الرياص - اسماء السيد - في جولتنا اليوم بين الصحف نستعرض كيف يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المستفيد الوحيد من استمرار الهدنة في غزة؟ وكيف يمكن للأسلحة بعيدة المدى أن تحسم الصراع بين روسيا وأوكرانيا؟ وأخيراً: كيف صمدت اتفاقية باريس للمناخ في وجه ترامب؟
ونستهل جولتنا من صحيفة ميرور البريطانية ومقال بعنوان "وحده نتنياهو المستفيد من استمرار الهدنة في غزة بعد مقتل 100"، بقلم كريس هيوز - محرر شؤون الدفاع والأمن.
ورصد الكاتب إعلان الجيش الإسرائيلي استمرار الهدنة في غزة غداة قصف مكثّف للقطاع راح ضحيته 104 قتلى نصفُهم تقريباً من الأطفال. ولفت هيوز إلى أن هذه "المذبحة" جاءت رداً على مقتل جندي إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية في أثناء تبادل لإطلاق النار في رفح جنوبي القطاع.
وعلّق الكاتب قائلاً: "بهذا القدر من الهشاشة تبدو الهُدنة في هذا الجزء من العالم .. ليست حرباً شاملة ولكنها كافية لقتل أكثر من 100 إنسان، ومع ذلك فإن هذا لا يكفي لإعلان انهيار الهدنة"!
وذهب صاحب المقال إلى أن حركة حماس ربما أرادت الوقيعة بين إسرائيل والولايات المتحدة، ولكنْها أفسدت ذلك بقتْلها الجندي الذي يحمل الجنسية الأمريكية إلى جانب جنسيته الإسرائيلية.
وعزا هيوز إلى هذا السبب نفسه مدافعة ترامب عن هذه الهجمات الإسرائيلية.
ورأى الكاتب أن نتنياهو بذلك أثبت أنّ باستطاعته أنْ يقتل أكثر من 100 فلسطيني رداً على خروقات مزعومة للهدنة، وأنْ يصرّح بعد ذلك بأن الهدنة ما زالت قائمة.
ورأى صاحب المقال أن نتنياهو يعتقد بذلك أنه يمتلك السيطرة الكاملة على ما يُدعى سلاماً في غزة وأنّ في مقدوره إطلاق العنان للقتل والدمار لدى أوّل بادرة تشير إلى أن حماس تخرق الهدنة.
واعتبر الكاتب أن نتنياهو بذلك "يحرّك حماس كقطَع الشطرنج لمصلحته بشكل بارع" فإسرائيل تحتفظ مجدداً بالحق في استخدام العنف في غزة رداً على أيّ تصعيد في القطاع.
ومرة أخرى يدفع كثير من الفلسطينيين الثمن الأفدح ولا شك أنهم سيواصلون تكبُّد هذا الثمن.
ولا يزال السؤال قائماً – ما هو حجم الردّ الإسرائيلي الكافي لانهيار الهدنة؟ وما هو حجم ردّ الفعل الذي سيراه ترامب غير متناسب؟
كيف يمكن للأسلحة بعيدة المدى أن تحسم الصراع بين روسيا وأوكرانيا؟
ننتقل إلى صحيفة التلغراف، حيث نطالع مقالاً بعنوان "حرب الصواريخ الروسية-الأوكرانية تستنزف الشريان الاقتصادي لبوتين"، بقلم الكاتب والسياسي البريطاني بوب سيلي.
ورأى سيلي أن اجتياح أوكرانيا آخذٌ في التحوّل إلى "حرب صواريخ بعيدة المدى"، حيث ينشُد كلّ من طرفَي الحرب تميزاً عسكرياً بعيداً عن فِخاخ الموت المنصوبة في خنادق الشرق الأوكراني.
وأشار الكاتب إلى أن الساعات القليلة الماضية شهدتْ إعلان أوكرانيا استهداف مصانع للنفط والكيماويات في العمق الروسي وفي شبه جزيرة القرم المحتلة؛ بينما أعلنت روسيا في المقابل إطلاق 38 مسيّرة لاستهداف مصانع للغاز وأهداف مدنية في شرق وشمال أوكرانيا.
وتساءل صاحب المقال عن الهدف من حرب الصواريخ هذه؟ وهل تقرّر هذه الحرب مَن هو المنتصر في هذا الصراع؟
ورأى الكاتب أن روسيا تستهدف تدمير شبكة الكهرباء الأوكرانية، وأن بوتين يرغب في أن يتجمد المواطنون الأوكرانيون من البرد، وأن يسحق إرداتهم في المقاومة؛ وعلى الجانب الآخر، تستهدف أوكرانيا - بحسب الكاتب - تقويض قدرة روسيا على تمويل الحرب عبر تدمير شركات تكرير النفط والموانئ وتعطيل الحياة المدنية نتيجة لذلك.
وعليه، فإن "أهداف روسيا هي مدنيّة بالأساس، بينما أهداف أوكرانيا اقتصادية بالأساس"، وفقاً للكاتب.
ولفت بوب سيلي إلى أن أسلحة بوتين بعيدة المدى تتمثل في مُسيّرات شاهد إيرانية التصميم، فضلاً عن استخدام الصواريخ الباليستية وقنابل غلايد المدمّرة.
في المقابل، أخذتْ أوكرانيا تكثّف من استخدام أسلحة بعيدة المدى كما لم تكن تفعل قبل عام، حينما كانت تفتقر إلى القدرة على ضرب أهداف داخل روسيا؛ لكنّ هذا قد تغيّر الآن – فأصبحت كييف قادرة على استخدام أسلحة بعيدة المدى وبشكل مُنتظم ضد روسيا.
ورأى الكاتب أن الاقتصاد الروسي أصبح على رأس أهداف الأوكرانيين، لا سيما مصافي النفط، حيث يشكل الغاز والنفط نسبة تتراوح بين 15 إلى 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الروسي، كما أنّ مبيعات النفط المُكرّر إلى الأسواق التركية والصينية والبرازيلية على سبيل المثال تُشكّل نسبة مُعتَبرة من الصادرات الروسية.
ورأى صاحب المقال أن الاقتصاد الروسي يتأثر بالفعل، مشيراً إلى أن الحرب الأوكرانية تكلّف الحكومة الروسية أكثر من 500 مليون دولار يومياً، فضلاً عن أن 40 في المئة من الموازنة الفيدرالية الروسية مخصصة للدفاع.
وقال الكاتب إن الروس أظهروا مرونة حتى الآن، لكنْ كُلّما طال زمن الصراع، زادت خسائر النفط والغاز الروسي، وزادت تبعاً لذلك مستويات التضخّم وتدهورتْ مستويات النموّ - وبدأ كل ذلك يؤتي ثماره.
ورأى صاحب المقال أن الأوكرانيين يرغبون في "مواصلة الضرب على هذا الجُرح الروسي النازف حتى ينمو إلى شيء أكبر".
"هل تقتل بليم باريس؟"
ونختتم جولتنا من مجلة فورين بوليسي الأمريكية ومقال بعنوان "هل تقتل بليم باريس؟" بقلم نايغل بيرفيس، الناشط في مجال المناخ والباحث في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بالولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار الكاتب إلى مدينة بليم البرازيلية والتي من المقرر أن تشهد انعقاد مؤتمر كوب 2030 للمناخ في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والذي يعدّ الأول من نوعه منذ عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض.
وقال الكاتب إن قادة العالم في هذا المؤتمر المرتقب سيواجهون أعمق أزمة عرفتْها السياسات المتعلقة بالمناخ منذ انهيار "بروتوكول كيوتو".
ورأى صاحب المقال أن ترامب قد يكون سَرّع من وتيرة الأزمة وزاد من حِدّتها، لكنّ جذورها تعود إلى اتفاقية باريس للمناخ 2015.
وقال الكاتب إن اتفاقية باريس رغم أنها كانت ذات يوم تعتبر الأنجح على الإطلاق في بابها، لكنها فشلت حتى الآن في اتخاذ خطوة فعالة لتفادي وقوع الكارثة.
ورأى بيرفيس أن اتفاقية باريس للمناخ تواجه خطر الموت في نظر جيل جديد من ناشطي المناخ، وأنّ مصيرها لا يزال غير مؤكد ريثما تخضع للفحص – وهذا ما يمثّل مؤتمر كوب 2030 فرصة للقيام به.
ونوّه الكاتب إلى أن العالم قبل اتفاقية باريس للمناخ كان يهرول على منحدر الاحترار صوب 6 درجات مئوية، أما اليوم وبفضل الاتفاقية ذاتها فإن درجة الاحترار العالمي المتوقّعة انخفضت إلى نحو نصف هذه الدرجة.
ونبّه الكاتب إلى أن المؤتمر لن يقدّم اتفاقية جديدة، ولكنه سيقرّر ما إذا كانت اتفاقية باريس قادرة على مواكبة اللحظة السياسية الراهنة.
ولفت صاحب المقال إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة التي انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ – وقد فعلتْ ذلك مرّتين، كلتاهما في ظل ترامب.
وقال الكاتب إن سياسة ترامب الخارجية ترى أن الهيمنة الأمريكية عالمياً تعتمد على الهيمنة على الطاقة، وأن الحفاظ على هذه الهيمنة يتطلب التوقف عن التحوّل إلى الطاقة النظيفة.
لكنْ "في المقابل، يؤمن المجتمع الدولي بأن ثورة التحوّل إلى الطاقة النظيفة لا يمكن إيقافها، وبأن ثمن مقاومة هذه الثورة هو ثمن فَلكيّ"، على حدّ تعبير الكاتب.
وعزا الكاتب إلى ذلك الإيمان فشلَ فريق ترامب على مدار سنوات في تحويل المجتمع الدولي عن دعم اتفاقية باريس للمناخ التي "ظلتْ مرآة للتعاون الدولي حتى في وجه الاختلافات السياسية".
ومع ذلك، فإن اتفاقية باريس للمناخ بعد مرور عشر سنوات من ولادتها تواجه تحديات؛ فثمة دول عديدة لا تلتزم بشكل تام بالتدابير التي تعهّدت بالالتزام بها سواء في 2020 أو 2025 - وفقاً للكاتب.

