شكرا لقرائتكم خبر عن هل سيجذب اتفاق سلام في أوكرانيا أوروبا للعودة إلى الغاز الروسي؟ والان مع بالتفاصيل
دبي - بسام راشد - أخبار الفوركس اليوم بينما تسعى إدارة ترامب للتوسط في اتفاق سلام بين أوكرانيا وروسيا، يحاول المحللون والمتعاملون توقّع الكيفية التي قد يُغيّر بها أي اتفاق محتمل تدفّقات الطاقة في أوروبا.
وبالطبع، لا يزال التوصل إلى اتفاق سلام أمرًا غير مؤكد، إذ ما تزال العقبات والخلافات قائمة، كما أنّ روسيا لم تُبدِ موقفها من الخطة بعد. وسيزور مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف موسكو الأسبوع المقبل لمناقشة خطة السلام مع الكرملين، في وقت يبدو أن روسيا مترددة في قبول أي عرض لا يلبّي جميع مطالبها بالكامل.
وحتى إذا تم التوصل إلى اتفاق – وهو ليس السيناريو الأساسي لدى كثير من المتعاملين والمراقبين – فمن المستبعد أن يُغيّر ذلك تردّد أوروبا في العودة إلى الاعتماد على الطاقة الروسية الذي بذلت جهودًا كبيرة للتخلص منه. ويقول معظم المحللين إن وقف إطلاق نار نظيف لن يغيّر بشكل جوهري موقف أوروبا بعد عام 2022.
لقد كلّف التخلي عن الغاز الروسي عبر الأنابيب الأسر والأعمال الأوروبية الكثير، إذ ارتفعت فواتير الطاقة وتكاليف الصناعة بشكل حاد. وبعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء الأزمة الطاقية التي أثقلت كاهل مستويات المعيشة والتنافسية في أوروبا، لا يبدو أن احتمال تدفقات أسهل من روسيا يثير الكثير من الاهتمام لدى معظم دول الاتحاد الأوروبي.
لا عودة إلى الوراء
لم يُحظر الغاز الروسي في الاتحاد الأوروبي، ولن يتم ذلك لمدة عام آخر. ووفق الوضع الحالي، يهدف الاتحاد الأوروبي إلى وقف واردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا بحلول عام 2027.
ومن غير المرجّح أن يؤدي اتفاق سلام إلى عكس مسار أوروبا نحو إنهاء اعتمادها على الطاقة الروسية نهائيًا.
كما أن أوروبا لا تملك طريقة سهلة لاستئناف تدفقات الغاز الروسي عبر الأنابيب حتى لو تم التوصل إلى اتفاق سلام غدًا. فخط نورد ستريم دُمّر فعليًا، وخط "يامال–أوروبا" متوقف منذ أن أنهت بولندا عقده، كما أن اتفاق ترانزيت الغاز بين أوكرانيا وغازبروم ينتهي العام المقبل وسط غياب أي رغبة سياسية لتجديده. فالمنشآت والعقود والسياسة جميعها لا تهيئ لعودة سريعة.
وكتب المعلق في رويترز رون بوسو في عموده هذا الأسبوع: "حتى لو خُفّفت العقوبات على قطاع الطاقة الروسي، ستتردد الحكومات الأوروبية في إعادة احتضان موسكو كمورّد رئيسي بعد صدمة 2022."
والواقع أن معظم دول الاتحاد الأوروبي لم تتلق الغاز الروسي منذ ثلاث سنوات، وكثير منها لا يخطط للعودة للاعتماد على الإمدادات القادمة من الكرملين حتى لو تم التوصل إلى اتفاق سلام عادل لأوكرانيا.
فبعد ثلاث سنوات صعبة، خصوصًا خلال مواسم الشتاء، مع ارتفاع حاد في أسعار الغاز في أوروبا، بقيت أسعار الغاز هذا العام ضمن نطاق تداول ضيق، على الرغم من أن مواقع تخزين الغاز الأوروبية كانت تمتلئ بوتيرة أبطأ من السنوات السابقة قبل الشتاء. وتبلغ مستويات التخزين حاليًا أقل بنحو عشر نقاط مئوية مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ومتوسط السنوات الخمس. واعتبارًا من 25 نوفمبر، بلغت مستويات التخزين في الاتحاد الأوروبي حوالي 77%، وفق بيانات البنية التحتية للغاز الأوروبية.
ورغم انخفاض مستويات التخزين، يبدو أن السوق يعتقد أن أوروبا ستحظى بإمدادات كافية هذا الشتاء، بفضل صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية القياسية، والتي يتجه معظمها إلى أوروبا في الوقت الحالي.
وحتى لو عاد الغاز الروسي عبر الأنابيب بطريقة سحرية، فإن أوروبا أعادت بالفعل بناء منظومة الإمدادات لديها بشكل كامل حول الغاز الطبيعي المسال.
تدفقات قوية من الغاز الطبيعي المسال تخفف مخاوف الشتاء
صدّرت الولايات المتحدة 10.1 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال في أكتوبر، وفق بيانات من LSEG نقلتها رويترز، لتصبح أول دولة على الإطلاق تُصدّر أكثر من 10 ملايين طن متري في شهر واحد. وقد أدى بدء تشغيل مشروع Plaquemines التابع لشركة Venture Global وارتفاع إنتاج منشأة “كوربوس كريستي المرحلة 3” التابعة لـ Cheniere إلى زيادة الصادرات.
وقد توجه نحو 69% من صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية إلى أوروبا الشهر الماضي، بحسب بيانات LSEG.
ومن المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة تعزيز صادراتها من الغاز الطبيعي المسال في الأشهر والسنوات المقبلة.
إذ تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) أن تصدّر الولايات المتحدة 14.9 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز الطبيعي المسال هذا العام، بزيادة 25% عن 2024، وفق تقريرها الأخير لتوقعات الطاقة قصيرة الأجل. وقد ارتفعت وتيرة صادرات Plaquemines LNG في لويزيانا بشكل أسرع مما توقعت الإدارة، ما دفعها لرفع توقعاتها للصادرات في الربع الحالي بنسبة 3% مقارنة بتوقعات الشهر الماضي. وتتوقع الإدارة زيادة إضافية بنسبة 10% في صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية بحلول 2026.
وسوف يستمر تدفق إمدادات الغاز الطبيعي المسال طوال هذا العقد، إذ يستغل المطورون الظروف السوقية والتنظيمية المواتية للمضي في استثمارات جديدة.
كما ستزيد إمدادات قطر، ثاني أكبر مُصدّر للغاز الطبيعي المسال بعد الولايات المتحدة، إذ ترفع إنتاجها وقدرات التصدير ضمن أكبر توسعة للغاز المسال في تاريخها. وتعتزم قطر زيادة قدرتها التصديرية بنسبة ضخمة تبلغ 85% من المستويات الحالية بحلول 2030.
وهذه الموجة من الإمدادات تُعتبر أخبارًا جيدة لأوروبا، إذا مضى الاتحاد الأوروبي في تقليص كبير لتوجيهاته بشأن "العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية" (CSDDD)، والتي تضع عوائق إضافية أمام تدفقات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا وحتى عقوبات على الشركات. ويعمل الاتحاد الأوروبي على إعادة صياغة التشريع المقترح خوفًا من تأثيره المحتمل على أمن الإمدادات.
ومع بدء موسم التدفئة الشتوي وسط مخزونات أقل من المعتاد، لم تشهد أسعار الغاز في أوروبا ارتفاعات حادة كما في فصول الشتاء السابقة.
بل على العكس، تراجع السعر القياسي في مركز TTF في أمستردام هذا الأسبوع إلى ما دون مستوى 30 يورو لكل ميغاواط/ساعة، للمرة الأولى منذ عام ونصف، وسط تدفقات قوية من الغاز الطبيعي المسال ودرجات حرارة معتدلة ومحادثات حول إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وفي إشارة إلى استقرار أوضاع الإمدادات في فرنسا وأوروبا، ستقوم شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية بسحب وحدة التخزين وإعادة التغويز العائمة التابعة لها (FSRU) من ميناء لو هافر، والتي تم تثبيتها في 2022 كـ “شبكة أمان”. وقالت الشركة هذا الأسبوع إن المحطة العائمة لم تعد ضرورية.
ومن الإشارات الأخرى على وفرة الإمدادات أن مديري المحافظ الاستثمارية أصبحوا يتجهون بشكل متزايد نحو الرهانات الهبوطية على الغاز الأوروبي.
فقد أظهرت أحدث بيانات التموضع أن المضاربين انتقلوا من مراكز صافية طويلة إلى مراكز صافية قصيرة على عقود TTF الآجلة لأول مرة منذ مارس 2024، وفق بنك ING.
وقال محللا ING وارن باترسون وإيفا مانثي يوم الخميس: "مرة أخرى، جاء التحول مدفوعًا بمراكز بيع جديدة، ما رفع إجمالي المراكز القصيرة إلى مستوى قياسي آخر."
وأضافا: "هذه المراكز القصيرة الكبيرة تنطوي على مخاطر كبيرة في حال ظهرت مفاجآت في الإمدادات أو الطلب خلال الشتاء."
