كتبت: ياسمين عمرو في السبت 1 نوفمبر 2025 06:58 صباحاً - مع إشراقة كل صباح تبدأ ملايين من النساء الأمهات حول العالم يومهنّ؛ بين تجهيز الأطفال للمدرسة، وتحضير الإفطار و-اللانش بوكس-، بجانب التفكير في المهام المهنية التي تنتظرهنّ، وكأنهن في سباق لا ينتهي. واليوم ومع تغيّر أنماط الحياة والعمل؛ لم تعد الأم العاملة تخرج إلى المكتب فقط، بل أصبحت أيضاً تقوم -أحياناً - بعمل ثانٍ من منزلها، ولكن يظل السؤال الذي يرافق كل أم عاملة وهو: كيف تنظمينوقتك بين العمل والأمومة؟ ومن دون أن تفقدي ذاتك في دوامة الوقت، يجيب على السؤال الدكتور محسن الشرقاوي أستاذ علم الاجتماع، ومعه نتعرف إلى حال الأمهات العاملات، والتحديات التي يقابلنها، مع توضيح لطرق التنظيم والتوفيق.
واقع جديد للأم العاملة
أم عاملة بين العناية بطفلها وأوراق عملها
الأمومة والعمل أصبحا واقعاً واحداً تعيشه المرأة يومياً، والتقدم التكنولوجي وانتشار العمل عن بُعد فتحا آفاقاً جديدة، ما سمح ببقاء النساء قريباً من أطفالهنّ مع الاستمرار في مسيرتهن المهنية، ورغم هذا فإن هذا التحول لم يوقف التحديات. تتراوح نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة بالبلاد العربية بين 18،4% و20% في المتوسط، بينما ترتفع هذه النسبة بشكل كبير بين دول مجلس التعاون الخليجي إلى حوالي 39،3% وفقاً لإحصائيات عام 2023. تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن نحو 60% من الأمهات اللواتي لديهن أطفال من دون سن الخامسة- تحديداً- يجدن صعوبة حقيقية في التوفيق بين العمل والواجبات العائلية، وهذه النسبة تعكس حجم الضغط النفسي والزمني الذي تتحمله المرأة، خاصة في غياب نظم دعم فعّالة لهن. ورغم أن العمل من المنزل- أون لاين- أو بدوام جزئي قد يبدو حلاً مثالياً في البداية، إلا أن كثيرات يكتشفن أن المكتب المنزلي يتحول بسهولة إلى مطبخٍ ثانٍ وأوقات لمشاركة لهو الأطفال، ما يؤثر على المواعيد النهائية للتقارير، كما تمتد الاجتماعات الافتراضية إلى ساعات الليل الهادئة الحدود تذوب لغير صالحهن بين الحياة المهنية والأمومة.
تحديات تقابلها الأم العاملة
أم عاملة سعيدة تعمل من المنزل
التحدي الأول: إدارة الوقت أكبر تحدٍ تواجهه الأمهات العاملات هو كيفية إدارة الوقت، فساعات اليوم تبدو غير كافية لتغطية احتياجات العمل، ورعاية الأطفال، والاهتمام بالنفس، والعلاقات الاجتماعية. كثير من النساء يشعرن بأنهن في سباق دائم مع الوقت، وأن أي تأخير في مهمة واحدة ينعكس على بقية اليوم، من هنا تظهر أهمية الإحساس بالتحكم في الوقت. التحدي الثاني: تعدد المسؤوليات وما يتبعها من إرهاق تتعدد الأدوار التي تؤديها الأم العاملة: ما بين كونها موظفة، وتبعات الأمومة من مربية، وطباخة، ومستشارة أسرية، وأحياناً معلمة لأطفالها، يؤدي غالباً إلى إرهاق نفسي وبدني، خاصة مع عدم توفر دعم كافٍ. ومن هنا ينشأ مفهوم "الإحساس بالذنب" الشائع بين الأمهات العاملات، إلا أن التركيز هنا يجب أن يكون على الراحة النفسية والتوازن الداخلي بدلاً من جلد الذات. التحدي الثالث: العمل من المنزل رغم أنه منح النساء فرصة ذهبية للبقاء مع أطفالهن، إلا أنه يعد راحة غير حقيقية! فقد خلق تحديات جديدة؛ كغياب الحدود بين العمل والحياة الشخصية، مما جعل كثيراً من الأمهات يشعرن أنهن يعملن طوال الوقت من دون راحة حقيقية. البعض ينجحن في وضع نظام واضح مثل تحديد مكان مخصص للعمل، أو الالتزام بساعات محددة، بينما تجد أخريات صعوبة في الفصل بين الأدوار، ما يعرف باسم "فقدان الحدود الزمنية"، ما تؤدي إلى حالة من الإجهاد المزمن. التحدي الرابع: غياب الدعم على الرغم من أن المرأة أصبحت ركيزة أساسية في سوق العمل، فإن دعم الأمهات لا يزال محدوداً؛ الإجازات قصيرة، ومربيات الأطفال مكلفة، والعمل بنصف دوام ما زال استثناءً، ما يجعل مهمة التوازن شبه مستحيلة أحياناً.
حلول للموازنة بين العمل والأمومة
أم عاملة تعمل بالمنزل بجانب ابنتها
تنظيم الوقت بذكاء
المشكلة الخليج 365 الأم العاملة ليس في عدد الساعات بل في كيفية استثمارها؛ فمن المفيد - مثلاً- تحديد ثلاث أولويات رئيسية يومياً بدلاً من محاولة إنجاز كل شيء في نفس اليوم. استخدام أدوات التخطيط الرقمية أو الورقية يساعد على رؤية الصورة الكاملة وتجنب الفوضى، كما يمكن تخصيص فترات مركزة من العمل تليها فترات راحة قصيرة.
العمل الجزئي خيار ذكي
تشير الدراسات الحديثة إلى أن توفير خيارات مثل العمل بدوام جزئي أو نظام الساعات المرنة يمكن أن يزيد مشاركة النساء في سوق العمل بنسبة تصل إلى 20%. المرأة التي تعمل ثلاثة أو أربعة أيام أسبوعياً، أو بساعات محددة، قادرة غالباً على الحفاظ على إنتاجيتها من دون التضحية بحياتها الأسرية، هذه النماذج تدرك قيمة "العمل الذكي" على حساب "العمل الطويل".
بناء شبكة دعم متكاملة
لا يمكن لأي أم أن تؤدي جميع الأدوار وحدها، لذلك، فإن وجود شبكة دعم من الزوج أو العائلة أو حتى الصديقات يُعدّ عنصراً أساسياً في النجاح.
الالتزام بثقافة العمل الإنساني
بمعنى أن المجتمع الحديث يحتاج إلى ثقافة عمل أكثر مرونة وانسانية، كالمؤسسات التي تمنح موظفاتها ساعات عمل مرنة، أو إمكانية العمل من المنزل جزئياً، ما يسهم في بناء بيئة أكثر إنتاجاً واستقراراً. كما أن تشجيع الآباء على المشاركة في الرعاية المنزلية، وقيام الأهل والصديقات بتقديم المساعدة تعد خطوة ضرورية لتحقيق العدالة داخل الأسرة.
العناية بالنفس.. أولوية
أم عاملة تعتني بنفسها
غالباً ما تنسى المرأة نفسها في خضم الانشغال بأطفالها وعملها، لكن الحقيقة أن العناية بالنفس ليست رفاهية بل ضرورة: تخصيص وقت للراحة أو لممارسة الرياضة أو هواية محببة يعيد شحن الطاقة النفسية والجسدية، ويمنح الأم القدرة على الاستمرار. إدراك أن "الكمال غير ممكن" يخفف الضغوط الداخلية ويمنح مساحة للأم العاملة للراحة والتنفس والعمل بهدوء. التوفيقبين العمل والمنزل بوضع جدول زمني واضح، يضم تحديداً واضحاً فاصلاً للأولويات، والاستعانة بالمساعدة عند الحاجة. تخصيص وقت للراحة والعناية بالذات، وتجنب الشعور بالذنب أو السعي للمثالية. الاستيقاظ المبكر وتخصيص بعض الوقت في الصباح الباكر لإنجاز بعض المهام المنزلية من دون إزعاج. توزيع المهام الكبيرة على مدار الأسبوع لتجنب تراكمها، مع الاستعانة بالمساعدة. تابع :طرق للعناية بالنفس
زوج يدعم زوجته
وضع حدود واضحة بين مهام العمل وعالم أمومتك بالمنزل، فلا تحاولي أخذ العمل إلى المنزل أو التحقق من رسائل البريد الإلكتروني في العطلة. اطلبي المساعدة ولا تترددي في طلبها من زوجك أو من أفراد العائلة، أو الاستعانة بالخدمات الحديثة لتوفير الوقت. خصصي وقتاً لنفسك ووقتاً للراحة، التأمل، أو ممارسة الهوايات لتهدئة عقلك واستعادة نشاطك. احصلي على قسط كافٍ من الراحة؛ بالنوم المنتظم والتغذية المتوازنة، ما يساعد على زيادة طاقتك وتركيزك. اهتمي بنفسك وخصصي وقتاً للعناية الشخصية والاهتمام بمظهرك، فهذا يعزز ثقتك بنفسك. تواصلي بفاعلية وبشكل إيجابي مع عائلتك وزملائك لتقليل التوتر وخلق بيئة داعمة. *ملاحظة من "الخليج 365": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.