التنين ذو العين الواحدة

نشأ الإقطاعي الشهير داتي ماساموني (1567-1636) خلال فترة مضطربة من الحرب المستمرة التي كان فيها أمراء الحرب البارزون يتصارعون من أجل السيادة على مقاليد الأمور في البلاد. وقد لد في قلعة يونيزاوا، معقل عشيرة داتي التي حكمت منطقة ˮديوا“ المترامية الأطراف فيما يعرف الآن بمحافظتي أكيتا وياماغاتا، وقد فقد ماساموني عينه اليمنى بسبب مرض الجدري الذي أصابه عندما كان طفلاً صغيراً، مما أكسبه عندما أصبح بالغًا لقب ˮدوكوغانريو“ (التنين الأعور). وبصفته قائدًا للعشيرة ومحنكًا لامعًا خبيرًا بالشؤون العسكرية، رسخ سمعته في ساحات المعارك محققًا العديد من الانتصارات العسكرية.

ففي معركة سيكيغاهارا الحاسمة في عام 1600، تحالف ماساموني مع قوات توكوغاوا المنتصرة وحصل لاحقًا على الأراضي التي أصبحت إقطاعية سينداي. وبعد عام واحد فقط من المعركة، بدأ ماساموني في بناء قلعة على جبل أؤبا والمدينة المحيطة بها والتي من شأنها أن تنمو لتصبح مدينة سينداي الحديثة، وهي اليوم أكبر مركز حضري في منطقة توهوكو. وفي الماضي، كانت ثروة الإقطاعية تحددها قدرتها على زراعة الأرز، والتي تقاس بوحدة الـ كوكو، وهي كمية تعادل حوالي 180 لترًا. وقد احتلت منطقة سينداي المرتبة الثالثة من حيث الثروة حيث بلغت 620,000 كوكو، خلف عشيرة مائيدا في إقطاعية كاغا (حاليًا محافظتي إيشيكاوا وتوياما) بكمية تقدر بمليون كوكو وعشيرة شيمازو من إقطاعية ساتسوما (محافظة كاغوشيما الحالية) بـ 730,000 كوكو.

تمثال لماسامونى داتي وعينيه مفتوحتين على مصراعيهما. حيث يقال أن القائد العسكري أمر في وصيته أن يتم تصويره دائمًا بهذه الطريقة.

وقد كان ماساموني رجلاً مثقفًا يتمتع بقدر عالي من الكياسة والذوق ويحب الاستمتاع بالطعام الجيد وشعر الـ واكا التقليدي. لدرجة أن ذوقه الراقي في الملابس وأسلوبه المتأنق أدى إلى ظهور مصطلح ˮداتي أوتوكو“ لوصف الرجل العصري ذو الذوق الرفيع. وقد اشتهر ماساموني برقعة على عينه ودرعه المطلي باللون الأسود، وقد برز بشكل بارز في العديد من الروايات والأفلام والأنمي وحتى ألعاب الفيديو. وفي عام 1987، جعلت هيئة الإذاعة الوطنية إن إتش كيه القائد العسكري محورًا لدراما التايغا التاريخية السنوية، حيث حصلت حلقات ˮماساموني دوكوغانريو“ (ماساموني التنين الأعور) على متوسط معدل مشاهدة قدره 39,7%، وهو أعلى معدل على الإطلاق في دراما الـ تايغا التاريخية طويلة الأمد.

وقبل أن ينضم تحت قيادة توكوغاوا إيياسو (1543–1616)، مؤسس حكومة توكوغاوا الشوغونية التي حكمت لفترة طويلة، كان ماساموني مواليًا لـ تويوتومي هيدييوشي (1537–1598). ولكن بعد أن أثار غضب هيدييوشي بتأخره في الانضمام إلى حصار أوداوارا عام 1590، قدم ماساموني نفسه أمام الحاكم المهيمن هيدييوشي مرتديًا ملابس بيضاء بالكامل، في إشارة إلى استعداده للموت أمام سيده. وقد كان لهذا الأداء الجريء سحره في تجاوز غضب هيدييوشي وأصبح جزءًا من أسطورة تاريخ عشيرة داتي. مثل هذه الملاحم جعلت من ماساموني شخصية محبوبة في ذاكرة الشعب الياباني على مر العصور وحتى يومنا هذا.

منظر بانورامي لمدينة سينداي من جبل أؤبا.

قلعة أؤبا: معقل عشيرة داتي

لقد سويت مدينة سينداي بالأرض في قصف الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى محو كل آثار مدينة القلعة السابقة التي تعود إلى حقبة إيدو. ومع ذلك، لا يزال هناك عدد من أطلال ماساموني وعشيرته داتي. وأبرزها موقع القلعة السابق. وغالبًا ما يُشار إلى المكان محليًا باسم قلعة أؤبا نسبةً إلى اسم التل المشجر الذي يبلغ ارتفاعه 130 مترًا حيث كانت القلعة تقع هناك ذات يوم. والموقع محمي جيدًا بحواجز طبيعية، حيث يقع نهر هيروسى في الشمال والشرق، ومضيق تاتسونوكوتشي في الجنوب، وغابة عميقة في الغرب. إلا أن ماساموني لم يقم ببناء حصن مركزي (تينشوكاكو)، المعروف عمومًا كرمز للسلطة، في إغفال متعمد لتجنب إثارة شكوك حكومة توكوغاوا الشوغونية.

وفي عصر ميجي (1868-1912)، قام الجيش الإمبراطوري الياباني بتفكيك المجمع الرئيسي (هونمارو) ودمرت النيران لاحقًا معظم الهياكل الأخرى للقلعة. وكانت الأقسام الوحيدة التي نجت هي بوابة ˮأوتيمون“ وبرج واكيياغورا، ولكن حتى تصنيفها على أنها كنوز وطنية لم يكن كافيًا لتجنيبها القصف المدمر في الحرب العالمية الثانية. ويتميز الموقع اليوم بجدار حجري ضخم يصل ارتفاعه إلى 17 مترًا في أعلى نقطة له، ونسخة طبق الأصل من برج واكيياغورا الذي تم بناؤه عام 1967. وقد تم تحويل مجمع القلعة الأعمق إلى حديقة أبرز معالمها تمثال ماساموني وهو يمتطي جواده ويطل على إقطاعيته. ويعد التمثال اليوم رمزًا مبدعًا لقوة ماساموني وطموحه.

مشهد لتمثال ماساموني تظلله شمس الغروب.

يمتد ممر متعرج بين برج واكيياغورا وموقع المجمع الداخلي.

والمكان الذي كان يوجد فيه المجمع الداخلي أصبح الآن يضم موقع معبد غوكوكو، المكرس لأرواح ضحايا الحرب في محافظة ميياغي، إضافة إلى متحف عن القلعة. ويبرز اللون القرمزي الزاهي للقاعة الرئيسية للمعبد بشكل جميل مع المساحات الخضراء المحيطة. وبجوار المعبد يوجد بناء الـ أوراياسوغو الملحق، وهو مخصص لروح ماساموني المقدسة.

ويضم متحف القلعة العديد من الوثائق والتحف المتعلقة بعشيرة داتي. ومن المعالم الجذابة بشكل خاص هي جولة الواقع الافتراضي الإرشادية في أراضي القلعة، لما يفترض ما كانت تظهر عليه القلعة منذ 400 عام تقريبًا. وتبلغ تكلفة جولة ”سينداي كاسيل في آر غو“ أو ”جولة الواقع الافتراضي لقلعة سينداي“ 500 ين للبالغين. وتتم الجولة بصحبة مرشد شخصي في أراضي القلعة مع توقفات في تسعة مواقع استراتيجية حيث يمكن للزوار النظر من خلال مناظير الواقع الافتراضي لمشاهدة بانورامية بزاوية 360 درجة للقلعة كما ظهرت في أوجها في ذلك الموقع المحدد. وتوفر مناظير الواقع الافتراضي تصويرًا واقعيًا لمشاهد مثل الأبواب المنزلقة الرائعة التي كانت تصطف في السابق على جانبي الغرفة الرئيسية للقلعة والأسلوب المعماري المذهل ”كاكي زوكوري“ الذي تم استخدامه في أجزاء من الهيكل.

يُعد معبد غوكوكو وجهة شهيرة لزوار المعابد في بداية العام الجديد.

وموقع المجمع الثاني للقلعة (نينومارو) هو الآن موقع حرم كاواؤتشي بجامعة توهوكو، والغابات الكثيفة التي كانت تحمي الجزء الخلفي من القلعة في السابق هي جزء من الحدائق النباتية لجامعة توهوكو. وقد كانت الغابة مغلقة في السابق أمام الجمهور - أولاً لأن الجيش الإمبراطوري الياباني كان يديرها بعد عصر نهضة ميجي عام 1868 وبعد ذلك عندما استولت عليها قوات الاحتلال بعد نهاية الحرب العالمية الثانية - وقد ساعد هذا الإغلاق في حماية الغابات بمدرجاتها الجميلة لأشجار التنوب بالإضافة إلى العديد من النباتات والحيوانات النادرة. واليوم، يتم الاعتناء بالحدائق النباتية بجامعة توهوكو بعناية للأغراض البحثية والتعليمية. وقد تم افتتاحها للجمهور في عام 1972 عندما تم إعلان جبل أؤبا بأكمله معلمًا تذكاريًا طبيعيًا وطنيًا.

تصطف أشجار التنوب على طول المسار في الحدائق النباتية بجامعة توهوكو.

متحف مدينة سينداي

يضم متحف مدينة سينداي، الذي يقع في موقع المجمع الثالث والأبعد للقلعة، مجموعة تضم حوالي 97,000 قطعة ذات أهمية تاريخية وثقافية وفنية. وقد تم التبرع بالعديد من القطع من قبل أحفاد عشيرة داتي. وكان ماساموني مهتمًا بشدة بالثقافات والتعرف على الأجانب، حتى أنه أرسل مبعوثه هاسيكورا تسونيناغا (حوالي 1570 - حوالي 1621) وآخرين إلى بعثة كيتشو الشهيرة التي غادرت اليابان إلى أوروبا في عام 1613. وتعتبر صورة هاسيكورا في مجموعة المتحف أقدم صورة زيتية معروفة لشخص ياباني وهي مسجلة في سجل ذاكرة العالم التابع لليونسكو. وتشمل العناصر البارزة الأخرى صورة الكنز الوطني للبابا بولس الخامس ووثيقة صادرة عن مجلس الشيوخ الروماني تمنح لقب ”النبيل الروماني والمواطنة الرومانية“ لـ هاسيكورا.

يتكون المعرض الدائم في المتحف من حوالي 1,000 قطعة. ويتم تغيير العناصر الأخرى موسميًا. (© متحف مدينة سينداي)

ومن الأمور التي تثير اهتمام عشاق ماساموني بشكل خاص درعه وخوذته القتالية المميزة، والتي يتم عرضها لفترات محدودة فقط. وتعتبر المجموعة الكاملة من الدرع الواقي للجسد المطلي باللون الأسود والمزين بحبال ذهبية والخوذة التي يعلوها الهلال الذهبي شعار ماساموني المميز (غينغيتسو) مشهدًا مثيرًا للإعجاب.

تم تصنيف الدرع المطلي باللون الأسود الذي كان يرتديه داتي ماساموني ضمن الممتلكات الثقافية الوطنية المهمة. (© متحف مدينة سينداي)

متحف مدينة سينداي

• العنوان: 26 كاواؤتشي، أؤبا-كو، سينداي
• الهاتف: 022-225-3074
• مواعيد العمل: من الساعة 9:00 صباحًا حتى 4:45 مساء (آخر ميعاد للدخول 4:15 مساء)
• الإجازات والعطل: أيام الاثنين (باستثناء أيام العطلات الوطنية أو العطلات البديلة)، واليوم التالي للعطلة أو العطلة البديلة (باستثناء عندما تقع العطلة مع عطلة نهاية الأسبوع أو عندما يكون اليوم التالي عطلة أيضًا)، ومن 28 ديسمبر/ كانون الأول إلى 4 يناير/ كانون الثاني.
• رسوم الدخول: 460 ين للبالغين وطلاب الجامعات، و230 ينًا لطلاب المدارس الثانوية، و110 ين لطلاب المدارس الإعدادية والابتدائية.
• المعلومات واللغات المتاحة: موقع باللغة الإنجليزية. كتيبات باللغات الإنجليزية والصينية (المبسطة والتقليدية) والكورية؛ لافتات المنشأة باللغة الإنجليزية والصينية المبسطة والكورية
• إمكانية الوصول: على بعد 8 دقائق سيرًا على الأقدام من محطة انترناشونيل سنترعلى خط مترو أنفاق توزاي.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية والترجمة من اللغة الإنكليزية. التقرير والمادة النصية من إعداد شوبريس. صورة الموضوع: تمثال داتي ماساموني وهو يمتطي جواده على أرض قلعة أؤبا. جميع الصور © هيئة سينداي للسياحة والمؤتمرات والدولية)