1971، صدرت «الاتحاد» لأيام عدة متتالية، كما صدرت بشكل يومي لمدة أسبوعين في 6 أغسطس 1971، وذلك لمناسبة الذكرى الخامسة لتولي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مقاليد الحكم في أبوظبي.
واعتباراً من 22 أبريل 1972، بدأت «الاتحاد» بالصدور يومياً، وبدأت تنشر صفحات ملونة، وفي مرحلة لاحقة، بدأت تنشر ملاحق منها الملحق الرياضي، وملحق «دنيا الاتحاد» وهو عبارة عن مجلة يومية فنية ثقافية. ويسجل لجريدة الاتحاد استعمالها تقنية نقل المواد الصحافية بوساطة الأقمار الصناعية للمرة الأولى في البلدان العربية في عام 1981 عندما أنشأت مطبعة ثانية في دبي؛ لتطبع الجريدة في كل من أبوظبي ودبي في الوقت نفسه، وذلك للتغلب على مشاكل تأخر التوزيع في المناطق البعيدة عن المدن. واليوم، تستخدم «الاتحاد» تقنيات الطباعة المتطورة التي تضاهي بجودتها الصحف الأجنبية.
ويعتمد الصحافيون في عملهم على أحدث التقنيات في غرف الأخبار الذكية المزودة بالأجهزة الحديثة الخاصة بتقنيات التحرير والإعلام الرقمي، وتعتمد «الاتحاد» برنامج «نيوز برس» الخاص باستقبال المحتوى من مختلف المصادر، والتعامل مع المحتوى وفق آلية متطورة بداية من تحرير المحتوى، وصولاً لمرحلة الطباعة.
طفرة رقمية
«الاتحاد» من الصحف الأولى محلياً التي دخلت عالم «الإنترنت»، حيث دشنت موقعها على الشبكة يوم الجمعة في 15 مارس 1996.
و«الاتحاد» في طليعة الصحف العربية التي تتبنى أحدث التقنيات، فقبل أن تتحول إلى خدمات «الكيبل» في أواسط الثمانينيات، كانت أول صحيفة خليجية تستقبل الصور عن طريق الراديو (1978).
وواكبت الصحيفة كل ما يستجد في مجال الإعلام الرقمي، وأنشأت لها منصات على أهم وسائل التواصل الاجتماعي، تقدم من خلالها الأخبار العاجلة، إلى جانب محتوى متنوع، يلبي رغبات القراء والمتابعين من مختلف شرائح المجتمع.
وتحرص «الاتحاد» على مواكبة الطفرة التقنية، وترسيخ حضورها في المنصات الرقمية، لتعزيز رسالتها الإعلامية، وتوسيع نطاق انتشارها، أطلقت «الاتحاد» مشروعها الرقمي المتكامل عام 2020، ودشنت نسختين محدثتين من موقعها الإلكتروني، وتطبيق الهواتف الذكية، ومعهما خمس منصات جديدة متخصصة في الاقتصاد، والمنوعات، والرياضة، ومواد الرأي، وشهدت هذه المنصات نمواً ليصبح عددها الآن 24 منصة رقمية. وضمن هذا الإطار، أصبح حساب «الاتحاد» على منصة «تيك توك» الأكثر نمواً من بين المنصات الإخبارية في الدولة من حيث عدد المتابعين خلال عامي 2024 و2025.
رسالة واعية بأدوات متنوعة
نجحت «الاتحاد» في إرساء سياسة تحريرية معتدلة متزنة واعية، بوصلتها الأولى والأخيرة الوطن وأمنه واستقراره وحماية مكتسباته. وتعمل طوال مسيرتها الزاهية شريكاً فاعلاً في كل مسارات التنمية على أرض الإمارات. «الاتحاد» وثّقت بالكلمة والصورة محطات تاريخية فارقة في عمر الدولة، ورصدت بمصداقية كل مراحل البناء والتحديث التي أنجزتها الدولة.
دأبت «الاتحاد» على نقل رسالة الإمارات الداعية للتسامح والسلام، والمحفزة على التنمية المستدامة، نهج مستنير ينسجم مع وطن لا يعرف المستحيل، ولا ينتظر المستقبل، بل يبادر دوماً إلى صنعه. ريادة الإمارات التنموية في التقنيات المتقدمة والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، أضافت إلى «الاتحاد» مسؤولية التطوير المتواصل لرسالتها التوعوية ومسيرتها المهنية، بحيث تستطيع الوصول إلى جمهورها وجميع فئات مجتمعها، وتتواصل باحترافية مع الأجيال الجديدة عبر المنصات الرقمية ووسائل التواصل. رسالة ثابتة عمادها المصداقية والموضوعية والخدمة الإخبارية المتميزة القادرة على الوصول لجمهورها بأدوات متنوعة، تستثمر الطفرة التقنية، وتستطلع اتجاهات الجمهور، وتواكب اهتماماته.
شاهدة على إنجازات الوطن
«الاتحاد» ترصد إنجازات الوطن الكبرى، منذ لحظة تأسيس الدولة إلى إطلاق مسبار الأمل، وجهود الدولة في استكشاف الفضاء، واستضافة «إكسبو 2020 دبي» و«كوب28»، ومشاركة رواد الفضاء الإماراتيين في المحطة الفضائية الدولية.. إنجازات في الطاقة المتجددة والاستدامة وحماية البيئة، وعقد المؤتمرات العالمية الكبري، حضور فاعل في المنظمات الدولية، وغيره الكثير والكثير من نجاحات إماراتية غير مسبوقة في المجالات كافة، تبث رسالة الأمل، وتحفز الأجيال الصاعدة على التفوق.
نجحت «الاتحاد» في استقطاب كبار الكُتّاب وقادة الرأي، واستضافت عبر صفحاتها أهم المفكرين والفلاسفة العرب، من بينهم الراحل الدكتور حسن حنفي، والدكتور الطيب تزيني، والدكتور محمد عابد الجابري، ونجحت الصحيفة في التعاون مع صحف عالمية لتطوير المحتوى، من خلال تقارير متنوعة في مجالات الاقتصاد والعلوم المتقدمة، ومواد الرأي والتحليل السياسي.
صفحات الرأي وصناعة الوعي
في ذكرى صدورها، تعقد «الاتحاد» منذ عام 2006 منتدى سنوياً، تستقطب خلاله نخبة من المفكرين والباحثين والأكاديميين كي يسلطوا الضوء على قضية جوهرية موضع اهتمام محلي وإقليمي وعالمي. ويتواصل «منتدى الاتحاد السنوي»، مرسِّخاً المكانة المرموقة للصحيفة التي واكبت حلم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في دولة الاتحاد، وفي وطن يزدهر ويتألق برؤية إنسانية مكتنزة بروح التعايش والحوار والتعاون.
بمنطق الحوار وتبادل الأفكار وحشد الطاقات الفكرية لفهم كل ما هو جديد، يرسِّخ منتدى الاتحاد كل عام دوره التوعوي، عبر سجالات واعية، تحتفي بذكرى صدور الصحيفة، لتعرض مختلف الآراء، وتواكب كل ما هو جديد، ليصبح ظاهرة تثري الفكر الحضاري المنفتح والمتعايش مع ذاته ومع الآخرين، يبتكر الحلول، ويفكر عملياً في المستقبل.
وعلى مدى عقدين، يتواصل المنتدى مستثمراً مساهمات المفكرين وإبداعاتهم، حاشداً في كل نسخة نخبةً من قادة الرأي والباحثين وصُناع القرار لقراءة التحديات واستشراف الفرص، مُسلطّاً الضوء على قضية جوهرية تشغل اهتمام المنطقة والعالم.
قضايا متنوعة
على مدى تسع عشرة دورة سابقة، ناقش المنتدى قضايا محورية متنوعة، شملت المشروع النووي الإيراني، والثقافة العربية في عصر العولمة، ومستقبل الصحافة العربية، و«الدين والمجتمع في العالم العربي»، و«العرب ودول الجوار»، وتحديات «الربيع العربي»، و«المشهد العربي ومسارات التحول»، و«الدولة الوطنية»، و«الإرهاب من جديد» «والانقلاب الحوثي والرد الخليجي»، و«التعاون الخليجي في مكافحة الإرهاب»، و«العرب بعد 100 عام على سايكس بيكو»، و«صورة الإمارات في الإعلام» و«الأخوّة الإنسانية.. رسالة الإمارات لعالم متسامح»، و«الإمارات.. رسالة سلام»، و«التنمية الاقتصادية والازدهار الحضاري»، و«الإمارات.. واقتصاد المعرفة»، و«كوب 28.. رسالة الإمارات لإنقاذ الكوكب»، وصولاً إلى ريادة الإمارات في الذكاء الاصطناعي.
تواصل «الاتحاد» مسيرتها الإعلامية ملتزمة بالقواعد المهنية، وبقدرتها المتجددة على استيعاب التقنيات المتطورة، لتظل منصة وطنية للفكر المستنير الذي يعزز الولاء والانتماء للوطن، ويبث الأمل ويحفز طموحات أبناء الإمارات على مواكبة تطلعات القيادة الرشيدة ورؤاها التنموية ومبادراتها العالمية. كل عام و«الاتحاد» بخير وإبداع وتألق.