الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من لندن: في مقال تحليلي يرسم ملامح المستقبل، وصفت زاني مينتون بيدوز، رئيسة تحرير مجلة "ذي إيكونومست" البريطانية، عام 2025 بأنه "العام الذي انتهى فيه نظام قديم"، مؤكدة أن الرئيس دونالد ترامب "دمر معايير ومؤسسات عمرها عقود" بنفس الدراماتيكية التي أعاد بها تشكيل البيت الأبيض.
ووفقاً للكاتبة، فإن عام 2026 المقبل هو الذي ستتضح فيه "ملامح العالم الجديد" بشكل جلي، وذلك في ثلاث ساحات رئيسية.
عام 2025: تدمير النظام القديم
يستعرض المقال كيف قضى ترامب عام 2025 في تقويض النظام العالمي: فرضت تعريفاته الجمركية ضغوطاً هائلة على نظام التجارة المتعدد الأطراف، وتضررت آلة الدبلوماسية الدولية (من الأمم المتحدة إلى المساعدات الخارجية) بسبب التخفيضات الأميركية، وتحولت التحالفات الأمنية الراسخة إلى "علاقات معاملات تجارية" تستثمر ثقل أمريكا العسكري والاقتصادي.
داخلياً، أطلق ترامب العنان "لأوسع تأكيد للسلطة التنفيذية منذ قرن"، حيث أرسل الجنود إلى المدن التي يديرها الديمقراطيون، وأخضع الجامعات بتهديدات خفض التمويل، وهاجم استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، ونشر أجهزة الحكومة ضد خصومه.
نجاحات وإخفاقات "أسلوب آل سوبرانو"
تعترف "ذي إيكونومست" بأن قيادة ترامب "بأسلوب مسلسل آل سوبرانو" حققت نجاحات حقيقية، أبرزها وقف إطلاق النار في غزة، الذي "خلق إمكانية لبداية جديدة وأثبت صحة دبلوماسيته المثيرة للسخرية بأسلوب عقارات نيويورك". كما أن الضغط على حلفاء الناتو أدى إلى زيادات في ميزانيات الدفاع لم يكن أحد يتصورها.
لكن المقال يشير أيضاً إلى "إخفاقات واضحة". فاستراتيجياً، لم يكن لفرض تعريفات عقابية على الهند (لشرائها النفط الروسي) والبرازيل (لمحاكمة بولسونارو) أي معنى، بل سيدفع البلدين نحو الصين. كما لم يحرز ترامب تقدماً مع بوتين، وتفوق عليه شي جين بينغ، معتبراً أن "الصين كانت الفائز الواضح" من سياسات حافة الهاوية التجارية لعام 2025.
ورغم ذلك، لم يغرق الاقتصاد العالمي، وجاء متوسط التعريفات الأمريكية أقل من المتوقع (10%)، وتم تجنب حرب تجارية شاملة. بل إن خفض التنظيمات وحمى الذكاء الاصطناعي أديا إلى "ازدهار ملحوظ في سوق الأسهم".
2026: عام اتضاح الرؤية
بعد أن أصبح النظام القديم في حالة خراب، تقول بيدوز إن ملامح العالم الجديد ستتضح في 2026 في ثلاث ساحات:
مستقبل الديمقراطيات الغربية: ستحدد انتخابات التجديد النصفي الأمريكية في نوفمبر ما إذا كانت أمريكا في خطر "شبه استبدادي". فوز الديمقراطيين بالسيطرة على مجلس النواب سيضع حداً لترامب، لكن هذا ليس مضموناً. في أوروبا، سيظهر 2026 ما إذا كان الشعبويون على وشك السيطرة. في بريطانيا، ستكشف الانتخابات المحلية ما إذا كانت شعبية نايجل فاراج ستترجم إلى أصوات. وفي فرنسا، قد يؤدي انهيار حكومي متوقع إلى صعود جوردان بارديلا (اليمين الشعبوي) كرئيس للوزراء. وفي ألمانيا، سيتم اختبار "جدار الحماية" ضد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف.
الجغرافيا السياسية الترامبية: سيتحول نهج "المعاملات" الترامبي إلى "هجين غريب": صنع سلام انتهازي في الشرق الأوسط (سعياً لجائزة نوبل، ومنع حرب جديدة في غزة، ودفع نتنياهو لخروج سياسي آمن)، وتدخل عضلي في "الفناء الخلفي" لأمريكا (دعم ميلي في الأرجنتين وبوكيلي في السلفادور، ومحاولات "تغيير النظام" في فنزويلا). أما أوكرانيا، ففي مواجهة عناد بوتين، ستترك أمريكا مستقبلها لأوروبا (التي قد تفشل في تحمل المسؤولية). الإشارة الأخطر ستأتي من آسيا: رغبة ترامب في صفقة تجارية كبرى مع الصين قد تؤدي إلى "تآكل خطير لدعم تايوان"، حيث قد يحل "اللامبالاة المدروسة" محل "الغموض الاستراتيجي" الأمريكي.
الاقتصاد (هل انتهت الحفلة؟): لن تستمر أسعار الأسهم المرتفعة في دعم الثقة كما فعلت في 2025. تأثير الذكاء الاصطناعي لن يظهر بالسرعة المأمولة، وسيصبح ضرر التعريفات الجمركية والضغط على المستهلكين وعجز الميزانية الأمريكية "أكثر وضوحاً". كما سيُظهر اختيار ترامب لرئيس الاحتياطي الفيدرالي القادم ما إذا كانت "استقلالية البنك المركزي قد انتهت".
المفارقة
تختتم "ذي إيكونومست" بتحليل مفاجئ: "بشكل متناقض، قد يكون الاقتصاد الأضعف نتيجة جيدة". فالأسواق المتوترة والاقتصاد المتعثر قد يرفعان حظوظ الديمقراطيين في استعادة مجلس النواب، ويكبحان جماح "الثوريين" في البيت الأبيض عن تجاوزاتهم الدستورية، بل قد يدفعان ترامب نفسه إلى "مزيد من البراغماتية".
* أعدت "الخليج 365" التقرير نقلاً عن "ذي إيكونومست" البريطانية: الرابط
