انت الان تتابع خبر في عصر حصر السلاح.. أسلحة المنازل تفوز بالمطاولة والان مع التفاصيل
بغداد - ياسين صفوان - مر اكثرِ من عامين على بدءِ وزارةِ الداخليةِ والسلطاتِ الأمنيةِ المعنيةِ بتطبيقِ جزءٍ من برنامجِ حصرِ السلاحِ بيدِ الدولة، والمتمثلِِ بفتح استمارةٍ لتسجيلِ الأسلحةِ داخل المنازل، فعند الحديثِ عن قصةِ "حصرِ السلاح" كانت الاذهانُ بالغالبِ تذهبُ الى الفصائلِ المسلحةِ التي باتت تمتلكُ أسلحة ً تصلُ الى الطائراتِ المسيرةِ والصواريخ، غير ان السلطاتِ عموما تركزُ على "سلاحِ العشائرِ والسلاحِ بيدِ المواطنين"، خصوصا وان هذا النوعَ من السلاحِ لا يتمتعُ بـ"ضبطِ النار" ولا تمسكُه قيادةٌ، ويطالُ المدنيين بشكلٍ عشوائيٍ عند كلِ شجارٍ او خلافاتٍ عشائريةٍ او حتى الخلافاتِ داخل المنزلِ الواحد.
رأيان متضاربان.. تسجيل الاسلحة سيجعلها "معرّفة" ولكن سيجعلها "شرعية"
وبالرغمِ من التحفظِ الشعبي والاوساطِ المهتمةِ بمراقبةِ الشأنِ الأمني والسياسي على اقتصارِ تركيزِ وتعريفِ السلطاتِ الأمنيةِ لمبدأ حصرِ السلاحِ بأنه يتعلقُ بالسلاحِِ الذي بيدِ المواطنين وليست التنظيماتِ المسلحة، لكن مع ذلك كان ينظرُ للخطوةِ بنظرتين مختلفتين، الأولى رحبت بالخطوةِ باعتبارِها ستحصرُ معلوماتِ السلاحِ بالرغمِ من انها لا تنتزعُه، لكن على الأقل ستكونُ جميعُ الأسلحةِ مسجلةً ومعرفةً ويمكنُ تتبعُها من قبلِ السلطاتِ الأمنيةِ، اما الرأيُ الاخرُ فكان يرى ان فلسفةَ تسجيلِ الأسلحةِ والسماحِ لكلِ عائلةٍ بامتلاكِ سلاحٍ واحدٍ يصلُ الى الكلاشنكوف، فهو بمثابةِ شرعنةِ امتلاكِ السلاحِ والسماحِ بتوسعِه، فحتى العوائلُ التي لا تمتلكُ الأسلحةَ في السابق، ستقومُ بامتلاكِ الأسلحةِ بسببِ شرعنتِها وتحولهِا الى خيارٍ قانوني، وهو ما سيجعلُ الأسلحةَ بيدِ المزيدِ من المواطنين الذين قد يستخدمونه في لحظةِ غضبٍ ولا يفكرون فيما لو كان السلاحُ مسجلا ام لا حينَها.
الدولة تتراجع خطوة.. تمديد فترة التسجيل لعام إضافي وتأجيل موعد المصادرة
وعلى الرغمِ من الاجراءِ الذي نظرت اليه السلطاتُ بانه وسيلةٌ من وسائلِ تنظيمِ السلاح، لكن بعد مرورِ عامين من اطلاقِ استمارةِ تسجيلِ أسلحةِ المنازلِ منذ كانونِ الثاني الفين واربعةٍ وعشرين ، كان من المفترضِ ان تكونَ نهايةُ العامِ الحالي موعدَ مصادرةِ الأسلحةِ غيرِ المسجلةِ، وطوال العامين الماضيين كانت وزارةُ الداخلية تتوعدُ وتمهلُ المواطنين فرصة ً أخيرةً لتسجيلِ الأسلحةِ قبل الشروعِ بمصادرتِها مع نهايةِ العامِ الحالي، الا انه مع اقترابِ موعدِ المصادرةِ أعلنت وزارةُ الداخلية تمديدَ فترةِ تسجيلِ الأسلحةِ وتأجيلَ مصادرتِها لعامٍ إضافيٍ كاملٍ، وحتى نهايةِ عامِ 2026.
اقبال بطيء.. تسجيل 250 الف سلاح في عامين من اصل 8 ملايين قطعة
طوال العامين الماضيين، لم تُقدمْ سوى مئتين وخمسين الفَ عائلةٍ على تسجيلِ أسلحتِها بواقعِِ مئتين وخمسين الفَ قطعةٍ من السلاحِ على اعتبار ان لكلِ منزلٍ يسمحُ له بامتلاكِ سلاحٍ واحدٍ، في الوقتِ الذي تشيرُ التقديراتُ الى ان عددَ الأسلحةِ في يدِ المدنيين بالعراقِ يتراوحُ بين ثمانيةِ الى عشرةِ ملايينِ قطعةِ سلاح، فضلا عن وجودِ نحوِ ثمانيةِ ملايينِ منزلٍ بالعراق، وبينما احصت وسجلت الداخلية ُ مئتين وخمسين الفَ قطعةٍ في عامين، واذا استمر معدلُ التسجيل كما هو، فهذا يعني ان الدولةَ العراقيةَ ستحتاجُ لاكثرَ من ستين عاما لتسجيلِ جميعِ الأسلحةِ البالغةِ اكثرَ من ثمانيةِ ملايين ٍ بيدِ المدنيين.
حزم ضعيف.. الدولة "تسايس" السلاح المنفرد فكيف بسلاح الجماعات؟
كما ان اقدامَ الداخليةِ على تمديدِ فترةِ تسجيلِ الأسلحة، وتأجيلَ بدءِ حملةِ المصادرةِ، يكشفُ عن ضعفٍ نسبيٍ في تطبيقِ الوعيدِ الأمني بحقِ المخالفين، واستمرارُ التمديدِ يؤدي الى ضعفِ التعاملِ بجديةٍ مع التحذيراتِ الأمنية، ويقللُ من صورةِ الحزمِ الأمني للدولةِ بنفوسِ المواطنين، مما يدفعُهم لعدمِ التفاعلِ مع دعواتِ تسجيلِ الأسلحةِ او إمكانيةِ حصرِ السلاح، وهذا ومن المفترضِ أنه ابسطُ أنواعِ الأسلحة، مما يفتحُ بابَ التساؤلاتِ عن كيفيةِ تعاملِ السلطاتِ اذن مع الأسلحةِ المنظمةِ في تنظيماتٍ وفصائلَ وأحزابٍ قوية، في الوقتِ الذي من المفترضِ ان الدولةَ والإرادةَ السياسيةَ والحكومةَ المقبلةَ تتجهُ نحو حصرِ السلاحِ بيدِ الدولةِ واحتكارِ القوةِ تماشيا مع متطلباتِ ومتغيراتِ الشرقِ الأوسط والمتطلباتِ الدولية.
