اخبار الخليج / اخبار الإمارات

«الاتحاد» تروي قصة نشيد الوطن

«الاتحاد» تروي قصة نشيد الوطن

ابوظبي - سيف اليزيد - سامي عبد الرؤوف (أبوظبي) 

السلام الوطني لكل دولة، خاصة كلماته، هو تعبير عن هوية وتاريخ وحاضر الأوطان، يجسد حضارتها ويخلد ماضيها، يرسم للأجيال الحالية والقادمة طريق الفخر والواجب تجاه تراب الوطن ومكتسباته وإنجازاته. 
ولكل نشيد وطني قصة، يتناقلها الأجيال ويرويها الحاضر والمستقبل، وللنشيد الوطني لدولة الإمارات، قصة ملهمة، ورواية يخلدها الزمان، لاسيما أنه لدولة استطاعت خلال عقود معدودة، أن تبني معجزة حضارية، بأن صنعت حاضراً استثنائياً، ورسمت لمستقبل يجعلها بين أفضل دول العالم تقدماً وازدهاراً. 
«الاتحاد» تروي من جديد قصة تأليف النشيد الوطني لدولتنا الحبيبة، لتحاكي تفاصيل كتابته ومعاني مفرداته، وتعيد أبطال روايته إلى الوراء ليستذكروا أجمل وأعظم ما وهبهم الوطن من شرف تخليد أسمائهم ودورهم في التعبير عن الوطن، ونشيده وقيادته وشعبه. 
«الاتحاد» تستعيد هذه المعاني مع الشاعر الإماراتي الدكتور عارف الشيخ، الذي رغم سفره وارتباطاته، لبى كعادته نداء الحديث عن نشيد الوطن، الذي أكد أن كتابة كلمات النشيد الوطني لدولة الإمارات، هو أشرف مهمة كلف بها، وأعظم إنجاز حظي به، وأفضل ما ألف خلال مسيرته الشعرية الطويلة، وأنبل ما كتب في حياته، وأجمل ما خط قلمه، وأعز ما نطق به لسانه لوطنه.
ففي الثاني من ديسمبر من عام 1971، رفع علم دولة الإمارات العربية المتحدة، وعزفت لأول مرة موسيقى السلام الوطني في شهر فبراير من عام 1972، عندما كلف الموسيقار المصري، سعد عبد الوهاب بوضع موسيقى السلام الوطني، وظلت تعزف في المناسبات الرسمية وفي المدارس إلى عام 1986 الذي شهد تأليف كلمات نشيد السلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة. 
وفي حديثه لـ «الاتحاد»، يستحضر الدكتور عارف الشيخ، تفاصيل وقصة تأليف النشيد الوطني الإماراتي، مشيراً إلى أن معالي أحمد حميد الطاير، وزير الدولة والمكلف بإدارة وزارة التربية والتعليم بالإنابة، في ذلك الوقت، كان يمر على المدارس، فلاحظ أن الطلاب لا يتكلمون عند رفع العلم، ويكتفون بسماع المعزوفة الموسيقية للسلام الوطني، واقترح أن يكون هناك نشيد وطني يرافق المعزوفة. 
وقال الشيخ: «الوزير الطاير ناقش الأمر في مجلس الوزراء، وبعد فترة قليلة ناقش مع اللجنة العليا في وزارة التربية والتعليم أمر كتابة نشيد وطني للدولة، وطلب شاعراً لإنجاز هذه المهمة، فرشحوني لهذا الشرف الوطني الرفيع». 
وأضاف: «وبالفعل تسلمت رسالة رسمية مفادها تكليفي بهذه المهمة، على أن تكون كلمات النشيد الوطني متماشية مع لحن المعزوفة الموسيقية الموجودة، وكذلك أن يحدث ذلك خلال 3 أيام». 

ملهمات النشيد 
أخذ الدكتور الشيخ، خطاب التكليف وذهب إلى بيته وقرر ألا تكون كلمات هذا النشيد عادية، فهو نشيد الوطن يوحد معالم سيرته وعزته، فأراد أن يعطيه بعداً في العمر والزمن، ووضع في اعتباره العديد من المعاني الوطنية الملهمة مثل الاتحاد وقيام دولتنا المجيدة والدين واللغة والدستور، وأيضا تمجيد هذه الدولة وترسيخ قيمها في أذهان الجميع. 
وقال: وضعت في الاعتبار أن عملاً مثل هذا يحتاج إلى قسم وعهد، نعاهد فيه المولى عز وجل ورئيس دولتنا على العمل والإخلاص، رداً لجزء من الجميل الكبير لدولتنا التي وفرت لنا الحياة الكريمة والرغدة، وجعلت لنا علماً واحداً شامخاً نلتف حوله، بعد أن كانت هناك 7 أعلام. 
وفي الصباح من الساعة 10 صباحاً إلى الـ 5 إلا ربع مساء، جلس الدكتور الشيخ، يستمع إلى معزوفة السلام الوطني، وأخذ يستحضر المعاني التي حددها لهذا النشيد معتمداً على ما يراه من تقدم وازدهار وما يعيش فيه من خير. 
وتابع: «عند الخامسة إلا ربع مساء، بدأت لا شعورياً أتكلم بما جاشت به نفسي، وجال في خاطري من معان وأفكار، وأخذت أستلهم من المعاني التي دارت في ذهني، كلمات النشيد، وأخذت أرددها مع المعزوفة الموسيقية، فإذا بالكلمات معبرة عن الوطن والشعب». 
وفي اليوم التالي قُدم النشيد بصوته وكلماته، وكان ذلك على شريط كاسيت حينئذ، حيث سلمه إلى معالي وزير التربية والتعليم، وصادف ذلك انعقاد جلسة لمجلس الوزراء الموقر، في نفس اليوم، وبعد الظهر بشره الوزير الطاير وقتها باعتماد النشيد الوطني.

أعظم إنجاز 
وحول إحساسه وشعوره عند سماعه للنشيد الوطني لوطننا الحبيب يتردد في الداخل والخارج، وعلى منصات التتويج في المحافل الدولية، أجاب: «عند سماعي النشيد يردد، أشعر بشعور جميل إلى حد لا يوصف، هذا الشعور يكبر كل يوم بداخلي، كلما صدح نشيد الوطن، فالنشيد الوطني، هو أسمى ما قدمته لوطني ودولتي».  وأضاف: «من أجمل اللحظات، في حياتي، عندما أثنى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على النشيد الوطني في إحدى المرات، هذا الإحساس دائماً أستذكره، وأيضاً يفرحني أن نشيد «عيشي بلادي» أصبح مدوناً في ذاكرة الكبار والصغار، حتى الأجانب يرددونه بسهولة، لأن كلمات النشيد سهلة ومتجددة».  وأشار إلى أن سماعه كلمات «عيشي بلادي عاش اتحاد إماراتنا» على الألسنة بمثابة ميلاد جديد له، مؤكداً أنه كلما سمع النشيد يتردد يشعر بالفخر والاعتزاز. 

قراءة جديدة 
وفي قراءة لـ «الاتحاد» لظروف وتفاصيل تأليف النشيد الوطني لدولة الإمارات، يمكن استخلاص العديد من الجوانب والملامح المهمة. 
أهمها أن سرعة التأليف المتقن للنشيد الوطني، يجسد سرعة نمو وازدهار ذلك الوطن، الذي استطاع في فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز 54 عاماً، أن تكون في مصاف الدول المتقدمة عالمياً، وأن يكون في صدارة العالم في الكثير من مؤشرات التنافسية الدولية، وأن تحجز لنفسها مكانة مرموقة على مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والإنسانية. 
وقد أثبتت الإمارات أن تقدم الأمم ونهضة الشعوب لا تقاس بالسنوات وإنما بالقيادة الرشيدة، والرؤية الحكيمة، والإنجاز، والعطاء. 

شمولية
كما يتميز النشيد الوطني للإمارات، بالشمول، فهو يتكلم عن الأرض والقيادة الرشيدة والشعب والتاريخ والجغرافيا، ودور الشعب والمقيمين على هذه الأرض الطيبة، من العمل والإخلاص والاستمرارية في العطاء والولاء، باعتبارها قيم أصيلة ومعان راسخة قامت عليها الدولة والتزم بها شعبها، ووجب على المقيمين عليها الأخذ بها، فهم جزء من نسيج الوطن ولحمته ونجاحه وتقدمه، وعامل مهم في المحافظة عليه وبناء حاضره ومستقبله.

Advertisements

قد تقرأ أيضا