اخبار العالم

محمد بن سلمان في واشنطن: الدفاع والاستثمارات أولاً، ولا للتطبيع حالياً

  • محمد بن سلمان في واشنطن: الدفاع والاستثمارات أولاً، ولا للتطبيع حالياً 1/7
  • محمد بن سلمان في واشنطن: الدفاع والاستثمارات أولاً، ولا للتطبيع حالياً 2/7
  • محمد بن سلمان في واشنطن: الدفاع والاستثمارات أولاً، ولا للتطبيع حالياً 3/7
  • محمد بن سلمان في واشنطن: الدفاع والاستثمارات أولاً، ولا للتطبيع حالياً 4/7
  • محمد بن سلمان في واشنطن: الدفاع والاستثمارات أولاً، ولا للتطبيع حالياً 5/7
  • محمد بن سلمان في واشنطن: الدفاع والاستثمارات أولاً، ولا للتطبيع حالياً 6/7
  • محمد بن سلمان في واشنطن: الدفاع والاستثمارات أولاً، ولا للتطبيع حالياً 7/7

الرياص - اسماء السيد - منذ آخر زيارة لولي العهد السعودي، الأمير ، إلى واشنطن في مارس/آذار 2018، وحتى الزيارة التي يستهلها الإثنين إلى العاصمة الأمريكية، مضت سبع سنوات، مرّ خلالها المشهد بتحوّلات كبيرة وجذرية. اليوم ليست كما كانت قبل هذه السنوات السبع؛ فقد أظهرت – كما يرى ساستها ومراقبون - قدرتها على لعب أدوار مؤثّرة على مستويات عدةّ، اقتصادياً وسياسياً واستراتيجياً.

على الصعيد الاقتصادي، رسّخت المملكة دورها المحوري في سوق الطاقة العالمية من خلال موقعها المؤثّر في تحالف "أوبك بلس"، ما منحها قدرة أكبر على التأثير في أسعار النفط واستقرار الأسواق الدولية. كما شرعت في فتح أبوابها للاستثمارات الأجنبية بشكل غير مسبوق، سعياً لتنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد التقليدي على النفط، وجذب التكنولوجيا والخبرات العالمية لتعزيز قدرتها التنافسية في المنطقة.

يجلس قادة خليجيون وأمريكيون وروسيون على طاولة اجتماعات كبيرة لونها بني خلفهم أعلام دولهم.
Getty Images
استضافت الرياض محادثات روسية أمريكية في فبراير/ شباط الماضي

وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي، برزت السعودية كلاعب أساسي في الوساطة الدولية، خاصة في ما يتعلّق بالحرب الروسية الأوكرانية، من خلال لعب دور الوساطة في هذا الملف، بما شمل استضافتها محادثات بين موسكو وواشنطن. كلّ هذه الجهود تُظهر تحوّلاً في دور الرياض على الساحة الدولية، من التركيز على الاقتصاد والنفط إلى الانخراط في الملفّات الإقليمية والدولية المرتبطة بالسياسات والأمن والاستقرار.

ماذا تريد الرياض من واشنطن؟

تركّز زيارة ، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن في المقام الأوّل على تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، غير أن الرياض تضع نصب أعينها أيضاً إمكانية التوصل إلى اتفاقية دفاعية شاملة. ولكن هذا المسار لا يزال معقّداً، إذ يتطلّب إقرار الكونغرس، وهو ما تسعى الإدارة الأمريكية لتأمينه لضمان بقاء السعودية شريكاً استراتيجياً في الفلك الأمريكي، بعيداً عن نفوذ الصين وروسيا.

ترامب يقف مقابل سيارة يرتدي لباساً رسمياً كحلي اللون وربطة عنق تبدو خمرية اللون وقميصاً أبيض، خلفه تماماً ولي العهد السعودي مرتدياً اللباس التقليدي
Getty Images
زيارة الرئيس الأمريكي إلى السعودية في الربيع الماضي في إطار جولة خليجية شملت الإمارات وقطر

مع ذلك، تشير التقارير القادمة من واشنطن إلى أن الوقت لا يزال مبكراً لإبرام اتفاق دفاعي كامل بين البلدين، وأن البديل المطروح حالياً يتمثّل في صياغة اتفاق مماثل لذلك الذي وُقّع أخيراً مع الدوحة. وجاء هذا الاتفاق في إطار ما يُعرف بـ"الأمر التنفيذي"، الذي يتيح للولايات المتحدة الالتزام باعتبار أي اعتداء على الدوحة تهديداً للسلم والأمن الأمريكييْن، مع إمكانية تعديل أو إلغاء هذا الالتزام تبعاً لأي تغيّر قد يطرأ على هوية الإدارة التي تمسك بزمام الحكم في واشنطن.

الكاتب السياسي السعودي سالم اليامي، أكد أن القيادة السعودية تسعى لامتلاك قدرات دفاعية متطوّرة تحمي المملكة، معتبراً في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي، أن السعودية "دولة لها وزنها ومكانتها وتأثيرها، لذا هي تبرم اتفاقيات ومعاهدات وتحالفات مع دول وليس مع أشخاص". وقال في الوقت نفسه إنه من الطبيعي ألا تكون الولايات المتحدة سعيدة بحصول السعودية على تقنيات عسكرية من أطراف دولية أخرى، في إشارة إلى الصين وروسيا.

طائرة مقاتلة تحلق في سماء صافية
Getty Images
تطمح الرياض إلى شراء 48 مقاتلة من طراز F-35

وعلى الصعيد الدفاعي أيضاً ولاسيما في مجال التسلّح، تطمح السعودية إلى الحصول على 48 مقاتلة من طراز F-35 .

وقد أحرزت الصفقة ـ بحسب ما نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أمريكيين ـ تقدّماً داخل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إلا أن موافقة الكونغرس لا تزال تمثّل عقبة أساسية أمام إتمامها. كما تواجه الصفقة تحدّيات إضافية، أبرزها حرص واشنطن على الحفاظ على التفوّق العسكري لإسرائيل في الشرق الأوسط.

وعن هذا الموضوع قال المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية وعضو الحزب الجمهوري حازم الغبرا إن موضوع F-35 أمر معقّد دائماً، ومع ذلك توقّع أن تتم مناقشته خلال زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن. وأضاف في حديث مع بي بي سي نيوز عربي أن هناك رغبة في أن تكون المملكة شريكاً أساسياً للولايات المتّحدة، وبالتالي فإنه من الصحي أن يكون هذا الشريك الأساسي لديه ما يكفي من الأسلحة المتطوّرة للدفاع عن نفسه.

ماذا تريد واشنطن من الرياض؟

ترغب الولايات المتحدة في أن تُقدِم السعودية على خطوات واضحة تجاه التطبيع مع إسرائيل، وعندها فقط يُتوقع أن تُخفّف القيود المفروضة على أي معاهدة دفاعية شاملة أو صفقة لبيع أسلحة متقدّمة.

وفي هذا السياق، أكّد المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية وعضو الحزب الجمهوري، حازم الغبرا، أن أي اتفاق من هذا النوع يجب أن يُبرم في ظلّ ظروف مناسبة، بعيداً عن أي ضغوط أو مغريات، مشيراً إلى أن الهدف الحقيقي يكمن في تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، وليس مجرّد سلام مؤقت. وأضاف أن الظروف الحالية لا تزال غير مؤاتية لأي خطوات تطبيع بين البلدين، ومن غير الصحيح الضغط لإتمامها في هذا التوقيت، بحسب قوله.

في المقابل، تواصل الرياض التشبث بمسار واضح لحل الدولتين، معتبرةً ذلك شرطاً أساسياً لأي خطوات نحو التطبيع مع إسرائيل. وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب السياسي السعودي سالم اليامي أن ملف التطبيع من الملفات الحاضرة دائما، لكن القناعات السعودية واضحة برأيه، قائلا: " تؤمن المملكة بأن يتّجه مسار السلام العربي الإسرائيلي إلى الحلول السلمية، وإلى السلام الاستراتيجي الذي يوفّر أمناً واستقراراً للمنطقة بأكملها، وهذا يأتي من خلال تحقيق دولة حقيقية قابلة للحياة للشعب الفلسطيني".

علما السعودية وإسرائيل مدموجان بجانب بعضهما.
Getty Images
الرياض: حلّ الدولتين شرط أساسي للتطبيع مع إسرائيل

وكانت الرياض قد نقلت – وفقاً لوكالة رويترز للأنباء - رسالة إلى واشنطن قبل أيام بشأن سياستها تجاه إسرائيل، وحرصت على إرسالها، قبيل الاجتماع المرتقب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ولي العهد السعودي. وبحسب الرسالة التي نقلتها الوكالة عن مصادر سعودية، فإن موقف السعودية لم يتغيّر: "الاتفاق على مسار إقامة الدولة الفلسطينية هو السبيل الوحيد لإقامة العلاقات مع إسرائيل".

لكن، بحسب تحليلات عدّة، يتركّز ما تصبو إليه واشنطن فعلياً من الرياض على توسيع حجم الاستثمارات المتبادلة بين البلدين. وبدا ذلك جليّاً من خلال الزيارة التي أجراها ترامب إلى السعودية في الربيع الماضي، وأسفرت عن تعهّدات سعودية باستثمارات بلغت قيمتها نحو 600 مليار دولار أمريكي.

ومن المقرّر أن تُناقش الاستثمارات المتبادلة بشكل موسّع في المنتدى الاستثماري السعودي الأمريكي، المتوقع عقده في اليوم الثاني للزيارة، أي في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، بمشاركة كبار رجال الأعمال والمستثمرين من البلدين.

وعلى أي حال، تبقى المصالح الاقتصادية الهدف الأساسي للبلدين: فبالنسبة للولايات المتحدة، تهدف واشنطن إلى ضمان بسط نفوذها الاقتصادي ومواجهة تصاعد نفوذ بكين، أما بالنسبة للسعودية، فتأتي هذه الاستثمارات، في صلب رؤية "السعودية 2030"، الرامية إلى تشجيع الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط.

علما السعودية والولايات المتحدة خلفهما سماء زرقاء فيها سحب بيضاء
Getty Images
المصالح الاقتصادية الهدف الأساسي للبلدين

في المحصّلة، تتجاوز زيارة محمد بن سلمان إلى واشنطن كونها حدثاً دبلوماسياً عابراً، لأنها تترجِم سعي المملكة لترسيخ دورها كلاعب استراتيجي فاعل، يجمع بين تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال استثمارات ضخمة، والحفاظ على مواقف سياسية متوازنة تحمي مصالحها الإقليمية، وفي الوقت نفسه تلبّي تطلعات شركائها الدوليين وفي طليعتهم الولايات المتّحدة.

كما تعبّر الزيارة عن اختبار حقيقي لشراكة الرياض وواشنطن، اختبار يقيس قدرتهما على التوفيق بين النفوذ الاقتصادي والأمني والسياسي، ويبرز مدى تمكّن الطرفين من إدارة الملفّات الحسّاسة، مثل الدفاع والتطبيع والأمن الإقليمي، في ظلّ بيئة إقليمية ودولية معقّدة ومتغيّرة.

026d1a9e97.jpg

Advertisements

قد تقرأ أيضا