كتبت: ياسمين عمرو في الجمعة 26 سبتمبر 2025 01:03 مساءً - تُعتبر الأكزيما أو التهاب الجلد التأتبي من أكثر الأمراض الجلدية شيوعاً في مرحلة الطفولة، إذ تصيب ما يقارب 20% من الأطفال عالمياً. وعلى الرغم من أنها ليست مرضاً معدياً، إلا أنها تترك أثراً كبيراً على نوعية حياة الطفل وعائلته، حيث ترى د. سارة رزق، اختصاصية طب الأطفال، شكاوى آباء وأمهات بشكل متكرر وهم قلقون من الطفح الجلدي الذي لا يختفي بسهولة، ومن الحكة التي تمنع أطفالهم من النوم. لذا أرادت أن تشارك "الخليج 365 وطفلك" هذا المقال الذي يجمع بين الخبرة الطبية والممارسة اليومية، لنتعرف أكثر إلى الأكزيما عند الأطفال: أسبابها،أعراضها، طرق علاجها، وكيفية التعايش معها.
ما هي الأكزيما عند الأطفال؟

الأكزيما هي حالة التهابية مزمنة في الجلد، تتسم بجفاف شديد، حكة مستمرة وطفح جلدي متكرر. غالباً ما تبدأ في الأشهر الأولى من العمر، وتستمر بشكل متقطع حتى الطفولة المتأخرة، وقد تختفي عند بعض الأطفال مع التقدم في السن. لكن عند آخرين، تبقى مشكلة مزمنة تحتاج إلى عناية طويلة الأمد.
المهم أن نتذكر أن الأكزيما ليست مرضاً معدياً، فلا تنتقل من طفل لآخر، لكنها قد تلتهب إذا تعرض الجلد للخدش الشديد أو العدوى البكتيرية.
الأسباب: لماذا يُصاب الأطفال بالأكزيما؟
لا يوجد سبب واحد محدد للأكزيما، بل هي نتيجة تفاعل معقد بين الوراثة والبيئة والمناعة.
- الوراثة: الأطفال الذين لديهم أب أو أم مصاب بالأكزيما، الربو أو حساسية الأنف، يكونون أكثر عرضة للإصابة.
- المحفزات البيئية: الغبار، وبَر الحيوانات، المنظفات القوية، الأقمشة الصناعية أو الصوف، وحتى تغير الطقس (البرودة والجفاف) كلها قد تثير الأعراض.
- الحساسية الغذائية: عند بعض الأطفال فقط، تلعب الأطعمة دوراً مثل الحليب، البيض أو المكسرات للأطفال. لكن ليس من الصحيح أن نمنع جميع الأطعمة من دون تقييم طبي.
- المناعة: في الأكزيما، يستجيب الجهاز المناعي للجلد بشكل مفرط، فيطلق مواد التهابية تسبب الحكة والاحمرار.
أعراض وعلامات الأكزيما عند الأطفال

الأكزيما لا تظهر بنفس الشكل عند كل الأطفال، لكنها تتشارك في بعض السمات:
- الحكة: العرض الأكثر إزعاجاً، وغالباً تزداد ليلاً.
- الجفاف: حتى في المناطق التي لا يظهر فيها طفح.
- الطفح الجلدي: بقع حمراء أو بنية اللون، قد تكون متقشرة أو سميكة، وتظهر غالباً على الخدين، خلف الركبتين، عند المرفقين، اليدين والقدمين.
- التشقق والنزف: بسبب الحك المستمر.
- الالتهابات المتكررة عند الطفل: عندما يدخل ميكروب إلى الجلد المخدوش، يظهر صديد أو قشور صفراء
كيف يتم تشخيص الأكزيما عند الأطفال؟
عادةً لا نحتاج، كما تقول د. سارة، إلى تحاليل معقدة لتشخيص الأكزيما. إذ يكفي التاريخ المرضي والفحص السريري. نبحث عن النمط المعتاد للطفح (المناطق المصابة، الحكة المزمنة، تكرر النوبات). أحياناً قد نطلب فحوصاً إذا شككنا بوجود حساسية غذائية أو التهابات متكررة.
المضاعفات المحتملة للأكزيما عند الأطفال
إذا لم يتم التعامل مع الأكزيما بشكل جيد، قد تؤثر على:
- النوم: الحكة الليلية عند الطفل تمنعه من الراحة.
- المزاج والتحصيل الدراسي: الطفل المتعب لا يركز جيداً في المدرسة.
- الجلد: مع الزمن يصبح أكثر سماكة وتصبغاً.
- المناعة: تزداد فرص الإصابة بالربو أو حساسية الأنف لاحقاً.
كيف نُعالج الأكزيما عند الأطفال؟

العلاج ليس مجرد دواء يُعطى لفترة وينتهي الأمر، بل هو برنامج متكامل يشمل العناية اليومية بالطفل والدوائية، ويكون كالآتي:
الترطيب
وهو الركيزة الأساسية للعلاج، بحيث يجب استخدام مرطبات كثيفة وخالية من العطور عدة مرات يومياً، وخصوصاً بعد الاستحمام.
الاستحمام
مرة يومياً أو يوم بعد يوم، بماء فاتر، لا ساخن، وباستخدام صابون لطيف مخصص للبشرة الحساسة للطفل. وبعد الاستحمام، لا بد من تجفيف بالتربيت، ثم وضع المرطب فوراً.
العلاج الدوائي
- الكورتيزون الموضعي: العلاج الأول والأكثر فعالية. يُستخدم لفترة قصيرة بتركيز مناسب تحت إشراف الطبيب.
- مثبطات المناعة الموضعية: (مثل تاكروليموس وبيميكروليموس): بدائل آمنة خاصة لمناطق الوجه والثنيات.
- مضادات الهيستامين: تفيد في تخفيف الحكة خصوصاً أثناء الليل.
- المضادات الحيوية: عند حدوث عدوى ثانوية.
تجنب المحفزات
مثل ارتداء الملابس القطنية فقط، أو غسل الملابس بمساحيق خالية من الروائح، وتجنب التدخين المنزلي الذي يضر بالطفل.
كما أنه يجب الانتباه للطعام إن لاحظنا ارتباطه بالنوبات، لكن مع استشارة الطبيب قبل أي حمية غذائية.
علاج الحالات الشديدة للأكزيما عند الأطفال

بعض الأطفال قد يحتاجون إلى:
- العلاج الضوئي.
- أدوية جهازية مثبطة للمناعة.
- أو حتى العلاجات البيولوجية الحديثة مثل دوبيليوماب، التي أثبتت فعاليتها وأمانها للأطفال.
نصائح للأمهات اللواتي يصاب أطفالهن بالأكزيما
تقدم د. سارة رزق، اختصاصية طب الأطفال هذه النصائح لتجنب أكزيما الأطفال، أو لتخفيفها:
قصي أظافر طفلك بانتظام لتقليل الخدش.
دعيه يرتدي قفازات قطنية أثناء النوم إذا كانت الحكة شديدة.
استمري في الترطيب على جسم طفلك حتى في الفترات التي تختفي فيها الأعراض.
قومي بتسجيل يوميات: متى تزداد الحكة؟ هل هناك محفز معين؟ هذه الملاحظات تساعد الطبيب.
المفاهيم الخاطئة عن الأكزيما
كثيراً ما تسمع د. سارة في العيادة بعض المعتقدات المغلوطة:
- "الأكزيما معدية" → غير صحيح.
- "الكورتيزون خطير دائماً" غير صحيح، إذا استُخدم بالطريقة الصحيحة فهو آمن جداً.
- "إيقاف جميع الأطعمة سيعالج الأكزيما" غير صحيح، بل قد يسبب سوء تغذية للطفل.
- البعد النفسي والاجتماعي للإصابة بالأكزيما عند الأطفال
- الأكزيما ليست مجرد طفح جلدي، بل قد تؤثر على صورة الطفل عن نفسه، وتسبب حرجاً للطفل أمام أقرانه. كما تؤثر على نوم الأهل وإرهاقهم النفسي. لذا من المهم أن نُشرك المدرسة في خطة العناية، وأن نُطمئن الطفل بأن مرضه شائع ويمكن السيطرة عليه.
متى تجب مراجعة الطبيب فوراً؟
- عند ظهور إفرازات صفراء أو قشور سميكة.
- إذا ارتفعت الحرارة مع الطفح.
- إذا أصبحت الحكة تمنع النوم.
- إذا لم تتحسن الحالة رغم الترطيب والعناية.
*ملاحظة من «الخليج 365»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص
